عامر عبود الشيخ علي
ضيّف "تجمع شارع المتنبي" الثقافي، صباح الجمعة الماضية، الباحث موفق خلف غانم الذي تحدث عن كتابه الموسوم "نزيهة الدليمي ودورها في الحركة الوطنية والسياسية في العراق"، بحضور جمع من المهتمين في الشأن السياسي.
الجلسة التي التأمت على قاعة "علي الوردي" في المركز الثقافي البغدادي بشارع المتنبي، والتي أدارها الناشط عباس حسن، استهلها الضيف بالقول ان هناك عوامل عدة ساهمت في نهوض وتطور الحركة النسوية في العراق، من بينها نظرة البريطانيين الى المرأة مقارنة بأسلافهم العثمانيين "إذ ظهر هذا الاختلاف في توجههم نحو ضرورة تعليم المرأة وزيادة عدد المدارس".
وأضاف قائلا ان هناك عاملا آخر ساهم أيضا في تطور الحركة النسوية، وتمثل في إقدام بعض رجال الدين والشعراء والشخصيات الثقافية، على المطالبة بحقوق المرأة، خاصة حقها في التعليم. لكن أهم عامل أدى إلى نهوض المرأة العراقية في رأيه هو دخول الفكر الماركسي إلى العراق، وظهور "حركة متدارسي الأفكار الحرة"، التي أسسها حسين الرحال.
بعدها تحدث غانم عن رائدة الحركة النسوية نزيهة الدليمي، ومسيرتها التعليمية ودخولها مدرسة تطبيقات دار المعلمات عام 1930 وتأثرها بإحدى معلماتها (سعدية سليم) التي كانت تدعو في تدريسها الى التحرر والانفتاح كشرط اساسي لبناء مجتمع حديث ومتطور، يكون للمرأة دور فيه، مبينا ان "تلك التعاليم أثرت على بناء شخصيتها وساهمت في تميزها عن طالبات المدرسة، ما دعاها إلى ان يكون لها دور خاص في المجتمع".
ثم استعرض نشاطات نزيهة الدليمي في الجمعية النسائية لمكافحة النازية والفاشية، وقال ان الدليمي تعرفت على نشاط تلك الجمعية التي تأسست عام 1942 عن طريق زميلتها فكتوريا نعمان، ما اتاح لها حضور ندوات الجمعية، مضيفا انها، ولدورها البارز والمتميز، انتخبت ضمن الهيئة الادارية للجمعية التي اطلق عليها منذ نهاية عام 1945 "جمعية الرابطة النسائية".
واوضح الضيف ان وجود نزيهة الدليمي في "جمعية الرابطة النسائية" تزامن مع ظهور حزب التحرر الوطني، وانه لاتساع المساحة التي يمارس فيها الحزب نشاطه، لا سيما بين الطلبة، قررت الدليمي الانتماء اليه، ومافتئت ان انتمت الى الحزب الشيوعي العراقي عام 1947 بسبب عدم منح حزب التحرر إجازة.
وأشار غانم إلى ان نزيهة الدليمي، كطبيبة، افادت من خدماتها المهنية في بغداد والسليمانية وكربلاء، في الاطلاع على احوال المرأة ومعاناتها، وعلى حياة نساء المدن العراقيات اللاتي لم يكن احسن حالا من نظيراتهن في الريف، مبينا ان هذا كله دعاها الى تشكيل جمعيات مهمتها العمل بين النساء وتثقيفهن والمطالبة بحقوقهن، وعلى إثر ذلك عقد اجتماع موسع للنساء العراقيات عام 1952 اعلن فيه عن تأسيس "رابطة الدفاع عن حقوق المرأة"، وتم انتخاب نزيهة الدليمي كأول رئيسة للرابطة.
ولفت الضيف إلى انه في عام 1959، صدر مرسوم جمهوري بمنح الدليمي منصب وزيرة البلديات، لتكون اول امرأة وزيرة في العراق والمشرق العربي، موضحا انها قدمت خدمات كثيرة خلال عملها في الوزارة، على الرغم من قصر مدة استيزارها التي دامت عشرة شهور، ومضيفا انها بعد ذلك شغلت منصب وزيرة الدولة لشؤون المرأة.
واشار غانم إلى ان الدليمي مارست الكتابة حول قضايا المجتمع والمرأة في مرحلة مبكرة من حياتها، وواصلت هذا النشاط حتى أقعدها المرض في أواخر أيام حياتها، مبينا ان هناك عوامل ساعدت على تنمية قدرتها في الكتابة، أهمها اطلاعها على الواقع الاجتماعي المرير للشعب، إلى جانب اتقانها ثلاث لغات بالإضافة إلى لغتها العربية الأم.
وفي الختام قدم الناشط الحقوقي محمد السلامي شهادة تقدير باسم "تجمع شارع المتنبي" إلى الباحث موفق خلف غانم.