تحتل الموانئ العراقية اهمية كبيرة في حركة التجارة العراقية  اذ تعتبر المنفذ الاقتصادي الوحيد الى العالم عبر البحار ،  تصديرا واستيرادا ، فضلا عن كونها تقع ضمن منطقة التنافس والصراع لعقود تاريخية والتي اثرت في بلورة تاريخها الجغرافي ودورها التنسيقي بين  الدول المجاورة؛ الكويت وايران والسعودية التي ترتبط بالعراق بوشائج اقتصادية واجتماعية .

و رغم العمق التاريخي لهذه الموانئ الا انها لم تنهض اتساعا وتطورا مثل الكثير من الموانئ  العالمية القريبة منها  او البعيدة ، لانها تصطدم بتحديين كبيرين الاول يتمثل في العوامل  الاقتصادية والفنية التمكينية ،والثاني يتمثل في سعي بعض الاطراف السياسية نحو استغلال الموانئ للاستحواذ على مصادر التمويل السياسي .ويتجلى العامل الاول  بامتناع الدولة عن توفير التخصيصات المالية  الكافية لتطوير هذه الموانئ  باستخدام وسائل التكنولوجيا في اداء وظائفها  على الرغم من الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع اسعار النفط ،  بالاضافة الى  منافسة موانئ الدول القريبة مثل الامارات وقطر وموانئ الدول المجاورة ( الكويت ، الاردن ،سوريا ، السعودية وايران) وتردي الاعماق في الممرات الملاحية وواجهات الارصفة خاصة ميناء ام قصر وميناء خور الزبير ، كذلك  كثرة الغوارق في الممرات الملاحية من مخلفات الحروب وعدم مواكبتها تطورات النقل البحري الحديث ممثلا بسفن الحاويات وعدم استخدام الانظمة الالكترونية الحديثة للتعامل مع هذه السفن .وكل هذه المعوقات قادت الى انخفاض الطاقة الاستيعابية لأرصفة الموانئ الحالية وعدم توفر الغاطس المناسب لسفن الحاويات الذي يؤدي بدوره الى عدم توافر العوامل المشجعة لجذب السفن ذات الحمولات الكبيرة وسفن الحاويات مما تؤدي الى انخفاض مستوى الحركة التجارية عبر البحار .

اما التحدي الثاني وهو الاخطر لارتباطه بعاملين سياسي وجنائي فيجدان تعبيرهما  في  قيام اطراف سياسية بتقديم الاسناد الى مجموعات من المافيات الطفولية التي اعتاشت على موارد الموانئ دون حساب للأجهزة الرقابية والاجهزة الامنية المكلفة بحماية الاقتصاد من مخاطر التجارة الموازية والموانع القانونية الناظمة لحركة تشغيل هذه الموانئ  ولطالما  اثيرت هذه الاشكاليات  في مجلس محافظة البصرة دون ان يستطيع الحد من هذه الممارسات الابتزازية  بسبب المساومات بين الاطراف  المتناكفة التي تتشارك في تقاسم الحصص ومما شجع على تعاظم دور هذه المنظومات عدم قدرة الشركة العامة للموانئ على فرض سيطرتها على ادارة الموانئ لوحدها بسبب وجود دوائر خارج هيكليتها ومنها المراكز الكمركية والتي فيها تتركز عمليات الفساد والمساومات التي تنعكس في نهاية المطاف على موارد الدولة المالية خاصة والاقتصاد الوطني عامة ، اضافة الى وجود المراكز الصحية ودوائر تابعة لوزارة الصناعة والتجارة والمالية والزراعة والنفط والداخلية وكلها  تربك الى حد ما الاجراءات الفنية والادارية التي تمارسها الشركة العامة للموانئ وتشكيلاتها.

وبناء على ما تقدم فان وزارة النقل وغيرها من الوزارات المتواجدة في الموانئ وبدعم حكومي ثابت مطالبة بوضع استراتيجية واضحة لتطوير الموانئ ومن خلالها تنشيط ادارتها  عبر الاجراءات التالية  :

  • ابعاد التدخلات الفظة للجهات السياسية الداعمة لمافيات الفساد العابثة بديناميكية الحركة الاقتصادية في الموانئ والمعطلة لمشاريعها في التطوير عبر نهب موارها دون مراعاة القوانين والاستهتار باجراءتها الادارية ، باحالتها الى القضاء وكشفها للراي العام العراقي .
  • السعي من اجل توسيع الاسطول البحري وفق خطة مبرمجة تاخذ في الاعتبار امكانية المشاركة مع القطاع الخاص بسبب عدم توافر الموارد المالية الحكومية الكافية في الوقت الحاضر عبرالاستثمار بما فيه الاجنبي لانشاء اسطول بحري يضم بواخر لنقل الحاويات وبواخر لنقل البضائع على اختلاف انواعها والانتهاء من اخراج الغوارق واستكمال الارصفة .
  • العمل على استكمال القاعدة التحتية لميناء الفاو الكبير سواء استكمال الغواطس والارصفة التي ترتبط بمناطق التفريغ والشحن والمخازن والمنشئات الادارية والمجمعات السكنية فضلا عن توصيلها بخطوط النقل البري وسكك الحديد ومناطق التجارة الحرة والمطار الدولي لاسيما وان هذه المشاريع قد خطط لهام في عام 2004 لتربط دول الخليج العربي بتركيا ومنها الى اوروبا ويصبح العراق رابطا مهما بين الشرق والغرب .
عرض مقالات: