نشر موقع الكتروني امريكي مؤخرا - حسبما نقلت  وكالات الانباء - تقريرا يفيد ان رئيس مجلس وزرائنا اسس في تشرين الأول الماضي خلال زيارته لندن مع وفد رسمي، تحالفا جديدا  اطلق عليه اسم “مجموعة الاتصال الاقتصادي للعراق”، وهي تتكون من “مجموعة الدول السبع، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والبنك الأوربي للانشاء والتعمير، ووزارة المالية العراقية، والبنك المركزي العراقي، واللجنة المالية ابرلمانية العراقية “. والملاحظ هنا غياب وزارة التخطيط، وهي الجهة التي يفترض انها مسؤولة، على الأقل، عن المشاريع الاستثمارية وما يخصص لها من أموال وعن مراقبة التنفيذ والصرف. 

هذا التحالف ماذا يفعل وما هي أهدافه ؟ التقرير المنشور يقول انه “يجتمع كل ثلاثة أشهر لرصد التقدم الاقتصادي في العراق، وسيقدم خارطة طريق لدعم الأولويات على صعيد الإصلاح، ولحشد الدعم الدولي والاستفادة من الخبرات الدولية في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وإضافة تغييرات حيوية لتحقيق النمو الاقتصادي. ومن المقرر أن يعمل التحالف لمدة ثلاث سنوات”.

لكن وزير المالية العراقي يضيف مهمات أخرى لهذا التحالف، حيث يقول المصدر ذاته إنه “سيوفر خبراء في إدارة القطاعات الاقتصادية، يعملون كمستشارين للحكومة، مع التركيز بنحوٍ أساس على إصلاح الاقتصاد وتحسين الأداء الإداري للقطاعين العام والخاص”.

وأضاف الوزير ان التحالف “سيساعد العراق على استعادة الأموال التي سُرقت قبل عام 2003 وبعده، والتي بلغت أكثر من 150 مليار دولار منذ ظهور المؤسسة السياسية الحالية”.

وارتباطا بهذا “ التحالف الجديد “ نقول ان هناك هيئات ووزارات ومستشارين عديدين يعملون في الدولة العراقية  لهم صلة بالمال والاقتصاد مباشرة، نذكر منهم وزارة المالية، ووزارة التخطيط، واللجنة الاقتصادية في مجلس الوزاراء، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، والبنك المركزي العراقي ، واللجنة  الاقتصادية البرلمانية، واللجنة المالية البرلمانية، ولجنة النزاهة البرلمانية، وديوان الرقابة المالية، وهيئة النزاهة، وهيئة الاستثمار، وهيئة المستشارين ( ذات القوام المترهل )، والمستشارين الماليين والاقتصاديين في مجلس الوزراء ومجلس النواب ورئاسة الجمهورية، ومثلهم المستشارون  في الوزارات، خاصة الزراعة، والصناعة والتجارة، فضلا عن عشرات  غيرهم من المتخصصين العراقيين في الجامعات العراقية، ما يتوفر من كوادر اخرى متخصصة خارج مؤسسات الدولة ، داخل الوطن وخارجه .

فهل كل هذا الجيش العرمرم فاشل وعاجز عن تحديد أولويات وحاجات بلدنا، وعن رسم السياسات الصحيحة الضرورية لانتشال البلاد التي تكاد تغرق في ازمة مالية واقتصادية، حذر منها وزير المالية نفسه؟ ولماذا نلجأ الى آخرين فيما العاملون في الدولة الذين يتسلمون الرواتب منها باقون في مواقعهم ولا يقدمون شيئا ؟ وهل ان مستشاري “ التحالف الجديد” هذا يعملون مجانا لوجه العراق ؟

والغريب أيضا ان ما اعلن على لسان الوزير من رقم عن حجم السرقات قبل وبعد ٢٠٠٣ متواضع كثيرا. فالاموال المهدورة والمسروقة بعد ٢٠٠٣  وحتى ٢٠١٩، بلغت ٤٥٠  مليار دولار حسب تصريح لرئيس الوزراء المستقيل ، فيما بلغ حجم الموازنات العامة  ٨٥٠ مليار دولار!

وإذ لا نجد ضيرا في الاستفادة من خبرات الغير، نشدد على الاسس التي يتم ذلك بموجبها،  ولمصلحة من توضع السياسات والخطط . فاذا كانت على غرار”الورقة البيضاء” المفرطة في نهجها الليبرالي، فان الكتاب يُقرأ من عنوانه كما يقال !

عرض مقالات: