لا اريد ان اناقش التخبط في السياسة العراقية واسباب الخراب الذي حل بالبنى التحتية في بلدنا من صحة وتعليم وثقافة وكهرباء وصناعة وزراعة وغيرها من الخدمات، ولكني اود ان اشير الى ان بلدانا لا تمتلك ربع ميزانية العراق ولا تمتلك الموارد الطبيعية التي نمتلك، وميزانيتها اقل من ثلاثين مليار دولار ومع هذا تخصص ما يقارب 180 مليون دولار لبناء مسرح وسط عاصمة بلادها. انها المغرب الجميل الزاخر بمهرجاناته الثقافية طيلة العام، والذي اعلن عن افتتاح مسرح الرباط الكبير.
والمفاجأة الجميلة ان مصممة هذا الصرح الكبير هي المهندسة العراقية الراحلة زها حديد! انحني احتراما لمن ساهم ببناء وانجاز هذا المَعْلم الذي سيبقى ذخرا للأجيال القادمة.
وتضيف الاخبار ان الميزانية السنوية المغربية تخصص 47.5 مليون درهم (حوالي خمسة ملايين دولار أميركي) لدعم الصناعات الثقافية وتنظيم المهرجانات، علما ان عدد المهرجانات الفنية المحلية والدولية في المغرب يزيد على خمسمائة مهرجان!
بينما نحن في بغداد لم نستطع ان نقيم مهرجانا دوليا واحدا متميزا! والبنية التحتية متهرأة، فلولا جهود كادر دائرة السينما والمسرح المبذولة مؤخرا لما تم بناء مسرح اشور الصغير داخل بناية المسرح الوطني، ولا كان بالإمكان السعي لاستعادة مسرح الرشيد الذي ما زال بحاجة الى اموال طائلة لتعمير بنايته المكونة من خمسة طوابق!
وما زالت ملفات الفساد في وزارة الثقافة العراقية تزكم الانوف! وها هي محكمة التمييز الاتحادية تحكم لصالح وزارة الثقافة في قضية مشروع دار الأوبرا بعد اثبات إخلال الشركة المتعاقد معها بشروط التعاقد. وجاء قرار التمييز لأنَّ الشركة المتعاقد معها أخلت بالتزاماتها التعاقدية فلا تستحق المبلغ الوارد في قرار محكمة الاستئناف ولا تستحق التعويض، وقد تأكد اخلالها بالتزاماتها. ولكن هل تمت محاسبة هذه الشركة والمسؤولين عنها في قضية دار الاوبرا الذي كلف الدولة ملايين الدولارات!
الجدير بالذكر أنَّ عقد إنشاء دار الأوبرا كان قد أبرم عام 2011 ورغم منح مدةٍ إضافيةٍ من قبل الوزارة للشركة إلا إنها بقيت متلكئةً، ولم تحقق تقدماً في إنجاز الأعمال المتعاقد على تنفيذها، مما حدا بالوزارة إلى سحب العمل منها طبقاً للتشريعات القانونية النافذة، وهذا ما أيدته محكمة التمييز الاتحادية في قرارها المنوه عنه.
في عام 2013 كانت السلفة التشغيلية السنوية لدائرة السينما والمسرح تصل الى مائتين وخمسين ألف دولار او ازيد قليلا، وبدأت تنخفض تدريجيا حتى وصلت الى الصفر في بحر 2015! ونفس الشيء بالنسبة لميزانية وزارة الثقافة التي تتناقص سنويا حتى اصبحت تتمتع بالاصفار بعد الفارزة!
لكي نخطو خطوة الى الامام نحتاج الى سلطة تؤمن بأهمية الفن والثقافة والادب في بناء الانسان سوية مع الاوطان!

عرض مقالات: