استقيت هذا  العنوان من صدر بيت شعر معروف وقع عليه نظري في موقع للتواصل الاجتماعي. فهو مجرد تحوير لذلك الصدر:

لا تشك للناس جرحا انت صاحبه

لا يؤلم الجرح الا من به ألم

ولست هنا  بصدد معنى البيت الذي لا يكاد يجهله أحد، ولكن اذا توقفنا عند تحويره بالشكل الوارد في العنوان، فسنجد فيه عتبا على المواطن الذي لم يتعظ ولَم يأخذ بالقول  الشائع:

“ لا يلدغ المرء من جحر مرتين “ . وكم مرة لدغ  مواطننا، وكم مرة  عض على اصبعه بل وهدد - على ما نُقل - بقطعه بعد ان تلون بالبنفسحي وانتخب من ظهر انه غير آهل للانتخاب. ذلك ان نائبه هذا حين وصل الى كرسي البرلمان “ رفس “ كل ما قاله في حملته الانتخابية، التي كان يتوسل فيها الناخب بكل الطرق والأساليب، بما فيها العشيرة والمنطقة والمذهب والمكوّن.

“لا تشكُ للناس نائبا انت ناخبه” نصيحة للمواطن كي يحسن اختياراته، وينتخب من يستحق ذلك حقا، ويجعل من عملية الانتخاب أداة لعزل واسقاط الفاشلين والفاسدين ومجمل منظومة المحاصصة والفساد.

نعم، بدل الشكوى والندم يوم لا ينفع الندم، يجدر التفكير عميقا كي لا يتكرر المشهد المؤلم في انتخاب أعضاء لمجلس النواب، لا هم لهم  الا تأمين مصالحهم وذواتهم، التي انتفخت كثير على حساب جوع وفقر ومرض ملايين العراقيين، والا إرضاء كتلهم ومسؤوليهم والانغماس معهم في اقتسام الغنائم من المال الحرام.

لقد فصل معظم النواب كل شيء على مقاساتهم، وآخرها اعتمادهم نظام الدوائر البائس الذي اقروه. وهو الذي ارتفعت المطالب بالتخلي عنه  في بلدان عدة، سبق ان تبنته ثم وجدته غير عادل او منصف، ولا يضمن تمثيلا حقيقيا للمواطنين. فكيف الحال في بلادنا وقد قسمت الدوائر فيها على أسس غريبة وعجيبة، لا إدارية، بين كتل سياسية قيل ان عددها لا يزيد على ٣ او 4 كتل، والباقون رضوا بالمقسوم لهم.

في مثل هذه الظروف وامام إصرار المتنفذين على السير بعكس تيار التغيير الشامل وإرادة الشعب والمنتفضين المطالبة به، يكون دور المواطن حاسما في الانطلاق من مصالحه ومصالح المجتمع ككل، قبل أي شي اخر.

يفترض ان ١٧ عاما خلت قد قدمت الكثير من العبر والدروس، وانها وفرت معطيات تساعد على فرز الالوان وتداخلاتها. ثم جاءت الانتفاضة لتعمق هذا الفرز وتبين على نحو جليّ من يقف مع الشعب ومطالبه، ومن يقف ضده ومستعد حتى لاغراقه بالدماء، كما حصل فعلا.

ان المواطن امام خيارات حاسمة، وليس مطلوبا منه التشكي، بل ان يحسم موقفه وينحاز إيجابيا، وفِي ذلك طوق نجاة له ولشعبه ووطنه.

عرض مقالات: