منذ ظهور الوباء في أوائل آذار، والمواطنون بين مدٍّ وجزر مع حظر التجوال!
في البدء تم إعلان حظر التجوال الشامل للمواطنين، لكنه لم يشتمل على أمور أساسية كان على الحكومة حينها أن تتدارس الوضع وتضع الحلول الفورية والناجعة لها، مثل تدبير لقمة العيش والقطاعات الإنتاجية والخدمية والمالية وحركة السوق وذوي الدخل المحدود وما إلى ذلك!
لم تدرسها جيدا، ولم تضع حلاً وان كان مؤقتا، بل تركت الامور على عواهنها وانشغلت بصراعاتها بعيدا عن صحة المواطنين، وكيفية السيطرة على الوباء، رغم ندرة الإصابات في بادئ الأمر، وإمكانية السيطرة عليه بشكل تام!
ورغم برودة الجو حينها، لم تكن هناك إصابات ولا وفيات بهذا العدد!
أخذ الحظر يتفكك شيئا فشيئا على يد المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بالمكوث في بيوتهم دون أدنى بارقة أمل في حلٍ يرتجى هنا أو هناك لأمورهم المعيشية، ما أجبرهم على كسر الحظر والخروج إلى أعمالهم لكسب قوتهم اليومي رغم الخطورة!
كما لم يكن هناك تثقيف بالمعنى المطلوب والشامل لكل الأمور، بالإضافة إلى جهل الأغلبية بآثار هذا الوباء وخطورته وما ستؤدي الإصابة به واستفحال انتشاره بين الناس وعدم السيطرة عليه، ما جعلهم لا يعيرون أهمية حتى للتعليمات والتوصيات مثل لبس الكفوف وارتداء الكمامات وأعمال التعقيم والتعفير، ولا مبالاتهم بالمرض وكأن شيئا لم يكن!
بعد أكثر من ثلاثة أشهر بدأت نسب الإصابات والوفيات تزداد يوما بعد آخر مع ارتفاع درجات الحرارة، ووقوع أعداد من أبطال خط الصد الأول (الكوادر الصحية) في حبائله، وسقوط ضحايا كثيرين ما أثار خوفا وقلقا لدى المواطنين بشكل كبير!
صار المواطن بين نارين، الوباء ولقمة العيش وما بينهما حظر التجوال!
كل هذه الأمور سببها الرئيسي الفساد المستشري في كل مكان منذ عام 2003 ولحد هذه اللحظة، والذي أدى إلى ضياع مليارات الدولارات والميزانيات الانفجارية، وبدلا من بناء منظومة صحية متكاملة من مستشفيات ذات تجهيزات طبية ومستلزمات تقنية حديثة، رحنا نهدر الأموال هنا وهناك!
لو فكّرنا قليلا بأن علينا أن نبني وطنا خرج للتو من أتون نظام ديكتاتوري شغل البلاد والعباد بالعسكرتاريا وحروب لا معنى لها، وشعرنا بانتمائنا الحقيقي لهذه الأرض، لما استطاع أي مرض أن يتغلب علينا مهما كانت شراسته، لأننا سنكون حينها متحصنين بالبناء والعمران والتعليم والإنتاج وفخامة الاقتصاد، ولكن للأسف كل هذا لم يحصل بسبب انعدام الضمير الإنساني وعدم الشعور الحقيقي بالانتماء للوطن والناس وانشغال المعنيين بالمكاسب والمغانم والصراعات على الكراسي فضاع الأخضر واليابس!
لهذا وقفنا حائرين الآن نطلب العون من دول كانت تتمنى وتترجي عوننا لها!
علينا أن نعيد حساباتنا ولو مرة واحدة في العمر لنعرف إلى اين أوصل الحاكمون البلاد والعباد !!