اعاد مسلسل " البرنس" لمؤلفه ومخرجه الفنان الشاب محمد سامي، الروح للدراما المصرية، بعد تراجعها امام الدراما السورية والتركية خلال العقد الاخير. وقد حظى " البرنس" بمتابعة جادة من قبل مختلف الشرائح في الاوساط العربية، حيث استطاع المسلسل ان يعبر منشأه "المحلي" باتجاه المحيط العربي.

تعود اسباب نجاح المسلسل الى كونه اعتمد كشف المستور في المجتمع المصري، باستلهام مبدع من قبل المؤلف للتراث الديني متمثلا بالقصص الواردة فيه، واسقط قصة " يوسف" الشهيرة على حدوتة المسلسل، وفضح " دونية" الاخوة والروح الشريرة التي تتملكهم ( فتحي / احمد زاهر، وياسر / محمد علاء، وعبد المحسن / ادوارد، وعبير / رحاب الجمل)  وقيامهم بالتآمر على اخيهم غير الشقيق رضوان / الفنان محمد رمضان، بسبب الطمع والجشع وحب المال. وقاموا بقتل زوجته وابنه في حادث مرور مدبر من قبل فتحي، وتشريد طفلة رضوان الصغيرة بعد ان تم ايداعه السجن بتهمة ملفقة، يقف وراءها اخوته الاربعة غير الاشقاء الذين ذكرناهم، مع صمت بقية اخوته الاصغر على هذه الجرائم (عادل / احمد داش، ونورا / ريم سامي) .

يفضح المسلسل، بالتورية طبعا، الموقف المضاد لتعدد الزوجات، كما ينوه المؤلف والمخرج محمد سامي، حيث اكد ذاك في لقاء متلفز، كما ينوه بان المال لا يمكن له ان يكون زينة للحياة لان السعادة لا يمكن ان تشتريها بالمال!

حاول محمد سامي ان يجمع عناصر النجاح قبل بدء العمل، اذ صرح بان اختياره لكادر العمل الفني لم يأت عبر المحاباة والواسطات والصداقات، بل جاء بعد دراسة مستفيضة لكل مساهم من ممثلين وتقنيين وفنيين، بالاضافة الى عقد لقاءات عديدة مع الكادر فرادى ومجموعات، واجراء تمارين عديدة قبل البدء بالتصوير. ويقول سامي في هذا الصدد انه لا يمكن ان يقبل للممثل ان ياتي في يوم التصوير وهو لم يكن قد درس الشخصية التي يجسدها، ولم يكن حافظا لدوره!

وهناك عامل اخر يضاف لاسباب النجاح، وهو الميزانية المالية المعتبرة التي وضعتها الشركة المنتجة لاظهار المسلسل بصورة مقنعة وناجحة، بالاضافة للخبرة المتراكمة عند أشقائنا المصريين في هذا المضمار.

وبالرغم من ان بطولة المسلسل قد اسندت للفنان النجم محمد رمضان، الا ان المتلقي كان متلهفا لمتابعة كل الشخصيات، التي استطاعت ان تحقق بطولة جماعية قل نظيرها! وهنا لا يوجد "دور" قصير او طويل، فالجميع كانوا محط اهتمام المتفرج. ومن هنا كان النجاح جماعيا ايضا.

وعلى المستوى الفكري كانت خشيتي من اصرار رضوان على الانتقام من اخوته بشكل شخصي بعد خروجه من السجن، وهو امر مرفوض في ظل دولة تضمن للمواطن كرامته وحقوقه. ولو اكتفى رضوان بمبدأ " السن بالسن " كما قال لحبيبته ( الحلقة 23 )، التي استنكرت عليه الانتقام الشخصي، الا انه اوضح لها انه يتبنى الاية الاشكالية التي تقول: "  إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ .. " (المائدة 33).

ومن المعروف ان " داعش " والقوى التكفيرية تعتمد هذه الاية وتعتبرها سندا لها في التعامل مع الاخر!

اقول ختاما: لا للثأر ولا للانتقام باية صبغة جاء، دينيا او عنصريا او عشائريا او مناطقيا. ونعم للدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة الحقيقية التي تثأر لكل مظلوم بمحاكم وقضاء عادل غير فاسد!

وهي الطريقة المثلى لبناء الوطن، وعدا ذلك فان  الفساد وبيع وشراء الذمم والمناصب سيكون هو السائد. والخاسر الاوحد، في هذه الحالة هو المواطن المستضعف والوطن المستباح!

عرض مقالات: