تناول رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي الأزمة في الوضع الإقتصادي والمعيشي في مقال نشر يوم ١٩ آيار ٢٠٢٠، في عدد من الصحف العراقية. وقد أشار فيه الى إخفاق الحكومات السابقة وتلكؤها في "إعادة تشغيل المصانع المتعثرة بتأمين ما تحتاجه،  لإستيعاب الأيدي العاملة العاطلة، وجرى رفع مستوى التضخم الوظيفي في أجهزة الدولة وما ينطوي عليه من إستنزاف للموارد وبطالة مقنعة".

بطبيعة الحال لا تحتاج الأزمات التي تعصف بالبلد وتنذر بما لا تحمد عقباه، مزيدا من الكلام، فقد سَبَق ان شُخصت أسبابها والمتسببون بها والمسؤولون عنها بوضوح شديد.  فالأزمة المالية وإرتباطها بالأزمة النقدية، وإنعكاسها على الوضع المعيشي وإرتفاع نسبة معدل الفقر، وإتساع ظاهرة البطالة، ان هذا كله نتاج لعوامل هيكلية، ترتبط ببنية الاقتصاد الأحادي، الاقتصاد الريعي، الذي هو من بين  فواعل الأزمة وتفاقمها. 

وقد عقدت لبحث ذلك مئات الورش والندوات، وأجري العديد من الدراسات، وتم بحث موضوعة إستنهاض الإقتصاد وتنميته في عشرات المؤتمرات الرسمية وغير الرسيمة، لا سيما الخاصة بالاقتصاد والمال.  كما لم يُطرح منهاج وزاري لأي حكومة بعد ٢٠٠٣، إلا وتضمن فقرة خاصة بدعم الاقتصاد الوطني. لكن المؤسف أن أمد الاهتمام بذلك لم يتجاوز مدة قراءة الفقرة ذات الشأن في جلسة نيل الثقة. وبعد ذلك توضع شأن المنهاج الوزاري برمته، في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء، لينفض عنه الغبار عند تكليف رئيس وزراء جديد. وعندها يسارع المكلف الى استنساخه وإعادة لصقه، مع تغيير في بعض الصياغات، بهدف تزيين المنهاج الوزاري الجديد لا أكثر.

ان إهمال إقتصاد العراق لم يكن عفوياً، بل جرى عن قصد وتخطيط مُسبّق، وبخطة خبيثة متكاملة وفعل تخريبي غايته إضعاف قدرات العراق وتحويله إلى بلد مستهلك، لا ينتج بل يستورد كل شيء، ولا يصدر سوى النفط، الذي كلما نزل سعره زادت الفاقة، وإنكشفت عورة عقلية الطغمة الحاكمة. 

ان عيون العراقيين تتابع اليوم خطوات رئيس الوزراء الجديد الكاظمي، وتريد ان تراها مختلفة عما درج عليه سابقوه، وان تخرج بمشروع "لتشجيع الصناعة المحلية والانتاج الزراعي والحيواني، من خلال آليات وقروض ميسرة وتطبيق شامل ومدروس للتعرفة الكمركية، بما يتناسب مع حاجة السوق العراقي ومقتضيات المصلحة العامة واولويات الانتاج المحلي". وأن تشكل هذه الفقرة من منهاجه الوزاري، الأساس الحقيقي لرؤية الحكومة الى استنهاض وتنويع الاقتصاد العراقي وتطويره، وفق إستراتيجية متكاملة للتنمية المستدامة، تستند بالأساس على الصناعة والزراعة والسياحة بكافة أنواعها. ترافق ذلك إجراءات حازمة وديناميكية واثقة، تمنح الأمل للناس، الذين هم السياج الشعبي الكبير الداعم لكل تغيير والمساند له، والذي يحول دون تطاول طغمة الفساد وإمتداداتها الإجرامية.

عرض مقالات: