مسؤول عراقي رفيع المستوى ظهر على احدى القنوات التي تحاول الترويج للنظام السابق، وراح يتحدث بتباهي عن رجالات الزمن الجميل! وهو ليس وحيدا في ذلك، فهناك مجاميع وبالاخص على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث بنفس اللغة ونفس الاتجاه!
فعن اي زمن جميل يتحدث هؤلاء؟!
يتحدثون عن حقبة البعث التي امتدت خمسة وثلاثين عاما، حين كان "القائد الضرورة" يقود الوطن من حرب الى اخرى، ومن خراب الى حصار!
وكانت اولى تلك الحروب الحرب الداخلية التي شنها ضد الحركة الكردية في شمال الوطن، وضد الحركة التقدمية واليسارية في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وبالاخص ضد الحزب الشيوعي العراقي، في كل ارجاء الوطن، واعدم في مفتتحها اكثر من ثلاثين عسكريا بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي، واخضع اكثر من مائة الف مواطن للتحقيق بنفس التهمة، وسلط التعذيب على آلاف منهم لانتزاع الاعترافات، وقتل مئات آخرين تتراوح اعمار اغلبيتهم بين العشرين والثلاثين!
ثم جاءت الحرب ضد الحركة الدينية حتى اصبحت المساجد ودور العبادة مصيدة لعدد كبير من المواطنين!
فعن اي زمن جميل يتحدث هؤلاء؟!
وكانت الحرب الخارجية الاولى مع ايران، حين جرجر "القائد الضرورة" الوطن من اذنيه طوال ثماني سنوات، وراح مئات الالاف من الشباب ضحايا بين قتيل واسير ومعوق، بحجة الدفاع عن البوابة الشرقية! ولتنتهي الكارثة بخسائر بشرية ومادية واقتصادية ليس لها مثيل، وما زال العراق الى يومنا هذا يدفع فاتورة تلك المغامرة، التي لا تليق الا باسمه "قادسية صدام" وليس قادسية الوطن!
اما احتلال الكويت وما تمخض عليها من نتائج، فأمرها معروف للقاصي والداني. حصار مزدوج بشع، افقد المواطن لقمة عيشه وافقد الوطن استقلاله السياسي والجغرافي.
فعن أي زمن جميل يتحدث هؤلاء؟!
عن الطحين المخلوط بنوى التمر؟
عن المواطن الذي يشرب الشاي مخلوطا بنشارة الخشب، ام الذي يضطر لبيع شبابيك داره؟!
عن المثقف الذي اضطرالى عرض مكتبته للبيع؟! ام عن الملايين التي اضطرت ان تفترش ارصفة الغربة بسبب القمع والجوع؟!
عن أي زمن جميل يتحدثون؟
عن المقابر الجماعية، ام عن حملة " الانفال" سيئة الصيت التي راح ضحيها اكثر من مائة وثمانين الف مواطن كردي؟!
هل نسى هؤلاء السلاح الكيمياوي الذي استخدمه النظام في الجنوب وفي الشمال؟ وما زالت جريمة" حلبجة" ماثلة للعيان حيث استشهد اكثر من خمسة الف مواطن خلال دقائق معدودة!
عن أي زمن جميل يتحدثون؟!
اذا كان الوضع اليوم سيئا، فهذا لا يبرر الاسوأ يا سيدي المحافظ!
وسوء الوضع ناجم بكل تاكيد عن سياستكم واعتمادكم المحاصصة نهجا لتقاسم المغانم، والسكوت عن الفساد المالي والاداري الذي يتغذى على هذا النهج القاتل للعباد والبلاد!