ظل الصراع بين الخرافة والعلم، بمختلف صنوفه وابوابه، مفتوحا طيلة القرون الماضية. وكان النصر حليف اصحاب الخرافة بسبب امتلاكهم المال والسلطة. وسقط على مذبح  هذا الصراع عدد كبير من العلماء في التاريخ العربي والعالمي، مرة باسم "مخالفة  المقدس" ومرة باسم الخروج عن سلطة امير المؤمنين! وكل هذا من اجل ترسيخ السلطة التي اعتمدت على نشر " الخرافة"، وما زال الترويج سِنَة للطامعين باستغلال الوعي المتدني للمواطن. فالضرير يستطيع ان يسترجع النور والرؤية اذا لمسه هذا الكاهن او ذاك! والمصاب بالسرطان يشفى بفتح كتاب مقدس بوجهه! اما من يتورط هذه الايام بمرض "كورونا" فما عليه الا قراءة دعاء خاص" بطريقة ببغائية"، لكي يدحر كورونا!

هذا الوباء الجديد الذي لا يفرق بين غني وفقير ولا بين حاكم ومحكوم، دفع لاول مرة معظم الحكومات للاستعانة ب" العلم" والابتعاد عن "الخرافة"، لذا تم الايعاز باغلاق المدارس، والاهم من ذلك اغلاق الاماكن المقدسة التي يؤمها آلاف المواطنين يوميا، مثل ما جرى في السعودية، لاول مرة منذ اربعة عشر قرنا، ويتم اغلاق مكة المكرمة بوجه الحجيج، وهو حدث له دلالته بالركون الى العلم من اجل حياة الناس. ولكن هل هذا يكفي لتفادي اضرار الوباء؟! بكل تاكيد سياتي الجواب بالنفي. اذ يستوجب، ونتحدث هنا تحديدا عن بلدنا، الترويج الدعائي لوسائل الوقاية اللازمة من هذا المرض، وتقديم معلومات دقيقة لوسائل الاعلام عن عدد المصابين وعن الاساليب المستعملة في مستشفياتنا لعلاج المرضى، وعن طرق التشخيص والحجر الصحي للمصابين بطريقة صحيحة، والا فان دلالات بيت الشعر القديم سيبقى ماثلا امامنا وفاعلا في حياتنا:

لا تربط الجرباء قرب صحيحة /"خوف على تلك الصحيحة تجرب!

ونتساءل:

* هل يمتلك العراق امكانية عملية لمحاصرة هذا الوباء؟!

* لماذا لا تغلق حدودنا مع الدول الحاضنة لهذا الوباء بشكل نهائي لحين انتهاء الازمة؟!

* لماذا لا يتم غلق المراقد والمراكز الدينية اسوة ببعض دول الجوار؟!

* لماذا لا يتم التشديد على غلق كافة المنتديات والنوادي والمقاهي المنتشرة في ارجاء الوطن؟!

* ما الذي فعلته السلطات ازاء ارتفاع اسعار دزينة الكمامات من ثلاثة الاف دينار الى خمس وعشرين الف دينار للدزينة الواحدة!

* الا تنتبه الحكومة للوضع الصحي المتردي جدا في مشافينا؟!

* هل قام احد المسؤولين بزيارة احدى هذه المشافي بدل ان يزور هذه الوزارة او تلك؟!

اليوم انتصر "العلم" في مواجهة هذا الوباء ضد " الخرافة" التي اجبرت عالماً مثل غاليلو غاليلي ان يطأطئ رأسه لها حفاظا على رقبته!

ان استمرار تردي الخدمات الصحية سيضيف عاملا تصعيديا جديدا للمنتفضين ضد حكومات الفساد والمحاصصة.

عرض مقالات: