مدمنو الفساد والمتشبثون بالسلطة حد الانتحار، يواصلون عداءهم للشعب العراقي وأبنائه المنتفضين البواسل، وهم ما تورعوا ولا سوف يتورعون مستقبلا عن إتباع كل الوسائل المغرقة في أنانيتها وخستها، للبقاء متحكمين بمقدرات العراقيين، بما فيها القتل العمد في ساحات التظاهر، والاستعانة بقناصي "الطرف الثالث" والاختطافات والاغتيالات، وزرع المندسين في صفوف المنتفضين لتشويه سلميتهم، والاساءة الى سمعتهم الناصعة، وإيجاد الذريعة المناسبة لضربهم، والانتهاء من الانتفاضة كما يحلمون.
وبجانب هذه الاساليب القذرة، لجأوا الى التسويف والمماطلة، وعدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين العادلة والمشروعة، والقيام بمحاولات محمومة لركوب الموجة، والظهور بمظهر الحريص على مصلحة الشعب العراقي، لاسيما بعد إجبار الجماهير المنتفضة "عادل عبد المهدي" وحكومته الفاشلة على الاستقالة، رغم تشبثه، هو وداعموه في الداخل والخارج، بالبقاء متسمراً على كرسي الوزارة، ثم تحويلها الى حكومة تصريف اعمال الى حين تشكيل الحكومة الجديدة، خلافاً لما نص عليه الدستور في المادة (81) بأن يتولى رئيس الجمهورية هذا المنصب في حالة خلّوه، مستغلين تردد الاخير في النهوض بهذه المسؤولية.
والان يحاولون وضع الفخاخ في طريق المنتفضين الابطال، للالتفاف على أهدافهم الواضحة، وشعاراتهم الصائبة، ومن بين هذه الفخاخ الترويج للدوائر الانتخابية الصغيرة في الاقضية والنواحي، التي ستعلو فيها كفة الهويات الفرعية، الطائفية والقومية والعشائرية والمناطقية، فضلا عن ضياع عشرات ومئات الالاف من الاصوات، لان الفائز الاول، ربما يصل الى قبة البرلمان ببضع مئات من الاصوات فقط، أما بقية الاصوات فسيجري إهمالها وتذهب سدى حسب القانون الانتخابي المنوي تشريعه، وستكون أسلحتهم الضاربة في التزوير وبذل المال الحرام، وقوة سلاح المليشيات جاهزة وعلى أتم الاستعداد، لإنجاح النكرات من مرشحيهم.
كما أن شعار أو اطروحة النظام الرئاسي خاطئة هي الاخرى، ويتذكر الجميع أن أول المنادين بها كانوا جماعة "ما ننطيها" لا غيرهم، لمعرفتهم التامة بأنها ستصنع مستبداً جديداً، يجمع كل السلطات في يده، ويتصرف بالبلاد والعباد كما يحلو له، ولنا تجارب سابقة مريرة، حازت على أعلى درجات الفشل، وأدت الى الخراب الشامل سواء في زمن الطاغية، أو زمن الخريجين من نفس المدرسة.
إن الانتفاضة البطولية، تحتاج الى الاسراع في ملأ الفراغ القيادي، وبلورة تنسيقية مشتركة تأخذ على عاتقها قيادة الانتفاضة، وتوحيد شعاراتها، وفرض إرادتها الحرة على الطبقة السياسية الحاكمة، عبر تشخيص أحد الشخصيات الوطنية الكفوءة المستقلة، والقادرة على انتشال العراق من هذا المستنقع الآسن، وعدم الاكتفاء بتحديد المعايير والمواصفات التي يجب أن يتحلى بها رئيس الوزراء، لأن ذلك من شأنه أن يوفر فرصة ذهبية لهذه الطبقة السياسية الفاسدة، في تقديم المرشح السيئ تلو الاخر، وهم يعلمون جيداً أنه سيرفض من ساحات الاحتجاج، الامر الذي سيطيل أمد التسويف والمماطلة، وبالتالي تشكيل الحكومة الجديدة المؤقتة.
كذلك لابد من توحيد كل الجهود والنشاطات والمبادرات الفردية والجماعية، دون التفريط بأي منها، طالما كانت تصب في مصلحة الانتفاضة، وأهدافها النبيلة وأبطالها الافذاذ.

عرض مقالات: