قبل يومين قدّم رئيس الوزراء استقالته وتم التصويت عليها، بعدما أُهدر الكثير من دماء الشهداء. نتيجة تعنته ولا مبالاته بصيحات الشباب المنتفضين ومطاليبهم المشروعة دستوريا وإنسانيا وأخلاقيا ومنطقيا، حيث ظلّ أسيرَ هواه، وهوى الذين باتوا أسرى فسادهم ومصالحهم وأهوائهم التي أغرقوا فيها البلد في الخراب والدم وانعدام الخدمات وتدهور التعليم.
لقد هبّ الشباب المنتفضون بصدور عارية إلاّ من عشقهم للوطن، وقدّموا أرواحهم قرابين للحرية التي ينشدونها، وها هي تباشير فوزهم قد لاحت عندما سقط أول حجر من أحجار الدومينو وسيسقط الباقون تباعا، لأن دولة الفساد والكذب والقتل والمحاصصة لن تدوم، مهما استبدت وتعنجهت وطغت. لابد من زوالها ذات يوم، وتباشير ذلك اليوم قد لاحت.
ولكن ماذا بعد سقوط هذا الحجر ؟! واقصد استقالة رئيس الحكومة التي كانت في رأس مطالب الشباب الثائرين!
علينا أن نتوقف قليلا، لنبرمج مطالبنا الأساسية التي لابد أن نسير على وفقها!
بعد استقالة الحكومة يجب تشكيل حكومة جديدة من أشخاص نزيهين ومخلصين ومستقلين لإدارة البلاد، ولا بد لرئيس وزراء أن يكون بعيدا عن الكتل والأحزاب، ولم يكن قد شغل أي منصب خلال السنوات الماضية، ومستقلا بعيداً عن أي تأثير داخلي أو خارجي، ومعروفا بسمعته الحسنة ونزاهته وانتمائه الحقيقي للوطن والناس!
ولا بد في الوقت نفسه من انجاز قانون جديد للانتخابات، واخر لمفوضية الانتخابات، يضمنان الحق لجميع العراقيين بالترشح والفوز بعيدا عن المحاصصة الطائفية والاثنية، وأن تتم الانتخابات في وقت قريب وبإشراف أممي كي لا تشوبها شائبة ، وان يكون الفوز لمن يحظى بثقة العراقيين جميعا وقبولهم، يلي ذلك تغيير الدستور أو تعديله ليتناسب مع ارادة المواطنين ويكون عادلا ومنصفا بلا تعقيدات أو لفٍّ ودوران وتغليب مصلحة فئة على أخرى ومدينة على أخرى وطائفة على أخرى، كذلك تقليص عدد الوزارات، ووضع جدول عادل لسلّم الرواتب ولجميع موظفي الدولة من أعلى منصب إلى الأخير، لا فوارق ولا مخصصات خيالية ولا امتيازات إلاّ على وفق ما يقدمه الشخص ذاته من عمل وأرباح و ريع اقتصادي للوطن!
كذلك يجب العمل على إعادة الحياة للزراعة من خلال دعم وتشجيع الفلاحين وفتح مشاريع جديدة لهم، وإعادة الحياة للمعامل والشركات الصناعية ، والاهتمام بشكل كبير بالتربية والتعليم وإعادة النظر بآلية عملها لأن مستوى التعليم في تدنٍ مستمر ، وتشغيل اكبر عدد من الشباب للقضاء على البطالة ، وحل أزمة السكن بتوزيع الأراضي على مستحقيها الفعليين مع قروض مالية للبناء على وفق خرائط توزعها الدولة وليس عشوائيا ، وتحسين مستوى الخدمات الصحية والكهرباء والماء والنقل والأعمار ، والاهتمام بشريحة المثقفين والثقافة بشكل كبير لأنهم الثروة الحقيقية للوطن !
أما وتدوير الأسماء والأشخاص، واستمرار هيمنة الأحزاب والكتل والمحاصصة والطائفية فستبقي منظومة الفساد على حالها وكأننا لم نعمل شيئا وحسب المثل (كأنك يا أبو زيد ما غزيت)، وعندها، وهو ما لن نسمح به في أية حال!، تذهب دماء شبابنا هدرا!