تشكل المنافذ الحدودية احدى اهم مصادر التمويل الاساسية التي تدعم خزينة الدولة والتي تحدد في نهاية المطاف طبيعة ومحتوى الموازنات السنوية اذا ما استطاعت الحكومة ضبط ايقاع هذه المرافق الحيوية وتخليصها من المخاطر التي تهدد الاقتصاد الوطني والامن المجتمعي من خلال التراخي في ادخال السلع الفاسدة التي تهدد الصحة العامة والبضائع الممنوعة كالمخدرات التي انتشرت بشكل خطر في السوق العراقية التي تقف وراءها مافيات خطرة مدعومة من جهات سياسية متنفذة.
واذ تواجه المنافذ الحدودية الكثير من التحديات والتهديدات على كامل الحدود الجغرافية للعراق ذات طبيعة دستورية سياسية واجتماعية وادارية وامنية، فأما الدستورية فتجد تعبيرها في الخلاف طويل الامد بين المركز والاقليم حول الحصة المالية التي حددها الدستور ففي الاقليم توجد منافذ حدودية معترف بها حكوميا واخرى خارج اطار سيطرة الدولة معدة للتهريب بمختلف البضائع تعمل بأريحية تامة.
كما تتجلى هذه التحديات بالعديد من الاشكاليات القانونية والادارية التي تتمثل في تقاطع الصلاحيات بين هيئة المنافذ الحدودية والهيئة العامة للكمارك مما دعا رئيس البرلمان الى بحث هذه التقاطعات مع المدراء العامين لهاتين الهيئتين بهدف ايجاد الحلول، ومن الطبيعي ان مثل هذه التقاطعات تترك انعكاساتها السلبية على التنسيق بين مختلف الاجهزة المدنية والامنية العاملة في هذه المنافذ وبالتالي التهاون في ملاحقة عمليات الفساد وتهريب البضائع وحرمان خزينة الدولة من استحقاقاتها المالية القانونية في الرسوم والضرائب التي يتهرب التجار من دفعها في هذه الاجواء الملتبسة .
وللتوضيح نقول ان تصريحات مدير عام هيئة المنافذ الحدودية التي تثير الاطمئنان ان منفذ طريبيل على سبيل المثال حقق في يوم واحد مليارا ونصف المليار دينار فكيف بالمنافذ الاخرى التي تزيد على أكثر من خمسة عشر منفذا. كما ان العراق يستورد 97 في المائة من احتياجات العراق وفي عام 2017 وحده شهدت المنافذ الحدودية تبادلا تجاريا بقيمة 55 مليار دولار فاذا اخذنا بالاعتبار النسبة المئوية 5 في المائة التي حددها الحاكم الاداري الأمريكي كرسوم ثابتة على البضائع المستوردة فان الايراد المالي بهذه النسبة فقط يشكل مليارين وسبعمائة وخمسين مليون دولار فكيف اذا ما تم تطبيق الرسوم بكل اصنافها التي حددتها الدولة في الشهر وفي السنة؟ في حين لم يدخل في خزينة الدولة خلال العام نفسه سوى 550 مليون دولار. فلنتصور حجم المبالغ المسروقة والمهدورة من استحقاقات البلد المالية والفساد المستشري التي تقف منه الحكومة موقف المتفرج.
مما تقدم تتوضح لنا مسؤولية الحكومة في الحفاظ على المال العام عبر التحول في سياستها الاقتصادية من الاعتماد على الريع النفطي الى اعادة تقييم نشاط كافة المصادر المالية وقطاعاتها الاقتصادية عبر النظر في القوانين والاساليب والادارات وما يتطلب الواقع الاقتصادي وفي هذا الصدد نقترح الاتي:
1.
التعاطي الجاد مع اشكاليات العلاقة مع الاقليم بصورة شاملة بما فيها حق المركز في الموارد المتأتي من المنافذ الحدودية وفقا للنص الدستوري مع السعي الجاد الى انهاء المنافذ غير الشرعية من خلال التنسيق بين الاجهزة الادارية والامنية بين المركز والاقليم.
2.
العمل على حل اشكالية التقاطعات القانونية في الصلاحيات بين هيئة المنافذ الحدودية وهيئة الكمارك وادارة الموانئ واصدار التعليمات التي تنهي هذا الاشتباك وتوضيح واجبات وصلاحيات كل جهة تعمل على امتداد الحدود الجغرافية للعراق وازالة المفاهيم الملتبسة عبر اصدار الادلة الاسترشادية.
3.
مراجعة عمل الاجهزة الامنية في تلك المنافذ من خلال تقاطع المعلومات بشأن عمليات التهريب وممارسة الفساد والتجاوز على اموال الدولة وابعاد الانشطة العشائرية والمليشياوية وانهاء ضغوطاتها على العاملين.
4.
العمل على حل الاشكالات الادارية وتقديم الحوافز للعاملين في المنافذ وبناء دور سكنية حكومية لهم توخيا للاستقرار العائلي وفي الوقت ذاته تطوير الخدمات الفنية وبالأخص ادخال اجهزة الفحص السونار لفحص المواد الداخلة والخارجة وضمان استمرارية عملها من خلال متابعة الفحص والصيانة عبر تدريب العاملين او الاستعانة بشركات خدمة اجنبية معروفة بنجاحاتها.

عرض مقالات: