طرحت الحكومة مبادرة جديدة اسمتها المبادرة الوطنية للأعمار والتنمية تتضمن انشاء مشاريع البنى التحتية بإدارة الدولة لمدة عشر سنوات ويبلغ حجم التمويل مائة مليار دولار بمعدل عشرة مليارات في السنة الواحدة، ويفهم من هذه المبادرة ان الحكومة تريد تجاوز الخطط الخمسية الاربعة التي انتهت بالفشل التام، لأنها لم تحقق شيئا يمكن رؤيته بالعين المجردة، فيما يتواصل خراب البنى التحتية التي انجزت في العهود السابقة.
ومن الواضح ان الحكومة وهي ترسم منحنيات هذه المبادرة ستعتمد كما يبدو من تصريحات المسؤولين على شركات عالمية متخصصة في ادارة هذه المشاريع. وحتى هذه اللحظة لم تتضح تفاصيل هذه المبادرة من حيث التخطيط والتمويل وخط الشروع والقطاعات الاقتصادية المشمولة بهذه المبادرة، كما لم يتضح ما اذا كانت المدن المدمرة نتيجة الحرب على داعش مشمولة بهذه المبادرة من عدمه، ولم يتضح كذلك ما اذا كانت المشاريع المعطلة ضمن مبادرة الحكومة الحالية وهي اكثر من ستة الاف مشروع من مجموع تسعة الاف مشروع انفق عليها 100 مليار دولار وسرقت تخصيصاتها المالية من قبل منظومة الفساد المهيمنة على مفاصل الدولة والمحصنة من قبل الاحزاب الحاكمة، وما يزال انجازها بحاجة الى 100 مليار اخرى.
ومن الجدير بالذكر ان الحكومة السابقة قد سعت الى تشريع قانون انشاء البنى التحتية بالآجل، ورفضه البرلمان، وكان سيرتب على خزينة الدولة ديونا تضاف الى الحجم الكبير من الديون التي وصلت الى ١٣٠ مليار دولار لغاية عام 2017، بين ديون داخلية وخارجية، ولا تزال الحكومة متجهة الى المزيد من القروض بسبب تدني فاعلية الاقتصاد العراقي، ونامل ان لا تكون هذه المبادرة نابعة من ذلك المشروع او معيدة لإنتاجه.
وان كنا نتمنى النجاح لهذه المبادرة، فإن نسب ذلك ضعيفة وقد تفشل، كما فشلت من قبل المبادرة الزراعية والمبادرة الصناعية، فمثل هذه المبادرة يستلزم مشاركة كافة الوزارات العراقية في وضع تفاصيلها لأنها الاعرف بمشاكلها وتحدياتها، وان تأخذ بالحساب التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يئن تحت وطأتها الاقتصاد العراقي بكافة قطاعاته، وفي المقدمة منها حجم الديون العراقية، وان الدولة معنية بدفع الدين وخدماته وان تأخذ بالحساب حجم السكان الذي يربو على 37 مليون في ظل معدل نمو سكاني قدره 2,7 في المائة. وفوق هذا وذاك هناك وباء الفساد الذي يعد واحدا من اهم عوامل فشل الخطط الخمسية، فلا المستثمرون يجدون ما يشجعهم على العمل في السوق العراقية، ولا الشركات المتخصصة يكون بمستطاعها ادارة مشاريع استراتيجية في ظل هيمنة حيتان الفساد التي لن تكف عن عمليات التهديد والابتزاز. ومن اجل انجاح المبادرة موضوع البحث نقترح ما يلي:
1. تأسيس مجلس اقتصادي واجتماعي أعلى يمثل كافة الوزارات العراقية يتولى مهمة التخطيط للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وتشريع قانون خاص بهذا المجلس ويكون مسؤولا عن تحديد الاولويات الاقتصادية والاجتماعية وتنفيذها ومعالجة المشاكل التي تواجهها.
2. عرض الخطط والمبادرات الاقتصادية على البرلمان مع مشاريع القوانين الملزمة للتنفيذ، والتأكيد على وجود التخصيصات المالية الكافية لضمان التنفيذ.
3. التعجيل بتشريع قانون النفط والغاز من اجل تنظيم عملية الانتاج والتوزيع في قطاع النفط في عموم العراق، وبما يسهم في تحسين العلاقة بين المركز والاقليم، وبالتالي خلق المناخ السياسي الجاذب للاستثمارات والشركات المتخصصة في المجالات التي تتطلب وجودها بما فيها ادارة المبادرة.
4. وضع مصفوفة كبيرة على اساس الدفعة الكبيرة التي تقوم على اربعة اركان تتجسد في عملية اكمال الكهربة بعيدا عن الاصلاحات العرجاء، وتطوير القاعدة الصناعية والزراعية والتعليم بكل مراحله في سلسلة مترابطة بكافة حلقاتها.

عرض مقالات: