لا غرابة في بقاء (حجي حمزة)، أحد زعماء الليل في بغداد والمتحكم في صالات القمار وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر، طليقا طوال السنوات الماضية. فـ (الحجي) شأنه شأن أقرانه من زعماء المافيات وأصحاب السطوة في ليل قلب العاصمة بغداد، ينعم بالحماية بفضل ترسخ علاقاته مع شخصيات نافذة، ومع اتباع المتنفذين، بل ووصل فيها  الى بعض أصحاب القرار وامتداداتهم في مختلف الأجهزة الأمنية، وفي المؤسسات ذات الصلة.

فلا يمكن لهذه العصابات ان تستمر في اقتراف جرائمها المشينة، لولا حلفها المتين مع طغمة الفساد، حيث تُوفَّر لهم كل مستلزمات التغطية والحماية والرعاية. ولا غرابة في ان تستغل هذه العصابات حتى المقدس في التغطية على افعالها النكراء. لكن الغريب ان تبقى طغمة الفساد متنفذة تسمم حياة العراقيين، بعد كل ما تم ويتم كشفه من جرائم هددت وتهدد حياة وامن العراقيين ومستقبلهم، وأتت وتأتي على القيم والأخلاق.

لا غرابة في استغلال البعض لأي مناسبة، وإن كانت رياضية، كي يظهر بمظهر  المدافع الأمين عن (المقدس). فسر وجود المتاجرين بالدين واستمرار نفوذهم، يكمن في مواصلتهم ممارسة هذه التجارة التي لا يبدو انها كسدت، بل ما زالت رائجة رغم انكشاف خداعهم وتضليلهم لبسطاء الناس، وانفضاح زيف ايمانهم وكذب ورعهم وزهدهم. 

لا غرابة في صلافتهم التي وصلت حد استهجانهم عزف النشيد الوطني من قبل سيدة في ملعب رياضي مغلق. فإن لم يكن خطابهم الذي استهجنوا من خلاله المشهد المبهج، وشدو الحياة، وصناعة الفرح، فأي خطاب يمكن أن يصدروه للناس؟

لا غرابة في ان يبقى الالاف من شباب العراقيين، وبينهم أصحاب شهادات عليا، ومتخصصون في مجالات يحتاجها البلد في الاعمار والتنمية، معتصمين منذ أشهر امام بعض الوزارات، وهم يطالبون بحقهم في فرص عمل تنقذهم من آفة البطالة وتمنحهم امكانية الاسهام في التنمية والبناء وترسيخ الاستقرار.

لا غرابة في ذلك فالوجهة الاقتصادية للبلد ما زالت مرتبكة، وتعتمد على ريع النفط أسوة بالحكومات المتعاقبة منذ التغيير حتى اليوم، حتى اصبحت واقع حال. وهي الوجهة التي لا شيء يرتجى منها ولا امل في تحقيقها الاستقرار والرفاه المنشودين.

ولا غرابة في ان تبقى المشاكل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم عالقة دون حل، وتظل ازمة العلاقة ترفع رأسها بين الحين والآخر، من دون ان تحلها سياسة تجميد المشاكل، التي يتم انتهاجها لحسابات سياسية طارئة.

ولا غرابة في ان تبقى المحافظات تطالب بإنصافها في التخصيصات المالية، وبضرورة العدالة في توزيعها. فمطلب التوزيع العادل للسلطة والثروة بقي موضوع نزاع، بعد ان عجز نظامنا السياسي عن تلبيته!

عرض مقالات: