ما شهدته مدينة السماوة، الناعسة على الفرات، خلال نهاية الاسبوع الماضي، لم يكن مهرجانا، بل كان، بحق، كرنفالا لنشاطات فنية وادبية متنوعة: تشكيل وشعر ومسرح وسينما وموسيقى وغناء وعرض ازياء. كرنفالا ساهمت فيه النخبة المثقفة في المدينة بتفاعل متميز من قبل أهالي السماوة الكرام الذين اقبلوا بكثافة على حضور كل فعالياته. وكان لرجال العشائر المعروفة في المدينة حضورهم الجميل، معلنين عن دعمهم هذا المهرجان، حيث قال شيخ قبيلة آل زياد، اثناء دعوة الغداء التي اقامها على شرف أكثر من مائتين من الضيوف والفنانين، بأن المثقف أهم من السياسي في بناء الوطن!

لقد حظي مهرجان أوروك الثقافي بدعم ملموس من فناني ومثقفي بغداد وبقية المحافظات، فكان لاتحاد الأدباء والكتاب في العراق دوره الساند، وكذلك جمعية التشكيليين العراقيين. ولم تتأخر وزارة الثقافة ممثلة بدائرتي الازياء العراقية والفنون الموسيقية اللتين تركتا لمسة لن تنساها مدينة السماوة.

أطلق الفنان الموسيقي جمال السماوي فكرة المهرجان فوجدت أذانا صاغية من قبل المحافظ ورئيس مجلس المحافظة، (رغم تحفظ بعض المسؤولين في المحافظة)، اللذين أثنيا، في كلمات الافتتاح، على أهمية الفن والثقافة ودورهما في تطور المجتمع. وكان يوم الافتتاح حافلا بنشاطات فنية، عدت من المحرمات في هذه المدينة! أربع شابات من الفرقة السيمفونية قدمن مقطوعات موسيقية -غنائية من التراث العالمي والعراقي. دار الازياء قدمت عرضا لأزياء تاريخية وأخرى معاصرة جسد الفسيفساء العراقي، ونال العرض استحسان كل الحضور.

السماوة بالرغم من كونها الانظف والأكثر ترتيبا وتنظيما من بقية مدن الجنوب، (ورغم معاناتها المتواصلة مع الكهرباء الا ان اشارات المرور فعالة ومحترمة من قبل الجميع)، ولكنها لم تشهد مهرجانا كهذا الذي تقرر باتفاق الجميع على عقده سنويا في هذه المدينة.

لقد اعتدنا، وللأسف على عادة غير حميدة، وهي أن يحضر الراعي أو المسؤول، لأي نشاط، مكتفيا بالقاء كلمته ثم يهم بالخروج قبل بدء الفقرات الفنية، إلا ان محافظ هذه المدينة، احمد منفي، لم يكتف بمتابعة كل الفقرات، بل كان يحضر بقية النشاطات في الأيام التالية ويتفقد الضيوف في أمكنة أنشطتهم واقامتهم في الليل والنهار.

كان حفل الختام للفرقة الموسيقية المركزية في دائرة الفنون الموسيقية بقيادة المايسترو علي خصاف، وبمساهمة مجموعة من الفنانات والفنانين، غادة واديبة، وحسين جبار وطلال علي والفنان الموصلي جاسم حيدر وكريم الرسام.

اما مسك الختام فكان للفنان الكبير حسين نعمة الذي لا يحتاج إلى "كورس" فقد كان الجمهور الكبير في حدائق السماوة، حيث أقيمت الحفلة، يردد معه أغانيه التي حفظها عن ظهر قلب، فبدأ وصلته بأغنيته الشهيرة " نخل السماوة " وختمها بأغنية " يا حريمة ".

اجل، يا حريمة أن لا تحذو بقية المدن حذو السماوة.

عرض مقالات: