الاشتباك بالأيدي الذي حدث في جلسة البرلمان السبت الفائت، 15 حزيران 2019، بين اثنين من النواب، ما هو الا احدى الصور المخجلة التي تعكس التكالب على المواقع والمناصب. ويقال ان سبب الخلاف دعوى طعن قضائية رفعها احدهما ضد طرف ثالث، وهناك من يعزوه الى الصراع الملتهب على رئاسة لجنة النزاهة البرلمانية، التي يتنافس عليها عدد من النواب الآخرين!

لم يكن دافع المتصارعين الحرص على مكافحة الفساد وتهيئة ملفاته وتدقيقها وكشفها ووضعها امام القضاء، كي يقول كلمته بصددها ويتصدي للفاسدين، فذلك ابعد من ان يدور في خلد المتنفذين.

انما يبدو ان التنافس على المناصب هو سبب الخلاف بين النائبين، الذي وصل حد الاشتباك بالأيدي وتبادل الشتائم والكلمات التي يعف عن ذكرها اللسان. نعم، فالصراع على المناصب هو ما يشغل بال المتنفذين، وذلك ما بينته الوقائع الماثلة منذ التغيير حتى اليوم. المناصب التي تدرّ على من يستحوذ عليها اموالا وامتيازات خاصة، بعيدا عن الاسهام في تأمين معيشة كريمة للمواطنين.

السؤال الذي يتبادر الى الذهن في شأن الصراع على رئاسة لجنة النزاهة هو: أية منافع يمكن ان يحصل عليها النائب الذي يفوز بهذه الرئاسة؟

 ما يقال في هذا الخصوص هو ان مساومات كبرى تجري حول فتح او اغلاق ملف فساد لمتنفذ ما، تعرض خلالها مبالغ هائلة وتبلغ حد تقاسم قيمة صفقة الفساد المعينة بكاملها، مما حصل عليه صاحب الملف. علما ان هذه الاموال التي يتقاسمها الفاسدون، هي اموال عامة خصصت لإنجاز مشاريع خدمات او لتحسين حياة المواطنين وضمان متطلبات عيشهم.

ولا نأتي بجديد حين نقول ان الخلافات بين المتنفذين اساسها المصالح الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة، والصراع على المال والعقود والامتيازات. لكن الجديد الذي لا يدركه من أعمى عيونهم الجشع وكسب المال حتى بالطرق غير المشروعة، هو الغضب الذي يملأ قلوب المواطنين من اوضاع حياتهم المزرية، الناتجة عن السلوك المشين المتجذر لدى ناهبي الاموال العامة.

ويخطئ من يتصور ان الناس في غفلة عنهم وعن افعالهم النكراء.  بل سيكون لهؤلاء الناس موقف حازم في ساعة انفجار الغضب والتعبير عنه بشتى أشكال الاحتجاج.

 والتجربة التاريخية تقول ان لا سد منيعا امام اصحاب الحقوق، عندما ينتفضون لاسترجاع ما سلب منها! 

عرض مقالات: