منذ 2012 والعالم يحتفل بيوم السعادة في العشرين من شهر آذار.. وقد صدر تقرير السعادة العالمي في أول نيسان من نفس العام، ولفت انتباها دولياً باعتباره أول مسح عالمي للسعادة في العالم. وحدد التقرير حالة السعادة العالمية وأسباب السعادة والبؤس والآثار المترتبة على السياسات التي أظهرها ذلك التقرير.

وفي 2 نيسان 2012، عقد الاجتماع الأول للأمم المتحدة حول "السعادة والرفاه: تحديد نموذج اقتصادي جديد".

بعد ذلك التاريخ بدأ يصدر كل عام جدول لتسلسل الدول التي تعيش شعوبها في بحبوحة من السعادة. وكان آخرها تقرير 2018، الذي تربعت فيه كل من فنلندا والنرويج والدانمارك وايسلندا وسويسرا وهولندا وكندا ونيوزيلاندا والسويد وأستراليا على كرسي السعادة العالمية!

يضم التقرير أكثر من 150 دولة، ويتم الترتيب وفقاً لعدد من المعايير، منها نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط العمر، والحرية، وسخاء الدولة على مواطنيها، كما يتضمن الدعم الاجتماعي وغياب الفساد في الحكومات والمجتمعات.

الغريب في الامر ان المكسيك، على سبيل المثال، سبقت ايطاليا (التي كان تسلسها 47 في الترتيب العالمي)، بينما تحتل ايطاليا مرتبة مهمة في مجموعة الدول الاقتصادية في العالم!

أما الدول العربية فاحتلت الإمارات الاولوية بينها بتسلسلها العشرين في الترتيب العالمي، وقد بذلت الإمارات جهوداً كبيرة لإحراز هذا الموقع المتقدم، فأقدمت على انشاء وزارة السعادة، ومهمتها الأساسية تكمن في تحقيق كل المستلزمات الضرورية لجعل المواطن الاماراتي سعيدا، معتمدة على نظرية صحيحة في هذا المجال تفيد بأن "السعادة" تشكل دافعا للإنتاج، والمواطن السعيد يبدع أكثر في عمله.

العراق حقق المرتبة السابعة بعد المئة تاركا خلفه سوريا واليمن وجنوب السودان ومجموعة من الدول الاخرى.

فما الذي يجعل المواطن العراقي سعيدا في عمله وفي وطنه؟!

هل يكفي رفع "الصبات" والحواجز الكونكريتية لرفع معنويات المواطن؟!

وهل أن وفرة المال تكفي لكي يكون المواطن سعيدا؟!

هل انتشار" المولات" بهذا العدد الكبير يضفي السعادة على المواطن؟!!

الأمر لا يتعلق بالفرد بقدر تعلقه بالحركة المجتمعية في إطارها الاقتصادي والسياسي والثقافي.

كيف نريد للمواطن أن يكون سعيدا في ظل انعدام الخدمات العامة، وتردي الوضع الصحي وتخلف التربية والتعليم مناهجا وأساليب، وتراجع الدورة الاقتصادية الى حدودها الدنيا، واستيراد المواد الغذائية على حساب ابن بلدنا الفلاح، الذي كاد أن ينجح في هذا المفصل او ذاك، فجاءت "الحرائق" المشبوهة لتقضي على آخر أمل له بالاكتفاء الذاتي!

كيف نريد أن يكون المواطن سعيدا في ظل "فساد" مستشر في شرايين واوردة الدولة والمجتمع؟!

وكيف له أن يكون سعيدا وهو يرى بالعين المجردة "الحرية" بمفهومها الشخصي والعام موضع تهديد يومي؟!

كيف له ان يكون سعيدا وهو ينظر بخشية الى سلاح (لم تعد له ضرورة) منتشر خارج سيطرة الدولة وقادر على حرق الأخضر واليابس؟!!

عرض مقالات: