تعد الموارد البشرية في معظم النظم الاقتصادية في العالم، الا في العراق، احدى اهم العوامل في عملية التنمية المستدامة ان لم تتفوق عليها جميعا وان تنمية هذه الموارد تركز قبل كل شيء على قيمة القدرات الفكرية لدى الافراد وفي الوقت نفسه النظر الى الانسان كقيمة عليا في عمليات الانتاج وكافة العمليات التي يدخل فيها الانسان بوصفه متدربا ومتعلما ومخترعا ومبتكرا وهذا ما يحصل اليوم في اليابان وماليزيا وسنغافورا والعديد من الدول المتطورة.
واذا اخذنا في الاعتبار تعريف الامم المتحدة بكون الموارد البشرية (هي عملية توسيع خيارات المجتمع وذلك بزيادة القدرات وتعدد طرق العمل البشرية) (تقرير صادر عن الامم المتحدة في مؤتمر ريودي جانيرو/ البرازيل عام 1992) فما هي التحديات التي واجهت الحكومات العراقية بعد عام 2003 والتي أدت الى التراجع الكبير في تنمية الموارد البشرية في العراق؟
فاذا اضفنا الى عوامل الحروب الخارجية مع دول الجوار والحرب الطائفية لعامي 2006 و2007 التي كان يقف خلفها امراء لا يختلفون باهدافهم الشريرة في لهفتهم الى السلطة والنفوذ والمال عن ما فعل سلفهم وهي سنوات عجاف قضت في محرقتها على ملايين الشباب المتطلعين الى مستقبل افضل، وكذلك سوء الاوضاع السياسية والامنية والاهم من ذلك غياب الارادة السياسية وسوء الادارات المالية والاقتصادية على الرغم من امتلاك العراق الموارد المالية الكفيلة بتكوين الاصول الرأسمالية القادرة لو استغلت بكفاءة على انجاز افضل برامج التنمية البشرية .
ومع كل هذه التحديات فقد تحقق تقدم نسبي في مؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات خلال الفترة ما بعد عام 2003 فبعد ان كانت النسبة (31 ) في المائة عام 2005 ارتفع المؤشر الى 47 في المائة عام 2006 لكنه لم يستطع مواكبة التقدم العالمي بما فيها دول الجوار حيث تشير الاحصاءات الى نقص كبير في استخدام الحاسوب اذ بلغت نسبة استخدامه 14 في المائة لمن يزيد عمره عن خمس سنوات وبلغت نسبة الاستخدام من قبل الجنسين في مؤسسات الدولة( 27 ) في المائة فقط فيما كان الاستخدام على المستوى الشخصي 56 في المائة وبدلا من تطوير مراكز البحث العلمي والاكثار منها وحتى الموجود منها على قلتها فانها غير مرتبطة باستراتيجية او سياسة وطنية ، اقدمت الحكومة بُعيد عام 2014 وبخطوة تراجعية على الغاء وزارة العلوم والتكنولوجية التي كانت الامال معقودة عليها في توسيع البحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا وأهمها مشروع الحوكمة الذي كان مقدرا له ان يضع العصا في عجلة الفساد السياسي والحكومي والاسهام في تطوير برامج الوزارات العراقية على اختلافها .
ان الحكومة العراقية الراهنة وهي تقدم على تنفيذ برنامجها والذي ينطوي على الكثير من التفاصيل التي لا يرتقي الكثير منها الى مستوى الاولويات التي جرى التصريح بها في المنهاج الحكومي، معنية بإيلاء الموارد البشرية ما يكفي من الاهتمام للارتقاء بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ونقترح في هذا المجال ما يلي:
وضع خطة ملموسة لمكافحة آفة الفقر التي تجتاح عشرة ملايين مواطن عراقي وتمكينهم من الانخراط في ميادين العلم والمعرفة وتوفير كافة مستلزمات التعليم لهذه الشريحة الواسعة التي تعجز وزارة التربية عن تقديمها ضمن مجانية التعليم التي نص عليها الدستور وتغافلت عنها الحكومات المتعاقبة.
تطوير قطاع التعليم ابتداء من مراحله الابتدائية وصولا الى الجامعات واصلاحها من خلال مراجعة حقيقية للبرامج والمناهج التعليمية وتوفير البنية التحتية والاجهزة المختبرية وتوسيع نطاق البعثات الدراسية الى الجامعات العالمية الراسخة كل ذلك من اجل خلق بيئة مشجعة للبحث والتطوير واستخدام الادوات والنظم التكنولوجية في عمليات التنمية.
ربط خطط التنمية البشرية بخطط التنمية الاقتصادية والتنسيق الكامل بين اداراتها والربط بين المناهج التعليمية والبرامج الاقتصادية والتساوق بينهما من اجل استيعاب الخريجين المؤهلين وزجهم في العملية الانتاجية في القطاعات التي تناسب اختصاصاتهم.

عرض مقالات: