قبل أيام كنّا نتحدّث أنا وزملائي في الدائرة عن أحد أصدقائنا ومعاناته مع زوجته ومرضها وعلاجها خارج العراق ، حيث يتحتم عليه أن يسافر أكثر من مرّة إلى الهند لغرض إجراء الفحوصات والعلاج لها ، حينها تذكرت صديقي باسم ومكوثه في الهند أكثر من ستة أشهر لعلاج ابنته التي لم يدم عمرها طويلا ،تحدثت لهم بما كان يحدثني باسم عن كيفية الاعتناء بالمريض والاهتمام بفحصه إضافة إلى الرعاية التي يحظى بها من قبل الأطباء والممرضين وحتى المنظفين ، كما تحدثت عن حسن معاملة الأطباء للمريض والتعامل معه بمنتهى الرقة والطيبة والإنسانية ، من خلال العناية بكل شيء يخصه ، والذي انعكس ايجابيا على ازدياد نسبة المسافرين إلى الهند لغرض الفحص والعلاج من شتى الأمراض !
وقبل أسبوعين حدثني أحد الذين أتسوّق منهم عن ذهابه إلى إيران وكيفية الاعتناء بمريضه وتعاملهم معه ، إضافة إلى نسبة التكاليف القليلة قياسا بما يطلبه أطباؤنا المحليون والمستشفيات الأهلية عندنا !
من خلال ما دار بيننا من حديث وصلت إلى نتيجة أن الطب عندنا في تأخر وركود رغم سمعة بعض أطبائنا الكبيرة جداً ، والذين لهم باع طويل في المهنة ، وتساءلت :ــ لماذا يا ترى؟! لماذا يتأخر الطب عندنا ونحن الذين علّمنا البشرية أبجدية الحرف والتداوي منذ آلاف السنين؟! لماذا وكلياتنا الطبية سنويا يتخرج منها المئات من أبنائنا الأطباء بشتى الاختصاصات الطبية وغيرها؟!
هل خيمت علينا غيمة اللامبالاة ، فصرنا لا نعير أهمية لعلمنا وعملنا ليتقدم علينا الآخرون؟! أم أن الضمير نام أو ذهب في رحلة خارج حدود المألوف فبات تعاملنا مع المواطنين بمفهوم الربح والخسارة ، ولا بد من الربح كأننا في لعبة قمار مع المريض مهما كانت النتائج؟!
قبل أيام قرأت منشوراً على صفحات التواصل الاجتماعي تعترف فيه كاتبته ذات الاسم المستعار بأنها تعمل في مختبر وصاحبة المختبر تتعامل بطريقة بشعة مع المرضى ، حيث تعطيهم نتائج لفحوصات غير فحوصاتهم وهذه كارثة طبعاً ، كما نجد أن البعض من الأطباء يتعامل مع المريض وكأنه يعمل في سوق البورصة ، كم تدفع كي أفحصك وأعالجك وهكذا!
نتيجة ما وصلت إليه الأمور بسبب الفساد الذي استشرى في النفوس والضمائر، وازدياد نسبة المرضى وتنوع الأمراض، والتعامل غير السليم مع المريض وأهله من قبل البعض والأخطاء الكبيرة التي تحصل نتيجة الإهمال واللامبالاة وارتفاع تكاليف الفحص والعلاج والعمليات وتغيير منا شيء الأدوية وأسعارها حسب جودة فاعليتها العلاجية، أدى إلى ازدياد نسبة السفر إلى الخارج للفحص والعلاج وهذا هدر في العملة الصعبة فبدلا من إدخالها الى البلد يتم إخراجها منه!
على المعنيين بالصحة الانتباه إلى هذه الظاهرة والعمل على تقليل نسبتها وليتحول السفر من بلادنا ــ إليها، لتكون محطة إنقاذ لمرضانا ومرضى الآخرين إضافة إلى موردها الاقتصادي للبلد!