قد لا نخص بهذا النداء العراقيين عموما والبصريين تحديدا وإنما نداؤنا موجه لكل شرفاء العالم المتحضر والمدافع عن حق الانسان في العيش الكريم والدفاع عن ممارسة حياته بكرامة ودونما منغصات قد تصل الى مستوى تهديد وجوده الإنساني، وهذا ما يحدث اليوم، ويا للكارثة، للمواطن البصري خصوصا والعراقي بشكل عام، المعروف بشهامته وكرمه وشموخه وطيبة قلبه، وقبل كل شيء تعلقه بمدينته ودفاعه المستميت عن البصرة الخالدة وكامل التراب العراقي المقدس  وعلى امتداد تاريخ هذه المدينة الفيحاء المعمّد بالدم والشهادة والتفاني الوطني الصادق.

ولكي نسترد ولو اليسير من الدَّين الذي يطوق اعناقنا جميعا لهذه المدينة، حاضرة الدنيا ومؤول الباحثين عن العلم والمعرفة واكتساب القيم الانسانية النبيلة، يستوجب علينا جميعا ألا نقف مكتوفي الأيدي إزاء ما يحصل لأهالي البصرة من حرب إبادة من لدن فلول من المرتزقة والمندسين وعديمي الضمائر والقيم الذين رهنوا مستقبل البصرة التي هي اكبر من أن تنال مساعيهم القذرة منها ومن اهاليها، في مستنقع الفساد والخسة، معتقدين أن الصمت الذي طال لأكثر من عقد ونصف على أساليب النهب والتعسف واللصوصية وسرقة خيرات هذه المدينة، التي تعج بالثراء وخزائن العراق برمته، وتبييض الأموال مما تدره البصرة من خيرات وفيرة من خلال تناسل حيتان النهب والسرقات المكشوفة وبشكل وقح وسادي، دونما اعتبار لأهالي ساكنة المدينة الذين هم الأحوج في أموال مدينتهم التي اخذت تهرّب الى الخارج وتستحوذ عليها مجاميع فاسدة ورثة لا نعرف من اين أتت وكيف تجمعت وانتمت لأحزاب عرفها القاصي والداني بأن لعابها في جريان دائم وهي تتوجه لمد أذرع الحرمنة من خلال خلق مافيات خطيرة دست اذرعها الفاسدة في كل مناحي الحياة المدرة للخير في هذه المدينة المظلومة، فما تركوا منافذ ولا جمارك ولا صفقات مع شركات متعددة الجنسيات والتخصص متواجدة في المدينة، ولا أي مصدر مالي قد يكون سبيلا لإنقاذ البصرة من حالة الخراب التي خرجت منه وهي تعاني من اهمال شديد ونقصان حاد في شتى مناحي الحياة الإنسانية المطلوب توفرها لإسعاد المواطن البصراوي الأحق بخيرات مدينته، ليتمتع بحياة كريمة وعيش رغيد،

لكن ما حدث للبصرة ويا وجعي عليها، بعد أن تمكنت فلول أحزاب الإسلام السياسي من مد شبكات وضعت لها الخطط المدروسة لشفط أموال البصرة وتوزيعها بصفقات واتفاقات خسيسة ورثة، تاركين عمدا ما تعانيه المدينة وسكانها من نواقص في كل شيء، لا بنى تحتية ولا ماء صالح للاستهلاك الآدمي ولا كهرباء ولا خدمات أساسية ولا نظافة تليق بمكانة البصرة ولا توفير عمل للشباب العاطل وهم بالآلاف ولا بذل أي جهد ينم على أن من بيده اتخاذ القرار لتحديد مصير البصرة وأهلها جاءوا لخدمة المدينة وساكنتها، بل بالعكس تكالبوا وبنهم وشراهة وطمع بهيمي لسرقة كل ما يمكن سرقته، في الوقت الذي تكون البصرة فيه بحاجة للدينار الواحد لإعادة الاعمار واخراجها من الإهمال والتردي الخدمي الفظيع، وهذا ما وقفنا عليه بأنفسنا ونحن نزورها بعد غياب دام اكثر من أربعين عاما، لنجد ما ان ندخل البصرة مستبشرين بأن نكحّل عيوننا بمرامدها بما نحمله من صور خالدة في اذهاننا، أن اول تصفعنا بقوة مناظر احياء الصفيح باسو اشكالها وهي محاطة بتلال من النفايات والأوساخ لنترك هذه المصيبة لكوارث قادمة لم نكن نتوقعها مطلقا، ليصدمنا منظر نهر العشار الخالد وقد تحول الى مكب نفايات وازبال وقاذورات تزكم الأنوف، هنا تبين لنا أن البصرة مقبلة على كارثة حقيقية وأن الطوفان قادم، لان ظلما رهيبا قد لحق بها ,إن دام الظلم هكذا فسيدمر كل شيء، وفعلا بذلنا جهودا للاستفسار عما يحدث من خراب، بعد أن تحررت المدينة وساكنتها من بطش البعث، على أمل أن تنهض من جديد على أيدي القادمين الجدد ممن كانوا كما يدّعون بأنهم كانوا معارضين للنظام البعثي وبأن مجيئهم سيضفي مسحات من الأمل للخروج مما تعانيه وبشكل يثير الحزن والألم في النفوس، فاخبرنا الأصدقاء المقربون من سدنة قرار أحزاب النهب، أن ما ترونه ليس سوى القليل جدا مما تعانيه البصرة من الإهمال، واذا ما زرتم الأحياء الفقيرة فستعملون مناحات لن تتوقف وتفقدون قدرة البصر من كثرة ما ستذرفون من دموع على حجم الخراب الذي باتت مشاهده مألوفة للقاصي والداني، ناهيكم، هكذا اخبرونا، عن كثرة الأمراض القاتلة التي تصيب المواطنين، لتسبب الهلاك للبشر وحتى البهيمة. لم نكن نصدق ما نقله لنا بعض الموثوق فيهم من الأصدقاء، حتى أخذنا نتبين بأنفسنا صدق ما نقلوه من صور لا يمكن تصورها وتصديقها.

اذن اين كان المسؤولون والمشرفون والمحافظون ومجالس البصرة الموزعة على ربوع المدينة الخربة، وكافة هيلمة منتسبي أحزاب المحاصصة المقيتة، وهم الأقرب من غيرهم لما يشاهدونه من دمار فاق دمار الحروب الفتاكة، مضاف اليهم، بل وفي مقدمتهم من باعوا ضمائرهم لتلك الأحزاب الفاسدة، وهي معروفة لدى أهالي البصرة، وقد استحوذوا على ابنية وعقارات ومؤسسات ومصارف وجاه وحشم وخدم، وجيوش من المجندين المرتزقة، ساعين الى احداث الفرقة بين ساكنة المدينة الواحدة، ليطلقوا اياديهم بحمل الأسلحة وفرض الإتاوات والاستحواذ على كل ما يمكن استحواذه من أموال وعقارات، حتى بلغت بهم النذالة، أنهم اخذوا بالاتفاق مع موظفي العقارات بتزوير سندات عقار لمالكين خارج العراق ونقلها لهم ولأسيادهم، وخصوصا من الأخوة المسيحيين وغيرهم، وهذا الشطط معروف ومتداول بين كل البصراويين، ناهيكم عن مئات التجاوزات التي مارستها هذه الفلول السافلة والمنحطة، دونما تدخل من السلطة أن كانت من قبل الحكومة المحلية أو المركزية، لأن الجميع دونما استثناء مشتركون في هذه الجرائم التي يندى لها الجبين.

ماذا تنتظرون من البصريين اذن وهم يعانون من هذا القرف اليومي الذي اخذ يهدد وجودهم حتى بقطرات الماء التي تبقيهم على قيد الحياة، وملفات الفساد تصول وتجول، من تبديد لأموال البصرة عن طريق خلق شركات بأعداد هائلة، لا أساس لها الا على الورق من اجل سرقة الأموال المرصودة لمشاريع وهمية، وبالتالي توزيعها على الفاسدين، لتصل الى جيوب وخزائن أحزاب الخراب الوقحة والخائنة لكل ذرة تراب عراقي وطأته اقدامهم النتنة، ويا لضيمكم أيها العراقيون.

ماذا فعلت النزاهة للفاسدين من البصرة تحديدا وهو احد الأسباب الرئيسية لما آلت اليه أمور المدينة الكارثية؟  

كيف لعاقل والكوارث هذه تحدق بالعراقيين عموما والبصريين تحديدا، وازلام الفساد يعيشون في نعيم وترف وهم يهرّبون أموال الفقراء والوطن الجريح خارج الحدود، بعد أن كونوا امبراطوريات مخيفة بخلق مافيات توزعت على ارجاء الكون، فما من بلد أوروبي أو عربي أو اسيوي أو افريقي أو حتى أمريكي لا تيني وامريكي شمالي الا وتجد اثرياء الأحزاب المتخمين وقد امتلكوا افخر العقارات وأفخم الفنادق وأخطر المؤسسات باسمهم وعوائلهم ومن يدور في فلكهم من سفلة ومنحطين ومصاصي دماء الفقراء.

ونعرف شخصيا حالات كانت ترتزق على صدقات دول الجوار، التقيناهم وهم يبحثون عن خلق مشاريع وشراء عقارات تقدر بملايين اليورو.

لم يبق لديكم من تبرير أيها الشرفاء سوى الوقوف مع منتفضي البصرة الابطال ودعمهم بكل شيء، حتى بالالتحاق في صفوفهم لدك صروح الفساد والنهب وإخراج العراق من هذه المحنة التي يقينا سوف لن تزول الا بانتفاضة شعبية عارمة دون تهاون أو تخاذل، لأن المعركة أصبحت معركة وجود وشرف وكرامة واسترداد حقوق مهدورة وإعادة الاعتبار لوطن عاث فيه فرسان أحزاب الإسلام السياسي وغيرهم من الطارئين، فسادا وشططا وظلما.

إن ما يحدث في البصرة لهو درس بليغ وانذار يشي بأن الأمور تسير نحو الأشد والأمضى فعلا والأكثر شررا جماهيريا، فلا تستهينوا بما يجري وأنتم تغلقون مجساتكم والطوفان قادم بشكل أعنف وأكثر هولا، والحصيف من يشم رائحة الخطر قبل وقوعه، رغم أنني اشك بقدرتكم في استيعاب ما يحدث!

الرحمة الواسعة لشهداء الحراك البصري والمجد والخلود لهم وسيبقون منارات فخر وكرامة ومجد يخلدهم تاريخ البصرة الناهضة من كبواتها والممزِقة لثياب الصمت القاتل لينضافوا لشهداء العراق الميامين.

والدعاء لشفاء الجرحى والمتضررين

فلا تتركوا البصرة البطلة تقاتل المخربين بجناح كسيرة، ليتمكن الجبناء من تهشيم جناحها الأخرى، لان البصرة هي حمامة السلام التي ستظل تحلق فوق سماء العراق، رمزا للخير والأمن والسلام الدائم.

وتبا لكل الخونة والمجرمين وسراق أموال الفقراء.

عرض مقالات: