تحولت اغلب الشوارع في مدينة بغداد العاصمة الى ساحات بيع ومزادات للفقراء الكادحين من النساء والرجال وصغارالسن الاطفال ومن كلا الجنسين. وكل واحد من هؤلاء الفقراء يؤدي عمله ودوره حسب امكانياته، فهذا ينادي " ماء بار د و مجرش" وهو يتنقل بين السيارات مندفعً نحو من يرغب بشراء قنينة ماء، وصبي آخر يحمل مناديل ورقية (كلينكس) وهو ينادي باعلى صوته "بنص دينار" واطفال بعمر الورد شكلاً ومضموناً نراهم يحملون ماسحة صغيرة وقنينة ماء برشاش صغير ، يمسح زجاج السيارات ليحصل على ربع دينار من صاحب السيارة او ربما لايحصل ، وآخرون يحملون قطعاً من قماش (البازة) او (قطعاً من الاسفنج الصغيرة) يبيعونها لسواق السيارات. مشاهد الباعة الجوالين في شوارع بغداد عدت من المناظر المألوفة، ولو أحصيت عدد المشتغلين في الشوارع لوجدتهم اعداداً هائلة وباعمار متنوعة الصغير والكبير والمرأة والرجل والشاب، وقد تسأل نفسك لماذا هذا التواجد غير الطبيعي لهؤلاء الكسبة والذي يتزايد عددهم يومياً وخاصة عند بداية العطلة الصيفية، والكثير من هؤلاء الفقراء يجدون هذه الاعمال مصدراً لرزقهم وباباً شرعياً للحصول على المال. اضف الى ذلك ان البعض منهم هجر المدرسة وكان لعائلته دور في هذ التوجه.
السبب يكمن في غياب فرص العمل والرعاية والتوجيه الاجتماعي وانعدام منتديات الشباب التي تساعد هؤلاء الفتية على تعلم مصلحة او مهنة او هواية رياضية او فنية، انها قضية كبيرة ومشكلة معقدة يعيشها الجيل الجديد ويعاني منها مجتمعنا العراقي وهي عمالة الشوارع.
احبتي في حكومتنا الرشيدة انتم مطالبون بدراسة ظاهرة العمالة في الشوارع العامة بسرعة وجدية من اجل تخليص المجتمع من هذا الواقع المرير، وانتشال الفئة الشابة من الضياع والتشرد عبر تشغيلها في معامل ومصانع حكومية تخدم البلد كما تخدمهم وتسير بهم نحو مستقبل يضمن حياتهم ويحقق آمالهم وامنياتهم في حياة مستقرة، والا سيكون مستقبل اغلب الفتية المشردين في دائرة مجهولة، وسيكونون هدفاً سهلاً وصيداً للارهاب والانحراف والجريمة المنظمة وحينها سينخرط هؤلاء الصغار في اتون العصابات والجريمة ويتحولون الى ادوات خطرة لا ينفع معها نصح او ارشاد.. ولا ساعة ندم.

عرض مقالات: