لا تستغرب، اخي القارئ العزيز،  من استخدام (الفالحية) تعبيرا شخصيا متعلقاً بجهد انساني موثوق، بذله الراحل الدكتور فالح عبد الجبار،  الذي احتوى جهده - خلال عمره كله -  مجموعة من الخصال النادرة في العمل الفكري، متشعبا في مجالات السياسة والفلسفة والاقتصاد ثم تركزت شعابه في اصول وطريق علم الاجتماع الحديث . لذلك ارجو من جميع القراء ان يسمحوا لي بالتسلل في هذه المقالة الى اسلوب من اساليب حماية نفحة من نفحات الكلام بتسمية (الفالحية)  لحماية ارث  الباحث العراقي  الدكتور فالح عبد الجبار ومهاراته في استكشاف طبيعة المجتمع العراقي وصراعاته منذ بداية القرن العشرين حتى اليوم .

اول علاقات التعارف والصداقة جمعتني مع شاب موفور الصحة، محب للمعرفة ،غزير الذكاء،  اسمه فالح عبد الجبار كان في يوم من ايام اوائل عام 1970 خلال عملنا الصحفي المشترك في مجلة (الاذاعة والتلفزيون)  ،  التي تصدّر رئاسة تحريرها الصحفي الموهوب زهير الدجيلي بعد ان تمكن من الحصول على تخويل عمومي من صديقه  محمد سعيد الصحاف  بتعيين كوادر المجلة باختياره الشخصي من دون تدخل اية جهة او منظمة من جهات او منظمات الحزب الحاكم آنذاك، حصل الدجيلي  في حينه على الدعم الكامل من صديقه محمد سعيد الصحاف مدير عام مؤسسة  الاذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما ، خاصة بعد ان كان الاتجاه السياسي العام متجها نحو التقارب العراقي – السوفييتي ونحو التقارب الجبهوي بين الحزب الشيوعي والبعث الحاكم.

كان معظم الكادر التحريري والفني والاداري في هذه المجلة قد تكون من الصحفيين الشيوعيين واصدقائهم. كنت قد أشغلتُ موقع سكرتير التحرير.  كان محرروها موهوبين وناشطين من امثال فالح عبد الجبار وسهيل سامي نادر وفاطمة المحسن وحسين الحسيني وزهير الجزائري  وسلام مسافر وحسين علي عجة وقاسم حسين صالح وحسين حسن ورياض قاسم ومها البياتي ومؤيد نعمة  وغيرهم ممن لا تحضرني اسماؤهم ، كما  استقطب المدير الصحاف موهوبين اخرين بمؤسسته من امثال صادق الصائغ في (البرنامج الثاني) واعتقال الطائي في برنامج سينمائي تقدمي (السينما والناس) ، كما استوعب الفنانين كوكب حمزة و فؤاد سالم وغيرهم من الفنانين والكتاب التقدميين كان من بينهم ، آنذاك، الفريق الفني من البصرة ، منتج اوبريت ( بيادر خير) بكتابة ياسين النصير واشعار   الشاعر الشعبي علي العضب والحان حميد البصري وغناء شوقية العطار واخراج قصي البصري وغيرهم من الفنانين التقدميين  الشباب.

في تلك الايام وجدت فالح عبد الجبار المتحول حديثا من القومية اليسارية الى الشيوعية ، متميزا عنا ، جميعاً،  بحب خاص نحو القراءة الماركسية المثابرة بعمق نادر. 

خلال احاديثنا اليومية المتواصلة وجدته مولعاً بقراءة الكتب الفلسفية ومتابعة المسار التاريخي للفلسفة،  القديمة والمعاصرة ، من خلال التعمق في دراسة آثار الفلاسفة العالميين ومن خلال محبته التراث الفلسفي كله، الاغريقي والعربي،  من امثال سقراط وارسطو وافلاطون وواصل بن عطاء وابن رشد وابن خلدون والغزالي ، مرورا بديكارت وكانت وهوبس  وهيغل وسبينوزا وكارل ماركس.  في سفرة صحفية  بسيارتي الشخصية الى البصرة   كان قد اكمل ، خلال ساعاتها ،  قراءة كتاب صغير عن التاريخ لمؤلفه برتراند رسل . 

كنت اعتقد منذ ذلك اليوم ان فالح عبد الجبار سيكون له شأن كبير في مستقبل الزمان العراقي وربما في مستقبل الزمان الفكري العربي كله.  كان منذ ايام شبابه يتابع بالدرس العميق والملاحظة الذكية جميع  جوانب الحياة في العراق والبلدان العربية وفي العالم ، أيضاً. ساعدته قراءاته باللغة الانكليزية في الإلمام المبكر بمختلف الشؤون الفكرية والسياسية الجارية في العالم، آنذاك،  خاصة بعد اشتغاله محررا سياسيا مختصا بالشؤون الدولية في جريدة الحزب الشيوعي العراقي اليومية (طريق الشعب) في فترة اشتغاله محررا ومترجما في مجلة الاذاعة والتلفزيون. 

كنا ، انا وزهير الدجيلي ، نلتقي معه احيانا في مقاهي او مطاعم شارع ابي نواس واحيانا في دار زهير للأصغاء الى بعض احاديثه المولعة بالثقافة والمعرفة والحرية وتجارب شعوب العالم واخلاقها.  كان اغلب تركيزه في تلك الايام من شبابه على علم الاقتصاد الماركسي  والدين والفلسفة وقد سلمته لمرات عديدة بعضا من كتب مكتبتي واستعارتها للقراءة واعادتها .

كرس فالح عبد الجبار جهده الشبابي في دراسة واستيعاب تاريخ العراق في النصف الاول من القرن العشرين ثم عايش وراقب قوانين ادارة الدولة العراقية وصراعاتها وتطور مركزيتها في النصف الثاني من القرن العشرين بعد إلمامه الفكري والتاريخي من خلال دراساته الاكاديمية وملاحظاته الصحفية البارعة لاستكشاف تضاريس المجتمع العراقي والتركيز على اختبار قدرة الشعب العراقي ونخبه الطليعية في بناء دولة عراقية قادرة على تحويل المجتمع تحويلا ديمقراطيا حقيقيا   واستمر فالح عبد الجبار في  معالجاته البحثية – النقدية حتى اللحظة الاخيرة من حياته . كانت مقالاته وكتبه ودراساته تزداد عناية وتركيزا على تاريخ الدولة العراقية وتطورات او صدمات الوعي الشعبي – الحزبي في العراق منذ تأسيسها عام 1921 حتى الآن باعتبارها القوة المركزية المعقدة بالتشعبات القمعية – الارهابية باعتماد اغلب حكامها على الاجهزة البوليسية – المخابراتية من دون أي تفكير بالعقلانية وبمصلحة الجماهير . أصبح الباحث فالح عبد الجبار  بالعكس مما كنت اتوقع له ان يصبح مهتما بالنظريات الفلسفية ، مبتعدا عن الوقائع الاجتماعية والسياسية المتضادة،   وتركيز اهتمامه الشديد بالجوانب الفلسفية،  النظرية والتطبيقية،  لمختلف المجالات الحياتية في ما يتعلق بالنظامين المتصارعين على النطاق العالمي،  الرأسمالي والاشتراكي .

لقد  تجاوز الدكتور فالح عبد الجبار علميا  ثلاث عتبات رئيسة سبقته في البحث عن المجتمع العراقي  :

تجاوز عتبة (القومي)  الباحث العراقي الدكتور وميض عمر نظمي في كتابه عن ثورة العشرين وطبيعة المجتمع العراقي.

تجاوز عتبة الباحث الفلسطيني  حنا بطاطو بكتبه الموضوعية  الثلاثة عن العراق.

تجاوز معطيات عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي .

تجاوزهم جميعا بدراسته العلمية الغنية في كتابه المعنون ( كتاب الدولة اللوياثان الجديد).الصادر عام 2017 . لقد انغمر فالح عبد الجبار بعد مغادرته العراق في الدراسة والمعرفة إذ تيسر له من فرص الحرية بمتابعة ما متاح له في اثناء وجوده في سوريا ولبنان وهو يراقب بدقة البيئة السياسية – الاجتماعية المضطربة في العراق بعهدة نظام الدكتاتور والحزب الواحد (صدام حسين وحزب البعث)  إبان  الفترة المليئة بالأحداث المتناقضة والحروب المتنوعة ، فقد كان صدام حسين قد أشعل حربين من حروب الجوار في عقد واحد من السنين ( الحرب الخليجية الاولى  العراقية – الايرانية وحرب الخليج الثانية بعد احتلال الكويت ) مما جعل العراق بلدا فقيرا معزولا عالميا وعربيا،   وتغير الدولة العراقية الى شكل من اشكال اللعب في مقدراتها من خلال جمرات القمع المشتعلة في كردستان وفي محافظات جنوب العراق ووسطه بعد انتفاضة آذار 1991  مما حرم الشعب العراقي ومجتمعه من أي نور وحضور في ذلك الزمان .

مر زمان طويل لم استطع اللقاء بصديقي القديم  فالح عبد الجبار  الا في لندن عام 1998 بحضور زوجته الدكتورة فاطمة المحسن،  في احد المؤتمرات الثقافية – السياسية  . لم يدم اللقاء اكثر من نصف ساعة رغم ان الفعالية الثقافية استمرت ليومين،  لكن نصف ساعة من ذلك اللقاء اوجدت عندي انطباعا عن مدى سعة إلمام الدكتور فالح بالدين والايديولوجيات والمذاهب الاقتصادية في تاريخ النوع البشري .  ثم أن هذا اللقاء ارسى (عادة) بيننا تناوبت في كل المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات المشتركة ،  التي جمعتنا في قاعة واحدة .

 جمعتني لقاءات مشتركة مع الدكتور فالح عبد الجبار والموهوبة فاطمة المحسن في لندن اكثر من مرة وفي اربيل وغيرها . في كل مرة كنت اكتشف قدرة هذا الرجل على  التجوال بمساحات واسعة لتحليل اسباب وعوامل الظلام الكوني المحيط ببلدان العالم والناتجة عن تطور النظام الرأسمالي تطورا سريعا    وعولمته  عولمة شاملة .  جعلتني هذه اللقاءات ، القليلة السريعة ،  مع قراءاتي كل ما يقع تحت يدي من كتاباته لكي اجد فيها ان فالح عبد الجبار يبحث بعمق  عن البقعة الضئيلة من الضوء القادرة على  التأمل الانساني في ما وصل اليه  الاستغلال الوحشي الرأسمالي لشعوب الكرة الارضية وثرواتها ، كلها،  بعد انهيار النظام الاشتراكي وانكسار المصباح اليساري العالمي.  اكتشفتُ،  اكثر من مرة،  ان خبرته الفكرية العميقة قد ساهمت في بناء  شخصيته النضالية الجديدة او ان صور افعاله الفكرية – الاكاديمية مؤكدة  رصانة  مسؤوليته العلمية الجديدة كعنصر من عناصر  التجديد الماركسي    لكنه من نوع عناصر   مفكرين ، متطورين، واثقين . اقول بفخر واعتزاز انني استفدت منه روائيا الشيء الكثير حين قدمنا ( الروائي جاسم المطير والروائي ابراهيم احمد)  في ندوة عام 2000 في مدينة لاهاي متحدثا باللغة الانكليزية امام جمع هولندي، كبير ومثقف ،  بتلك الندوة . 

نوعان من الكتابة (الفالحية)  قرأتُ  له دائما.  النوع الاول:  مقالة قصيرة ذات فكرة موجودة في موقع مركزي مُلحّ بعقول القراء لإدانة زعماء النهب والسلب في العراق والعالم العربي وعن بيروقراطيي الدول المركزية او عصابات الطرق وميليشيات الطوائف في بغداد وغيرها.  النوع الثاني من كتاباته هو ما فعله الدكتور فالح عبد الجبار بكتبه المنشورة ذات الرشاقة في التكوين والنقاش والموظفة اساسا كي تظل الماركسية نورا يهتدي به المناضلون يمكن الافادة والاستفادة منها في سيسيولوجيا الدولة والمجتمع.  لم استطع قراءة كتابه عن موجز الماركسية ولا ترجمته التعديلية لكتاب كارل ماركس (رأس المال) خاصة بعد ان اصبحت الاضواء الكثيرة المنتشرة  في اوربا وامريكا،  تشرق وتغرب من حول الماركسية،  خلال السنوات العشرة الماضية في  العالم  كله ، بما في ذلك العالم العربي والاسلامي بفعل نهوض قوى متمسكة بأفكار وايديولوجيا غير ارضية اقتربت متوددة للناس في العالم الثالث بفعل تنظيمات (الاخوان المسلمين) و(القاعدة) واخيرا تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)  وقد تكشف اسلوب (الفالحية) بكتاب الدولة الاسلامية المكتوب بتأمل وخبرة ومصاحبة فريق عمل من حوالي 15 شابا اكاديميا مقره بيروت  بقيادة الدكتور فالح وهو اسلوب  (جماعي نخبوي) لم يقدم عليه أي معهد عربي مماثل ولا أي  حزب شيوعي في العالم العربي ولا اية مجموعة ماركسية اخرى.  قرأت هذا الكتاب مرة واحدة وما زلت بالقراءة الثانية حين وصلني خبر رحيل فالح عبد الجبار فخر (الفالحية) وداعمها وصاحب فكرتها المركزية.  لم تكن  المهمة الاولى لهذا الكتاب كشف اساليب العدوان و التعذيب والقتل والاغتصاب والاختطاف،  بل كشف جوهر التطرف السلفي في الواقع الاسلامي الحالي والواقع النظري – السياسي  بما يحيط بالفكر الماركسي المعاصر المطوق عالميا بنظرية فوكا ياما  بأن الرأسمالية نهاية التاريخ والمطروق عراقيا بنظرية عامر الكفيشي الداعي باسم الله الى قتل  الشيوعيين والعلمانيين والمدنيين متفوقا بذلك على بيان رقم 13 الصادر يوم انقلاب 8 شباط عام 1963  .

الشيء المهم جدا في ( الافكار الفالحية) لم يكن مجرد استقراء عابر للعلاقة بين النخب العراقية  الواعية  في كتاب (العمامة والافندي)،  حيث وضع الدكتور فالح فكرته الاساسية متجها ببصره النفاذ الى اعماق المجتمع العرافي الحديث ومحركاته الاساسية في فترة زمنية ليست عابرة،  حيث طموحات الشعب العراقي مصحوبة بتخيلات بناء دولة ديمقراطية حقيقية.  صحيح أن ألحان العلاقة بين العمامة والافندي تبدو خافتة لكن (الفالحية) استطاعت سماعها ووضعت نوتاتها في كتاب مهم.

انصب اهتمام فالح عبد الجبار خلال العقد الاخير من حياته بمحاولة تبسيط مفاهيم وروافع (علم الاجتماع) وجعله في متناول جميع الناس ، بجميع مستوياتهم المعرفية،  باتباع وسائل الفلاسفة الاولين بعملية التبسيط من امثال ديمقريطس ولوكريتس وابيقور ، بالرغم من استحواذ الانطباعات العامة عن الطريقة الماركسية وما تركه أثر الاقتصاد السياسي الماركسي وكتاب رأس المال عليه من آثار قصص وروايات التحرر من ربقة الرأسمالية العالمية ، خاصة ما يتعلق بتجارب الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية السابقة وعطاءاتها المهيبة الكثيرة  التي تحطمت بانهيار الدولة السوفييتية ودول المعسكر الاشتراكي في شرق اوربا عام 1990 – 1991 أي انهيار النظام الشيوعي وجدرانه الصارمة  امام عيني فالح عبد الجبار        ليحس احساسا غير متوقع وربما ليشعر شعورا انفعاليا غمره بانهيار مختبر عميق من مختبرات الحياة الانسانية والنظرية الماركسية،  مما جعل  فالح عبد الجبار يدقق النظر في التجارب الماركسية بمختلف ساحات تطبيقها  كان كل شيء يدفعه الى العمل الفكري ويجعله منغمسا في اجواء علم الاجتماع وربما جعله مضطرما بجلبة الافكار العلمانية والشيوعية وضوضائها اضافة الى انوارها في بلدان الشرق الاوسط حيث المختبر الشرق - الاوسطي مليء بكل ما يجعل فالح عبد الجبار داخل عملية الابداع في علم الاجتماع الحديث وفي العلاقة بين الفلسفة والدين وقد اعطى مزيدا من الوقت والجهد لملاحظة ومتابعة التجارب الاجتماعية – السياسية وامكاناتها وقضاياها في الشرق الاوسط،  متحررا من ممارسات آخرين يظنون انهم معصومون من الخطأ وكان يتحلى بالتواضع بعيدا عن كتابات التعالي مما اوصله الى مراحل فكرية مميزة ومتقدمة .

لم يدب الى نشاطه لا يأس ولا توقف ولا قنوط سواء في فترات شبابه الاول بالعراق او شبابه الثاني في سوريا ولبنان او في مرحلة انتقاله الاوربي المانيا – بريطانيا ثم استقراره في لندن موهوبا ومغامرا لإكمال دراسته الاكاديمية ونيل شهادة الدكتوراه للدخول من جديد بكفاءة اعلى الى خزائن الافكار الانسانية والمعارف البشرية برؤية موضوعية مستقلة ليشتهر بعدها كعالم اجتماع ليشغل مكانة مرموقة في الثقافة العربية الشاملة والجديدة.

ان ابتكارات الدكتور فالح عبد الجبار لاستجواب الطبيعة البشرية وتجاربها التخمينية والتخطيطية في بناء الدولة الحديثة كثيرة وعديدة وقد ظل متواضعا طيلة حياته الناجحة ، متمعنا بأركان أفكار السماء والارض وفي مصير البشرية تحتها او عليها . استطيع هنا تشخيص النقطة الجوهرية التي لعبتها (الفالحية) في الفكر العربي المعاصر.

 كانت (الفالحية) تدور في مدارات مختلفة، لكن فالح عبد الجبار لم يتمسك بكل افكار الماضي، بل كان يملك تحفظات علنية وخفية، حول العديد من افكار الماضي الماركسي وقد حسم مواقفه بصورة مباشرة بوصوله الابداعي الى اصول النظرية (الفالحية) في الرؤية الاجتماعية  من خلال ولادات فكرية متعاقبة جعلته منحازا، بصورة غير مباشرة ،  الى الماركسية المتجددة والى صفوف الماركسيين المجددين من امثال  المصري سمير امين واللبناني كريم مروة  ليس فقط من خلال اعادته ترجمة كتاب كارل ماركس (رأس المال) لتخليصه من اخطاء الترجمة السابقة،  بل من خلال انغماره في البحث المستدام في اطار علم السيسيولوجيا بالتدخل القوي والجريء في تحديد اسباب التخلف الاقتصادي ببلدان غنية – العراق نموذجا – وعن دور النخب في تحديث البنى الاجتماعية    وقد استطاع ان يحافظ على تفرده بالتفاعل العارم داخل الشخصية العراقية بعد نظام نيسان عام 2003 حيث التصادم القوي بين مختلف الطوائف والإثنيات العراقية ، محاولا البحث في وجود الطريق السليم لبناء الدولة العراقية الجديدة التي يحلم بها الشعب العراقي بعد قرن من زمان الدولة العراقية الفاشلة والعصيبة وقد ظلت رؤيته جدية حتى لحظة وفاته المبكرة.

السؤال الان هو:  هل ان نمط البحث والدراسة في مركز دراسات (الفالحية) الذي انشأه الدكتور فالح عبد الجبار في بيروت بعد عام 2003 ينبغي ان يتواصل بعد رحيله ، رغم الخسارة الفادحة بهذا الرحيل ..؟ هل يستمر المركز بفعل جهود ورثته  وزوجته فاطمة لاستكمال رسالة الراحل فالح عبد الجبار ..؟  هل يُعتمد عليهم لجني مزيد من النور الاجتماعي  والتنوير الديمقراطي..؟ هل يتواصل المركز في ظل (الطريقة الجماعية) بالعمل البحثي والدراسي،  التي ارساها واعتمدها فالح عبد الجبار..؟ لا ادري هل يتاح امام الوضع العائلي والاداري مواصلة صيغة من صيغ العلاقة الادارية لمواصلة العمل في هذا المركز بأن تكون الدكتورة فاطمة المحسن قادرة على مواصلة ادارة العمل الفكري في هذا المركز وممارسة عمل (الفالحية) ومواصلة نموذج عقلانيتها في اطار بنية ادارية جماعية اختارها الدكتور فالح عبد الجبار بطريقة انجاز الكتاب المهم عن (الدولة الاسلامية – داعش ) اذ أتمّه عن طريق المشاركة الجماعية في البحث والدراسة والترجمة والاعداد بمتابعة اندماجية لا تخلو من اساليب ماكس فيبر او تجليات العلاقة الفكرية بين كارل ماركس وفريدريك انجلز.

الشيء المهم ان الوظيفة السيسيولوجية ( الفالحية ) ينبغي ان تظل وتتطور وتتواصل .

عرض مقالات: