
بُعدها الاول والمثير للغرابة والتساؤل قد تمثل بغياب القوى المدنية عن نتائج الانتخابات، وبخاصة الحزب الشيوعي العراقي الذي يعتبر رمزاً للمدنية والحياة التقدمية والتحضر في العراق.. وهو عميد الاحزاب السياسية العراقية دون منازع، على مر التاريخ السياسي العراقي.. فياترى اين اختفت جماهيره الواسعة التي تستجيب لنداءاته في أحلك الظروف السياسية ومشهود لها بالشجاعة والاقدام، التي سجل لها التاريخ عبر معارك الكفاح المسلح والحراك الجماهيري ضد الظلم، مما اكسب حزب الطبقة العاملة والشغيلة عموماً عنوان " حزب الشهداء " الذي اول من شيدت له المقابر الجماعية في منطقة بسماية ابان انقلاب 8 شباط الاسود عام 1963. وظلت متواصلة عبر السنوات اللاحقة . نذكر ذلك لا للتغي بالامجاد وان كانت ناصعة، انما هو تساؤل مفاده " هل لهذه الجماهير المقدامة سهلة التبخر عن لوحة المشهد السياسي العراقي ؟. والتي لم تستطع الغاؤها أعنف الدكتاتوريات الفاشية حتى بذروة صعودها المتوحش.
ونعود باحثين ومتمسكين بتلابيب مفوضية الانتخابات التي لاتملك تفويضاً شعبياً وغير مستقلة، لكونها قد تم تشكيلها من اعضاء احزاب القوى الحاكمة.. متسائلين: هل خطر على بالها حماية الاصوات المدنية من احتمال الخطف والاتلاف .؟، وهل تعلم اين ركنت ؟ .. في حين كانت احزاب السلطة متنمرة وتخوض غمار معركة الانتخابات. متحزمة بالسلاح ومليارات من اموال السحت المنهوبة.. كما يبدو قد استجابت لارادة مراجعها السياسيين واقدمت على ازاحة هذا وذاك من مرشحي القوى المدنية قبل بدء عملية الاقتراع، متعاكسة حتى مع اجراءات القضاء العراقي العادلة، التي رفضت ما اقدمت عليه المفوضية من الغاءات ترشح تعسفية جلها من القوى المدنية.. ومن التفاتة مصحوبة بحسرة الم عميقة الى بغداد بنت الحضارات والمدنية هل طغى زحف التخلف عليها، فغيّب صوتها المدني فيها امام جحافل لفيف مستدعى اليها ليعلو صوته غير البغدادي بفعل فاعل متزلف، ان الاصوات التي تبخرت ستمطر غضباً وتعلو لا محال.
اما بُعدها الثاني: فكان مستفزاً بمعانيه وعناوينه حيث جاء ملوحاً باخلاء الطريق، الى من منع عن المشاركة بشرع حتى القوانين الدولية لكونه يعد خصماً للاعراف وللاسس والقيم الانسانية، ومطلوباً لعدالة الشعب. لكنه يتشبث بذيل الديقراطية ـ الانتخابات ـ المصاغ قانونها حسب مقاسه، ومنها يصبح " المختار " عنوة بغطاء شرعية الصكوك المالية المسروقة والبنادق الموجهة ضد من يخالفه مُكفراً من يسأل عن من اين جاء هذا المقطوع النسب للوطن؟ . غير انه يستمد جبروته من سلطة يتيمة ليس لها ملامح نزيهة اوهوية شرعية.. حيث وجدت كالقيطة على قارعة الطريق بعد ان انسحب عنها اهلها الشرعيون .. في وسط دوامة هذا الدراما المسخ الذي اُخرج واُنتج ونُفذ وفقاً لنصوص ما سمي بـ " الثلث المعطل " .. المستنسخة من اصل غريب عابر للحدود.
واستمر ظهور دخان اسود من ذات البعد ينبئ بوجود محاولات انتاج رئيس للوزراء مركب الاجزاء مختلف المضمون، لا يمت للاسس الدستورية بشيء، بدأ ذلك منذ ان اغلقت بوابة المادة 76 الدسورية المعنية بتكليف صاحب الكتلة الانتخابية الاكثر عدداً، وحل مكانها ربما شخص ليس لديه حتى مقعد واحد. وقد جرب هذا الانموذج اربع مرات " العبادي، عبد المهدي، الكاظمي، والسوداني.. غير ان الصلاحيات التنفيذية لدى الرئيس تغريه للتمحور، رافضاً الانصياع لسنياريوهات القوى المتنفذة التي نصبته، وهنا العقدة التي تسمرت امامها الارادات المتضاربة لملاك مصنع الرئاسات، زد الى ذلك عدم خلو مفترق طرق من ارادة دولية مرابطة في وسط اي منها. ولكن تتلبد فيها حالتان اما التنازع الدموي واما التنازل للشروط الخارجية . فضلاً عن نقطة مفصلية مطروحة على طاولة تاخذ نصيبها الاكثر من البحث، غايتها تحويل منصب الرئيس الى ملك طابو باسم الاطارتحديداً، ومنعاً عن تحويله لصالح الرئيس اذا ما اراد التمرد وهذه الطامة الكبرى..







