
بعد عامين من الدمار المُمنهج والقتل الجماعي في غزة، حيث قُتل آلاف المدنيين وسُوّيت أجزاء كبيرة من المنطقة بالأرض، تم التوصل إلى وقف إطلاق نار هش، ومفاوضات سلام محتملة في الطريق.
ولكن رغم صمت القنابل، تستمر آلية رأس المال.
في البداية، رأينا الشركات التي استفادت من توريد الأسلحة ومعدات المراقبة والتجارة مع إسرائيل، والآن تَظهر شركات جديدة مستعدة للاستفادة من إعادة الإعمار.
رأس المال هو المُستفيد أولاً من الحرب - ثم من "السلام".
لذلك، لا داعي للتفاؤل طالما استمر الاحتلال، وطالما استمرت بلديات في الدنمارك مثل بلدية أورهوس في شبه جزيرة يولاند في الاستثمار في شركات تجني الربح من الحرب.
بينما تتحدث الدبلوماسية عن السلام، يستمر احتلال الأراضي الفلسطينية وتزداد أرباح من يعيشون عليه. لذلك، يجب أن يُشنَّ النضال من أجل فلسطين هنا في الوطن، وفي البلديات، حيث تُستثمر أموالنا المشتركة.
هذا يُساهم في انتهاكات القانون الدولي.
تمتلك بلدية كوبنهاغن حوالي 18.9 مليار كرونة دنماركية (يعادل 3 مليار دولار أمريكي) مُستثمرة في صناديق واستثمارات. لكن لا أحد يعلم تحديداً، أين تُستخدم هذه الأموال.
كشفت منظمة "دان ووتش Danwatch" سابقاً أن البلديات الدنماركية استثمرت في شركات تُساهم في اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي.
لا تُقدِّم سياسة البلدية المتعلقة بـ "الاستثمارات المسؤولة" أي ضمانات بأن الأموال يجب أن لا تصل إلى شركات تُساهم في نظام الفصل العنصري وانتهاكات القانون الدولي. عندما تستثمر البلدية، فإنها لا تستثمر بشكل مُحايد - بل في اقتصاد تتقدّم فيه الأرباح على المبادئ.
اقتصاد الإبادة الجماعية
تُبيّنْ المُقررة الخاصة للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، في تقريرها "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية"، كيف أن شركات مثل مايكروسوفت وأمازون وسيمنز ومِيرسك مُندمجة بعمق في اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي. وتُطلق عليه اسم "اقتصاد الإبادة الجماعية " يُمَكِّن فيه رأس المال والتكنولوجيا من العقاب الجماعي والتطهير العرقي.
لا يُمكن لأي مؤسسة عامة أن تُسمي نفسها مُحايدة إذا استثمرت في مثل هذه الشركات.
التضامن البلدي عملياً
تُطالب حركة "صوّتوا لفلسطين" المسؤولين المُنتخبين بالالتزام بسحب استثمارات البلديات من الشركات التي تدعم الاحتلال، وتُكافح الحركة العنصرية والتمييز، وتُطالب بضمان حرية التعبير للفعاليات المؤيدة للفلسطينيين.
يلتزم مرشحو الحزب الشيوعي الدنماركي للانتخابات البلدية بهذه المطالب ويتقدمون للأمام.
يُطالب الشيوعيون بما يلي:
- الشفافية الكاملة. نشر جميع استثمارات البلديات حتى يتمكن المواطنون من معرفة أين تُستثمر الأموال.
- سحب الاستثمارات. سحب أموال البلدية من جميع الشركات المتواطئة في الحرب والاحتلال.
- مجلس الإشراف البلدي. مجلس مستقل من المسؤولين المُنتخبين والخبراء والمجتمع المدني، يُراقب الاستثمارات التي تُساهم في الاستعمار والفصل العنصري وانتهاكات القانون الدولي والحرب.
- الحل السياسي. أن كوبنهاغن تدعو الحكومة إلى فرض حظر على توريد الأسلحة إلى إسرائيل ودعم التحقيقات الدولية.
- حرية التعبير والتضامن. يجب أن تتمتع المؤسسات البلدية بحرية استضافة فعاليات مؤيدة للفلسطينيين والتعاون مع المُدن والنقابات الفلسطينية.
السلام ليس مجرد غياب القنابل.
السلام يتطلب العدالة - والعدالة تتطلب العمل.
عندما نفضح تواطؤ رأس المال ونُفككه، تصبح السياسة المحلية صراعاً طبقياً وتضامناً دولياً.
وهُناك - في البلديات التي لدينا مُرشحين للانتخابات البلدية - سيستمر النضال من أجل فلسطين.
*عن جريدة "الشيوعي" والتي يُصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي في عددها الأخير لشهر تشرين الثاني/ نوفمبر.