جاء نظام الكوتا في الأصل ، كأستجابة لواقع العراق المتعدد (قومياً ، دينياً وطائفياً) ، لضمان مشاركة المكونات الصغيرة (المسيحيين، الإيزيديين، الشبك، الصابئة، الكرد الفيليين) في العملية السياسية، ومنحهم مقاعد مضمونة في البرلمان ، وبذلك، تعتبر الكوتا ضمانة دستورية وسياسية لحماية حقوق هذه المكونات الصغيرة من التهميش في ظل هيمنة الكتل الكبرى. (في نهاية المقال جدول بعدد مرشحي الكوتا و دوائر التصويت لهم) (*)
ويضمن القانون من خلال نظام الكوتا، في حال تطبيقه بعدالة، أن يسهم في بناء دولة المواطنة، عبر إتاحة تمثيل أوسع للمكونات، وإشراكها في صنع القرار الوطني، لا بوصفها جماعات تابعة، بل كجزء من النسيج العراقي العام ، حيث سيشعر أبناء المكونات أن أصواتهم مسموعة وأن تمثيلهم حقيقي، بما يعزز اندماجهم في الدولة والمجتمع، ويقلّل من نزعات الانعزال والانقسام، ويقوّي التلاحم الوطني.
التصويت للكوتا خيار ديمقراطي بديل أيضاً
إنّ التصويت لصالح مرشحي الكوتا في المحافظات التي يندر فيها وجود قوى مدنية أو شخصيات نزيهة يمكن الثقة بها ، يُعدّ ممارسة سياسية واعية ومنسجمة مع روح الديمقراطية. فالقانون الانتخابي العراقي، من خلال نظام الكوتا، أتاح لكل المواطنين العراقيين ، مساحة أوسع لاختيار ممثليهم بعيداً عن الاصطفافات الطائفية أو المناطقية التي طغت على العملية الانتخابية بعد عام 2003. وبهذا المعنى، يصبح التصويت للكوتا وسيلة لتفعيل مبدأ المواطنة الحرة والمسؤولة، إذ يتيح للناخب رفض الفاسدين في محافظته، واختيار من يرى فيهم الكفاءة والنزاهة من مرشحين آخرين، بغضّ النظر عن الانتماء الجغرافي أو الهوياتي.
وهنا يصبح قانون الكوتا إضافة لكونه خطوة إيجابية نحو تحقيق التمثيل المتوازن وضمان مشاركة الفئات المهمّشة في العملية السياسية، يصبح منفذ للمواطنين الساعين إلى تجاوز الانقسامات التقليدية في توجيه أصواتهم نحو خيارات مدنية ونزيهة. وإن اعتماد مثل هذا السلوك الانتخابي سيُجسّد تطوراً في الوعي السياسي لدى الناخب العراقي ، ويعبّر عن محاولته لتجاوز البنية التقليدية للولاءات الفرعية التي أسستها المحاصصة بعد عام 2003 ، ويعكس إدراكه المتزايد بأنّ الديمقراطية لا تعني مجرد الاقتراع الشكلي، بل تتجسد في الأختيار الأخلاقي والسياسي المستند إلى قيم النزاهة والعدالة والمصلحة العامة. ومن هنا، يمكن القول إنّ الاستفادة الواعية من نظام الكوتا تمثّل خطوة بأتجاه إعادة تعريف معنى المشاركة السياسية في العراق، بوصفها منطلق يسعى لتصحيح مسار العملية الانتخابية لا مجرد الاندماج فيها .
غير أنّ التطبيق العملي لهذا النظام كشف عن محدودية فاعليته في ظل البيئة السياسية المشوّهة التي تتحكم فيها شبكات النفوذ الحزبي والطائفي ، حيث تحولت الكوتا بالممارسة الفعلية إلى أداة بيد القوى المهيمنة التي سعت للسيطرة على مقاعد المكونات من خلال دعم مرشحين تابعين لها أو موالين لسياساتها لغرض توسيع نفوذها .
فنتائج المنافسة الانتخابية (خاصة في الدورتين الانتخابيتين الاخيرتين) تؤشر بوضوح، كيف تحكمت القوى المتنفذة بمرشحي الكوتا، مما أفقد المكونات تمثيلها المستقل، وتحولت مقاعد الكوتا (بصورتها المشوهة) إلى مجرد رموز شكلية تستخدم لتجميل المشهد الديمقراطي وإضفاء طابع تعددي وهمي على العملية السياسية.
وهكذا تحولت الكوتا التي أقرت لتمثل أداة ديمقراطية لإصلاح الخلل التمثيلي للمكونات الصغيرة، لتصبح في واقع التطبيق جزءاً من بنية المحاصصة التي حكمت النظام السياسي بعد عام 2003.
هذا الوضع يستدعي إجراء إصلاح قانوني وسياسي متكامل في بنية النظام الانتخابي، يضمن الشفافية، ويمنع القوى المتنفذة من استغلال المقاعد الخاصة، مع ضرورة تعزيز الوعي السياسي لدى الناخبين بأهمية الاختيار الواعي والمسؤول. فنجاح أي آلية انتخابية، بما فيها الكوتا، مرهون بمدى نضج البيئة الديمقراطية التي تعمل في إطارها.
وجدير بالإشارة، أن أي إصلاح قانوني أو سياسي لن ينجح من دون تغيير في الوعي المجتمعي، فرفع مستوى الوعي الانتخابي يمثّل شرطاً أساسياً لحماية نزاهة التصويت، إذ إنّ المواطن الواعي هو الضامن الأول لنزاهة العملية الديمقراطية. ويتحقق ذلك عبر حملات تثقيف مدني وإعلامي توضّح دور الكوتا كوسيلة إصلاحية لا كأمتياز فئوي، وتشجع الناخبين على اختيار المرشحين على أساس الكفاءة والنزاهة لا الانتماء الضيق.
كما إن نزاهة التصويت في نظام الكوتا لن تتحقق عبر الإجراءات التقنية وحدها، بل من خلال منظومة إصلاح متكاملة تربط القانون بالثقافة السياسية، والإدارة بالرقابة، والمواطنة بالمساءلة دون تمييز ، وعندما تتوفر هذه الشروط مجتمعة، يمكن للكوتا أن تتحول من أداة شكلية إلى رافعة ديمقراطية حقيقية تُسهم في إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وفي تعزيز قيم العدالة والمشاركة والمواطنة في التجربة العراقية.
(*) توزيع مقاعد الكوتا (9) ، يكون الترشيح فردي، والفائز هو الحائز على أعلى الاصوات
المحافظة |
المكون |
عدد المرشحين |
دوائر التصويت |
بغداد |
مسيحي |
1 |
التصويت من كل محافظات العراق عدا اقليم كردستان |
بغداد |
صابئي |
1 |
التصويت من كل محافظات العراق |
|
|
|
|
نينوى |
مسيحي |
1 |
التصويت من كل محافظات العراق عدا إقليم كردستان |
نينوى |
إيزيدي |
1 |
التصويت من محافظة نينوى فقط |
نينوى |
شبكي |
1 |
التصويت من محافظة نينوى فقط |
|
|
|
|
كركوك |
مسيحي |
1 |
التصويت من كل محافظات العراق عدا اقليم كردستان |
|
|
|
|
أربيل |
مسيحي |
1 |
التصويت من إقليم كردستان بحدوده الإدارية |
|
|
|
|
دهوك |
مسيحي |
1 |
التصويت من إقليم كردستان بحدوده الأدارية |
|
|
|
|
واسط |
فيلي |
1 |
التصويت من محافظة واسط فقط |