من المعلوم ان سير الزمن يترك تاثيره على الامزجة والافكار والتطلعات واعادة الحسابات، لكونه يدعو الى الالتفات الى ما دار وما خلفته مسيرة البحث عن الاهداف والمرامي، التي غالباً ما تصاحب الذين غرفوا سحتاً دون أدنى حق او اعتبار على حساب الناس. وانهم بهذا يدركون هتاف الشارع " كلهم حرامية " ويعلمون به سيلا جارفا لابد ان يطالهم في انعطافة غير بعيدة، وليس مجرد صوت تطلقه الحناجر الثائرة، وانما نار تسبق الريح استعاراً في ذات الهشيم الذي خلفوه. الكل المغتنم المغتصب امسى يحزم حقائبه ويشد همته للصعود الى قطار الانتخابات لعله ينقلهم الى محطة تقيهم زحف الجموع الغاضبة. ويدركون ايضاً ان هذه المرة لا ينفع الرصاص او القناص مع من يعشقون التضحية ويتماهون مع الاستشهاد في معادلة " الموت الفوري أهون من الموت البطيء ".
طبعاً ما عاد قطار الانتخابات يمشي على قضبي السكة، انما على احديهما اي " يتحنجل بساق واحدة" على حد الوصف الشعبي . ويشاهد عن قرب مختلاً من كثرة احماله الممنوعة: مثلاً منها يمكن التصويت مرتين لكافة القوات المسلحة في الاقتراع الخاص، مستغلين وحشة غياب " الحبر البنفسجي " ، وصار الادلاء مرة في المعسكرات ومن ثمة تكراره في محلات السكن، اما الحمل الاخر الاكثر بهلوة سياسية ، فهو التغيير الديموغرافي، الذي اخذ ينمو خلسة، ذلك ما رصد وما يذكرعلى السنة ابناء شعبنا بمنح بطاقة الجنسية الموحدة والبطاقة السكنية وكذلك البطاقة " البنومترية " لصنف معين من الاجانب الذين مستمر الاتيان بهم من شرق الحدود، وقد افتضح هذا الامر بعد ما تكررت عمليات القبض على مجاميع في المعابر الحدودية، ولكن تم التسترعلى مصيرهم وكل هذا يتم تدبيره بليل، ولم يلمس موقفاً قانونياً لمفوضية الانتخابات غير المستقلة لكونها مشكلة من اعضاء الاحزاب المتنفذة حصراً .
نزيد شيئاً يتعلق بعدم سلامة اجراءات تعيين مدراء المحطات الانتخابية.. لقد دبرت المفوضية تنصيبهم باحكام. ليس هذا فحسب، انما لا تُغفل حقيقة تلك القائمة المغلغمة التي انطوت على اكثر من اسم 700 مرشح، الذين تم منعهم عن المشاركة في الانتخابات القادمة وكانت على نحو مقصود، ومضلل بشموله صورياً لكافة القوائم بغية تمرير اقصاء الاسماء المراد منعها، مما جعل القضاء العراقي يتصدى ويعيد بعض الممنوعين عن المشاركة في الانتخابات وهي التفاتة تحسب له رغم كونها واجباً.. وبعد هل يسلم هذا القطار الناقل للاحمال غير المرخص بها من الاعتراض والاشارة الى اخطر صنف محمل به.. تخيلوا الامر الفاضح، ففي ما ذكرناه آنفاً عن منع مشاركة بعض الاشخاص بذريعة واخرى مختلقة وليست ببعيدة عن الكيد.. في ذات الوقت يسمح بمشاركة بعض الاحزاب ذات الاجنحة العسكرية الممنوعة دستورياً من خوض الانتخابات.. هذا وناهيك عن شراء الذمم واشاعة ثقافة الفساد بمختلف الوانه، ولا يقل شاناً وخطورة احتقار احكام القانون.
بيد ان العيون الوطنية استمرت ترصد وتخبّر وتحذر من مغبة المضي بهذه الفواعل المحرمة المهربة الخطيرة، التي ان دلت على امر فتدل على لي عنق ما يسمى بالعملية السياسية الطريحة اصلاً، خلف رهبة السلاح وفرض ارادة الاقلية الحاكمة على الاغلبية الديمقراطية من المواطنين. وهنا تتجلى مشاهدة عصف خريف النظام المتهالك والسؤال العليل يقول: ماذا سيحل في البلاد جراء هذا التعسف بحقوق العراقيين ؟، الذين دفعوا الدماء واجترحوا الملمات الصعاب طيلة سنين طوال املاً بان ينالوا هذه الحقوق ..