تحت شعار: " مستقبل حل النزاعات وبناء السلام" يستضيف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) خلال يومي 13 و14  اَيار الجاري "منتدى ستوكهولم الثاني عشر للسلام والتنمية" نسخة 2025، بالتعاون مع كاديمية فولك برنادوت (FBA) ) المختصة بالسلام والأمن والتنمية، والوكالة السويدية للتنمية الدولية(SIDA)، إضافة لأكثر من ٧٠ منظمة شريكة.

والمعروف ان "منتدى ستوكهولم للسلام والتنمية" هو مؤتمرٌ يستمر لعدة أيام، ويضم سلسلةً من الجلسات النقاشية رفيعة المستوى وحلقات النقاش المستديرة، بالإضافة إلى مجموعةٍ من ورش العمل واللقاءات والمعارض والحوارات الودية. يُمد المنتدى جسورًا بين أوساط السياسات والبحوث والممارسين العالميين، ويوفر منصةً محايدةً ومساحةً آمنةً لتبادل المعرفة والممارسات والحلول. 

يتولى شركاء منتدى ستوكهولم قيادة وتصميم وتنظيم الجلسات الفردية. وبما أن عام 2025 يصادف الذكرى السنوية العاشرة لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن أجندة الشباب والسلام والأمن، سيولي منتدى هذا العام اهتمامًا خاصًا لدور الشباب وأصواتهم والحوار بين الأجيال في صياغة مستقبل بناء السلام. كما سيُركز المنتدى بشكل خاص على تشجيع مشاركة القطاع الخاص في المنتدى، بما في ذلك من خلال التنظيم المشترك للجلسات. 

على مدار يومين، يجتمع أكثر من  400 مشارك من أكثر من 70 دولة في العاصمة السويدية، سينخرط المشاركون  في 46 جلسة تجسد التأمل والحوار والمناقشات الإبداعية حول كيفية التعامل مع الواقع الجديد وبناء مستقبل أكثر أمنًا.

   إنطلقت الجلسة الافتتاحية للمنتدى يوم أمس الثلاثاء 13/5/2025 .افتتحها ستيفان لوفين ، رئيس مجلس إدارة معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ، مُتيحًا فضاء للحوار المفتوح والصادق والتغييري. وأكد في كلمته الترحيبية أن المنتدى يُمثل منصةً للتعلم والاستماع والتواصل، وللبدء في صياغة أساليب تفكير جديدة "في وقتٍ يجد فيه العالم نفسه في حالة من التوتر العميق، حيث تتحرك الصفائح التكتونية للجيوسياسية تحت أقدامنا حرفيًا". 

وفي كلمتها الافتتاحية، لفتت هيلين إدواردز ، المديرة العامة للتعاون الإنمائي الدولي بوزارة الخارجية السويدية، الانتباه إلى تقلص مساعدات التنمية ،وأكدت على أهمية ضمان وصول الموارد النادرة إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها.

 جمعت الجلسة الافتتاحية للمنتدى، بعنوان "تحولات القوى: إعادة التفكير في السلام ومستقبل الأمن"، أصواتًا بارزة لاستكشاف التحول الجذري الذي يشهده المشهد الجيوسياسي العالمي وتأثيره على السلام والأمن العالميين. إن التحول عن هيمنة القطب الواحد، وتصاعد التنافس بين القوى الكبرى، وارتفاع الإنفاق العسكري، وتنامي تجاهل الأطر المعيارية، كل ذلك يعني ضرورة إعادة النظر في استراتيجيات بناء السلام للحفاظ على فعاليتها.

 من جانبه، مهد بير أولسون فريد ، المدير العام لأكاديمية فولك برنادوت، الطريق لليومين المقبلين. وتساءل: "يشهد المشهد الجيوسياسي العالمي تحولاً عميقاً، تحولاً بدأ يتكشف مع مرور الوقت، ولكنه الآن يتجلى بوضوح متزايد... هل هذا النظام العالمي جديد حقاً، أم أن أوروبا تواجه ببساطة مواجهة متأخرة مع التغيرات التي تحدث منذ فترة؟"

وافتتحت إيلينا مارزاك ، مديرة منصة مبادرات الأمن والدفاع في مولدوفا، حلقة النقاش بدعوة العاملين في هذا المشهد الجديد إلى التحول من نهج تنازلي إلى تركيز محلي مجتمعي، والاستثمار في مناهج متكاملة. وأوضحت أن التعددية ليست بالية، ولكنها موضع خلاف. وقالت: "علينا أن نكون فاعلين: يجب أن تكون الدبلوماسية استباقية، وعلينا أن نفهم المجتمعات حتى لو لم تؤمن القوى الكبرى بأهمية الدول الصغيرة".

 وأكد السفير حميد المعني ، رئيس الأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية في سلطنة عُمان، على ضرورة تضافر الجهود. وقال: "المصلحة الوطنية مشروعة بلا شك، ولكن إلى أي مدى يمكن أن تُلحق مصلحتنا الوطنية الضرر بجيراننا ؟... إنها أخطر بكثير من التطرف"، مضيفًا أن منع الصراعات غير ممكن دون نظام متعدد الأطراف قوي ومتين يحترمه الجميع.

وأكدت نسرين الصايم ، الرئيسة السابقة للمجموعة الاستشارية للشباب المعنية بتغير المناخ التابعة للأمين العام للأمم المتحدة، أن الوقاية خير من إيجاد علاج. وقالت: "مع ذلك، ننتظر جميعًا وقوع الكارثة، ونتفاعل معها. لذا، بدلًا من أن نكون الجهات الفاعلة، نكون نحن المتفاعلين". وحثت الجهات الفاعلة على تشكيل المستقبل بدلًا من إعادة تشكيل نفسها بما يتناسب معه، موضحةً أن الأمر الحاسم هو جعل تكلفة السلام أقل من تكلفة الحرب. ودعت الحضور إلى التأمل، وسألت: "هل تتذكرون أي تفاعل عسكري حلّ مشكلة دون أن يُسبب مشكلة أكبر؟"

 في نداءٍ للدبلوماسية وتخصيص موارد أكبر لها، تحدث سيرجيو جاراميلو ، رئيس مؤسسة أكورديموس، عن تجاربه في التفاوض على اتفاقيات السلام. وقال إن بناء السلام يعتمد على رصد الفرص المتاحة والاستفادة منها. وفي نهاية المطاف، "إن إدراك ضرورة استثمار الموارد في الجانب الدبلوماسي للوصول إلى النتيجة المرجوة هو جزءٌ أساسي من الحل".

وصرح جاكوب جرانيت ، المدير العام للوكالة السويدية للتنمية الدولية (Sida) "يسرّ الوكالة السويدية أن تكون منظّمًا مشاركًا للمنتدى، ويسعدها رؤية هذا العدد الكبير من شركاء يتعاونون في المنتدى. ومن خلال شركائنا، تعمل Sida على تعزيز منع النزاعات وبناء مجتمعات سلمية وشاملة".

 هذا وستعقد الندوة الختامية بعنوان "تحويل الأضواء: ​​الإدماج والابتكار والاستثمار من أجل السلام" عصر هذا اليوم، وستضم المشاركين من جميع أنحاء العالم، مع التركيز على تمثيل صناع السياسات وقادة المجتمع المدني والممارسين من الجنوب العالمي. 

 ستوكهولم- د. كاظم المقدادي-  14/5/2025

عرض مقالات: