نحن نشهد تحولاً عالمياً نحو تبني مفاهيم الاستدامة والبيئة، وبرز مصطلح "التعليم الأخضر" كأحد أهم ركائز هذا التحول. ولكن هل هذا المصطلح مجرد شعار يجذب الانتباه، ام انه ترجمة فعلية لتغيير جذري في منهجياتنا التعليمية؟
مبادرات الجامعات العراقية للمشاركة في حملات مثل مبادرة اليونسكو لتخضير التعليم خطوة جديرة بالثناء، ولكن يبقى السؤال: هل تتعدى هذه المبادرات مستوى الشعارات والاعلانات لتصل إلى مستوى التطبيق العملي على أرض الواقع؟
نحن نتطلع إلى رؤية تغييرات ملموسة في المناهج الدراسية وطرق التدريس، تغييرات تعكس حقاً روح التعليم الأخضر. أين هي المناهج التي تدمج قضايا البيئة بشكل عملي في مختلف التخصصات، من العلوم والرياضيات الى العلوم الاجتماعية واللغات؟ لماذا لا نرى تغييرات جذرية في المناهج الدراسية على الرغم من أهمية القضايا البيئية؟ هل هناك دراسات حالة توضح كيف يمكن اعادة صياغة المناهج لتلبية احتياجات التعليم الأخضر؟ هل يتم تدريب التدريسيين بشكل كاف ليكونوا قادرين على ايصال هذه المفاهيم الجديدة بطريقة فعالة وشيقة ومحفزة للطلاب؟
نتساءل: هل الجامعات جاهزة حقاً لتنفيذ هذا التحول؟ هل لديها البنية التحتية المناسبة والموارد الكافية والمعرفة والأهم من ذلك الارادة السياسية لتحقيق هذا الهدف؟
نحن نؤمن بأن التعليم الأخضر ليس مجرد المشاركة في حملات او مبادرات او حتى كونه اضافة الى المناهج الدراسية، بل هو تغيير جذري في فلسفة التعليم بأكمله. يجب ان يركز على التعلم النشط وذلك بتشجيع الطلاب على المشاركة في تجارب عملية وحل مشكلات واقعية. والاستفادة من الأدوات التكنولوجية الحديثة لتعزيز الفهم والتفاعل مع المفاهيم البيئية، وبناء روح العمل الجماعي وحل المشكلات بشكل تعاوني.
باختصار، نريد ان نرى تحولا حقيقيا في التعليم، تحولا يجعل من خريجينا روادا للتغيير البيئي، قادرين على بناء مستقبل أكثر استدامة لنا وللأجيال القادمة.
دعونا نسأل أنفسنا: هل نحن جادون في تحقيق هذا الهدف، ام ان مبادراتنا ستبقى حبرا على ورق، وفعاليات شكلية لا تغير من الواقع؟
بروفسور متمرس ومستشار علمي في جامعة دبلن