جون مان : مؤرخ وكاتب رحلات وهو مؤلف كتاب(صحراء غوبي : اجتياز الصحراء) أول كتاب باللغة الإنجليزية عن هذه المنطقة، ولديه كتب عديدة منها (أتيلا الملك الهمجي وسقوط روما) وأثنت على هذا الكتاب صحف عديدة منها: الصنداي تلغراف وصحيفة الجارديان وصحيفة وسترن ديلي وصحيفة ميل أون صانداي وبعض المجلات
(*)
في كتابهِ عن (كوبلاي خان) يتحدث جون مان، عرضا عن الملل والنحل في الإسلام، يتوقف قليلا عند السنة والشيعة ثم الطائفة الإسماعيلية ومنها ينتقل إلى الدولة الفاطمية قائلاً (اعتنق الفاطميون العقيدة الإسماعيلية وأسسوا مملكة في شمال إفريقيا، وأرادوا الاستيلاء على مصر لاتخاذها قاعدة لمحاربة الخلافة والسيطرة على جميع المسلمين لكنهم لم يتمكنوا من ذلك وانهارت الدولة الفاطمية/ 54- 55 )!! الفترة التي يتحدث عنها جون مان، يبدو كلامه رقيقا جاعلاً، من عدم قدرة الدولة الفاطمية بالقضاء على الخلافة العباسية هو سبب انهيار الدولة الفاطمية!! جون مان يجهل أسباب صعود وانهيار الدول. ليست الدولة الفاطمية وحدها من تنهار. قبلها الدولة الأموية ثم تفتت الدولة العباسية إلى دويلات وأصبحت الخلافة قناعا يتحكم من خلاله ِ أتراك الخليفة المعتصم بالله ثم البويهيون وبعدهم السلاجقة وهكذا كانت الأحوال..
(*)
يقول المستشرق برنارد لويس (بمجيء الفاطميين إلى الحكم في 358هجري و969 ميلادي تضاعفت أهمية الدور الذي تؤديه مصر في نطاق العالم الإسلامي، بل تغيّر تماما ً.فلم يكن تحرُك حكام مصر الجدد مجرد طموح شخصي أو أسري. فقد كانوا يرأسون حركة دينية لم تكن لترتضي أقل من إحداث تحولات سياسية في بعض فروض الإسلام، فرفضوا بصفتهم شيعة إسماعيليين أن يعبروا حتى عن ولائهم الشكلي للخلفاء العباسيين، ومن ثم كانت الخلافة حقا لهم، ينتزعونها من العباسيين، كما انتزعها أولئك من الأمويين / من أبحاث الندوة الدولية لتاريخ القاهرة / مارس- إبريل 1969/ وزارة الثقافة/ مطبعة دار الكتب/ مصر/ 1970/ ص289 ).. لنستمع للباحث الدكتور محمد حسن دخيل فهو يؤكد لم تأخذ موضوعات الدولة الفاطمية ما تستحقه من عناية في دراسات المؤرخين والباحثين المحدثين. ويعزو ذلك (أن الخلاف المذهبي والعداء السياسي ذهب بقسم كبير من الوثائق العائدة للعصر الفاطمي، وما تبقى منها تبعثر في بطون الكتب، وهي تمثل وجهة نظر وحيدة الجانب عموما في ما يتصل بالدولة الفاطمية/ الدولة الفاطمية/ الدور السياسي والحضاري للأسرة الجمالية/ الانتشار العربي/ بيروت/ ط1/ 2009 ) الدولة الفاطمية تأسست في المغرب، ولم تمكث هناك أكثر من خمسة وستين عاماً(909- 969 ميلادي) ثم ترسخت في مصر من خلال وجودها ناف على قرنين من الزمان وهكذا نشأ ذلك الارتباط الوثيق بين الفاطميين ومصر . وفي هذا السياق يؤكد الباحث إبراهيم أيوب(أن الدولة الفاطمية اندمجت في الحياة المصرية وشاركت فيها بجليل الأعمال التي كان لها أثر كبير في إبراز دور مصر ومشاركتها لمختلف الطوائف في أعيادهم القومية والدينية../التاريخ الفاطمي السياسي/ الشركة العالمية للكتاب/ بيروت/ 1997 ).. لا يمكن عدم التوقف عند أهم كتاب عن الدولة الفاطمية أعني (نزهة المقلتين في أخبار الدولتين) لابن الطوير الذي ظهر للوجود المعاصر من خلال الجهد الكبير الذي بذله الأستاذ الكبير أيمن فؤاد سيّد، فهو الذي (اعاد بناءه وحققه وقدم له ثم تم نشر الكتاب من خلال دار النشر فرانتس شتاير شتوتغارت 1992).
(*)
يخبرنا الأستاذ الكبير أيمن فؤاد سيد، يُعد كتاب (نزهة المقلتين في أخبار الدولتين) لابن الطوير من المؤلفات القليلة التي تناولت موضوع نُظم الحُكم ورسوم دار الخلافة الفاطمية، إن لم يكن هو الكتاب الوحيد الذي تناول هذا الموضوع الهام. وبخصوص تقاليد الاحتفالات يؤكد الأستاذ أيمن فؤاد أن الفاطميين أرادوا محاكاة العباسيين والتفوق عليهم في هذا المجال كما أن الدولة الفاطمية أرادت محاكاة احتفالات دولة بيزنطة وعظمة بلاط الإمبراطور.. وكل هذه الادلة تدمغ ما ذهب إليه الرحالة والباحث جون مان في التقليل من شأن الدولة الفاطمية.
(*)
يضيف المؤرخ والباحث الكبير الأستاذ أيمن فؤاد سيد هذا الكلام في مقدمة كتابه الثمين حول الفاطميين (ولكن لا يجب علينا أن ننسى مع ذلك أن الفاطميين هم ورثة الفراعنة والبطالمة في مصر، عبر العديد من الأنظمة والحكومات المتتالية لذلك فإننا يجب أن نبحث على الأقل فيما يخص الاحتفالات الوطنية عن أصلٍ محلي من خصوصيات هذه الاحتفالات/ ص5)!! لا أعرف ماهي العلاقة بين الفاطميين والفراعنة!! وماهي نوع العلاقة بين الفاطميين والبطالمة؟ ثمة قطع تاريخي ومعرفي وديني بين الفاطميين والفراعنة وبين الفاطميين والبطالمة!!... رغم أن كلامه غير مقنع يبقى الباحث الكبير الأستاذ أيمن فؤاد سيّد هو الوحيد الذي بذل جهداً عظيما ً بخصوص الدولة الفاطمية.
- مِن مقدمة مخطوطتي عن الدولة الفاطمية