يطغى على هذه الموازنة وبشكل واضح جدا مبدأ " اخضاع الاقتصاد للسياسة " وهي نفس السياسة الحمقاء التي سار عليها النظام الدكتاتوري السابق والتي اجهزت على العوائد النفطية الهائلة بعد تاميم النفط وعبدت الطريق لجعل ابواب الاقتصاد العراقي مشرعة امام الراسمال العالمي وانتهت باجتياح العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية وتدمير بناه التحتية والفوقية وادخاله في دهاليز اللادولة وسيطرة " الدولة العميقة " على مقدراته ، وعاد العراق من جديد الى ما كان عليه عام 1914 مع اختلاف شكل الاحتلال ، ونظام الحكم وطريقة إدارة الدولة في العراق ، لكن جوهر السياسة العامة واحد وهو تعميق تبعية العراق للنظام الراسمالي وابتلاع ثرواته النفطية وغيرها تحت عناوين ويافطات مهلهلة كشفت السنوات العشرون الماضية عن حقيقتها المرة مثل " إحلال الديمقراطية بدل الدكتاتورية " و " تدشين مرحلة الانتقال الديمقراطي " و " اعتماد النظام الفدرالي أساسا لنظام الحكم في العراق " وهي في الحقيقة مفاهيم ينطبق عليها قول الرصافي الثائر : أسماء ليس لنا سوى الفاظها .... اما معانيها فليست تعرف .

اغلب الأرقام التي وردت في قانون الموازنة لعام 2023 والسنوات الثلاث التي تليها ، تشير الى علاقة مقصودة ومشبوهة بين الحاكم وهي القوى المهيمنة على القرار السياسي والاقتصادي في العراق أي التحالف البيروقراطي الكومبرادوري البرجوازي وبين المحكوم وهو غالبية أبناء الشعب العراقي من طبقات وفئات وشرائح مختلفة، علاقة بين الراشي والمرتشي ، علاقة بين استخدام العائدات النفطية خارج اطر الستراتيجيات ومصالح العراق المستقبلية لغرض ادامة وتسويق سياسات التحالف المهيمن وتبييض الوجه الكالح لهذه القوى بين جماهير شعبنا وهذا يؤكد تبعية الاقتصاد للسياسة في رؤية قانون الموازنة الحالي الذي سيترك اثاره السلبية في لاحق الأيام.

عرض مقالات: