تشكل " ائتلاف ادارة الدولة " الذي تم بموجبه تكوين الحكومة الحالية، بين قوى سياسية كانت مختلفة ومتصارعة. وعلى حين غرة انكسر الطرف الاقوى " التحالف الثلاثي " بفعل خطأ استراتيجي ارتكبه احد اضلاعه منسحباً. مما سهل للطرف الخاسر" الاطار التنسيقي " ان يستلم زمام المبادرة. وقد دفعت هذه التداعيات وعلى وهج المحاصصة المدمرة، الى تكوين ائتلاف جديد سمي بـ " ائتلاف اداة الدولة ". وقد حسبه البعض بانه ـ اعجاز وانجاز سياسي لعقل سياسي فذ . لا بل وانتصار ثورة انقذت البلد ـ. جاء ذلك على حد قول الرابح الاكبر منه.. بيد ان حقيقة هذا الائتلاف، قد جاء بهدف انقاذ اطرافه من نهايات مريرة ، حيث تشكل وفقاً لتكرار قاعدة التعهدات المكتوبة والموقعة المجربة سابقاً بفشلها، ما يعني ان الطرفين قد ارغما على الائتلاف.. بواقع ان احدهما كان متهالكاً على تكوين حكومته، والثاني متداركاً احواله بعد خيبة الامل التي صنعها تهشم تحالفه الثلاثي .
ولم يمض وقت طويل ـ مئة يوم ـ حتى تصدع ماسمي بـ " ائتلاف ادارة الدولة " وكانت هذه النتيجة محتملة لدى جماهير التغيير وقواها القائدة، لان المنطق كان يشي بذلك. لكون ما بنيّ كان قد قام على اطماع ومصالح لا تخرج عن ضيق الافق الذاتي، الذي لايجمعه اي جامع مع مصلحة العباد والبلاد، فضلاً عن كونه قد اسس على قواعد و " مواثيق شرف " قد جُربت سابقاً لم يُلتزم بها، لانها كانت بمثابة ستاراً لمسالك مخادعة ماكرة، بل وشكلت وقيعة ملبدة بالتحامل والغل الطائفي والاثني، ونفس كسر الارادات، دون الادراك لانعكاساته على حياة المواطنات والمواطنين العراقيين.
ان اولى شظايا هذا التصدع قد اصابت الطرف الكردي، بل شعبنا الكردي بالصميم. وذلك بمنع ارسال اية اموال ( معاشات ) يستحقها دستورياً " بالمناسبة انا لست كردياً وان كنت كذلك لتشرفت به " ولست مستفيداً منهم باي صورة من الصور.. بل بالعكس لقد تعرضت ذات يوم للموت المحقق في عام 1973) انا وثلاثة رفاق في مدينة زاخوعلى يد احد الاغوات المدعو ( عيسى سوار) الذي قتل احد عشر رفيقا بعدنا ، ولكن نجونا باعجوبة بوسطة مهندس كردي اسمه " حسام سعدالله " كان زميلاً لي في معتقل خلف السدة عام 1965.. الا ان موقفي هذا هو ما يمليه عليّ ضميري ومبادئي بضرورة الدفاع عن حقوق المواطنين، كرداً كانوا ام عرباً او غيرهم، بصرف النظرعن سلوك واخطاء قياداتهم. وادعو الى الفصل الضروري بين الجماهير الكردستانية وقيادات احزابهم السياسية ، في الموقف من الحقوق التي اقرها الدستور.. لقد كان في الامر غفلة سياسية عندما هرع طرفا التحالف الثلاثي، البارتي، والسيادة ، لتشكيل الحكومة مع كتلة الاطار التنسيقي. اذ كرروا نمط الاتفاقيات والمواثيق المحاصصاتية الفاشلة السابقة . دون ان يحصلا على اية ضمانات تصون اوضاعهما مستقبلاً. وهنا نحن لسنا شامتين بل الشيء بالشيء يذكر.
كما ان هنالك شظية ثانية من هذا التصدع تبدو حائمة فوق روؤس قيادة تحالف السيادة، ومتوقعاً لها ان تصيب السيد " الحلبوسي" وتنهي رئاسته للبرلمان. واذا ما حصل ذلك سيكون " ائتلاف ادارة الدولة " هو الاخر مصاباً باشد الشظايا وقعاً، ويصبح هو وحكومته في خبر كان. وهنا سيتحول التصدع الى انفجار مدوي مؤذي للناس وبخاصة الفقراء، لان اغنياء السلطة كل منهم مضمون خبزه تحت سلته. هذا ما تجلى بشظية صرف الدولار، التي شلت حياة المجتمع العراقي واوصلته الى حد التذمر الشامل.. ان واقع الحال صار يسمح لنا بالقول ان ( قوى ائتلاف ادارة الدولة ) مجتمعة قد تولتها نشوة التربع على كرسي الحكم، وغدا يترائ لها تحقيق مآربها على سكة السلامة، دون النظر ابعد من خيالها.. وغدا حالها حال ذلك الذي يحاول الاختباء خلف وظله.