تشكل قوى التغيير الديمقراطي الاغلبية من الشعب العراقي، وقد يلمس ذلك في الاكثرية الصامتة المقاطعة للانتخابات، فضلاً عن جزئها المتحرك الذي فاز بالانتخابات، الا انه سرعان ما انسحب من البرلمان. بالرغم من كونه قد حقق فوزاً مشهوداً، وكاد ان يشكل الحكومة لولا افتقاده للجبهة الرصينة والقيادة المقدامة. التي ما ان ضاقت بعض المنافذ امامها، لم تتوان عن الفرار خوفاً من تحمل المسؤولية. بعد ان راوحت اطراف منها مثقلة بعوامل محنة الانسحاب.

اسفرت الحالة عن هوة واسعة تفصل قوى التغيير عن ادوات الحكم وغدت ترزح تحت ثقل طبع" كهنوتي "، إذا جاز هذا التعبير، تتعبد في محراب الديمقراطية وتدعو لتحقيق العدالة الاجتماعية بالرغم من ان الاوساط الحاكمة تشكل طغمة باغية لا تؤمن بالديمقراطية ولا تفهم معنى العدالة ولا الحكم المدني. بل تسعى لتغيير {ديموغرافي}. تبين ذلك جلياً بمحاولة اصدار قانون تمنح بموجبه الجنسية العراقية لكل من مضى على وجوده في البلاد سنة واحدة فقط.!!. وان هذا اذا ما ربط بالغاء " الفيزة " دون مقابل لبعض سكان دول الجوار !.. واذا ما تم هذا الاجراء الغريب سيصبح العراقيون الاصليون بموجبه اقلية دون ادنى شك.

لقد بات من أبرز الواجبات الوطنية التي يتحتم على قوى التغيير الديمقراطي وكل مواطن حريص على بلده التصدي لهذا النهج الخطير. ان الشعب العراقي صار يشكل تعداده " 41 "  مليون نسمة، وثلث قواه المنتجة الشبابية الحية عاطلة عن العمل، لانعدام فرص العيش الكريم امامهم. ان اخطر اسباب ذلك يعود الى استيراد العمالة الاجنبية .. فما هو الداعي لاكثار العوامل التي من شأنها تهميش القوى الحية العراقية ودفعها الى الهجرة وفي ذات الوقت تستبدل بعناصر وافدة من بلدان اخرى، التي ستشكل اختلالاً في التوازن الاجتماعي، ولا تقل تأثيراتها في الاخلال بالتوازن السياسي عبر الانتخابات سيما إذا ما كانت من فئات اجتماعية معينة.. وعلى سبيل المثال الحصرستتحول موجات الهجرة الافريقية وغيرها ايضاً الى العراق بفعل اغراء التجنس السهل والمال الوفير السائب لغير اهل العراق طبعاً.

لا شك ان عدم التقيّد بالقانون والدستور المشاع في عراق اليوم، يصب في دفع الاجانب الطامعين على مكان في العراق المشرعة ابوابه، الذي غدا وكأنه مكتشف للوجود حديثاً ويخلو من السكان. ومن المحفزات على اباحة السيادة العراقية الذي ياتي في مقدمة العوامل هو ما يحصل من قلب لمعادلة الحق والعدالة، حيث اصبح في البلاد الجاني بريئ ، والبريئ جانياً ومداناً ، والفائز خسراناً والخسران فائزاً. كما جرى في تشكيل الحكومة و سرقة القرن.. تصوروا اية فرصة ذهبية تطرح امام شذاذ الافاق والمافيات الدولية، التي تمنحها السلطات الحاكمة العراقية بـ " ثواب الخلفوها "، اذا ما شأنا القول. ولكنها تتم بدافع سياسي طامع وبتخطيط استراتيجي رهيب. لان العراق بات مالاً سائباً فمن غير المجهول والمحتوم ان تباح سرقته جملة وتفصيلاً.

وهنا أمسي من الواجب السؤال الموجه بكل صدق وأمانة الى البعض من "حراس الديار" اصحاب مشاريع الاصلاح والتغيير الديمقراطي المفعم بالوطنية، الذين يلوذون بالصمت المطبق هذه الايام، مع انهم يمتلكون القدرة المؤثرة والفاعلة على ايقاف العبث بمصالح البلاد والعباد. كيف يقيمون ما يجري الذي هو نتاج الانسحاب عن ساحة الصراع قطعاً ؟.. وهل ان محاربة السقوط الاخلاقي المتمثل بـ { زواج المثلين } اكثر اولوية من اغتصاب العراق وعرضه وارضه ؟..

غير ان الامل بالجزء المتحرك من قوى التغيير الديمقراطي {جبهة نخوة العراق} الناشئة حديثاً، لعلها تتصدى لمثل هذه المشاريع وقد جاء في بلاغها الاخير انها متصدية " لقانون جرائم المعلوماتية " وكذلك " قانون حرية التظاهر والتعبير عن الرأي " المفعمين بالنفس القمعي، وربما ستصدر قوانين اضرب من سابقاتها لكونها كما تبدو سلسلة لن تنتهي. واخيراً لا نتمنى للسيد السوداني رئيس مجلس الوزراء ان ينطبق عليه المثل العربي القائل {إن شهاباً أتعس من اخيه}.

عرض مقالات: