الاستقرار الأمني والسياسي من أهم المقومات الرئيسة للتنمية الاقتصادية, فبدون الأمن لا توجد تنمية وبدون التنمية لاتوجد الدولة القوية ذات الأسس السليمة. والاستقرار السياسي لأي بلد الارضية الخصبة والاساس لكل عملية تطور او تقدم وفي المجالات كافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية...وغيرها ، الى جانب تحقيق الامن. أن الاستقرار الاقتصادي دائماً مرتبط بالاستقرار الامني، فكلما اصبحت الدولة قادرة وحاسمة بالقضاء على من يتعرض لأمنها من الإرهابيين والمجرمين والمحرّضين كلما خلقت مناخاً اقتصادياً منتجاً يوظّف الموارد المالية والبشرية، مما يكون له اثر اقتصادي مباشر باستمرار النمو الاقتصادي وتوظيف المزيد من العاطلين  نحو مستقبل يحقق رغبات الجيل الحاضر ويحمي مصالح الاجيال المقبلة. ومن هذا المنطلق لابد ان تضع الكتل السياسية في العراق نصب عينيها هدف سامٍ ألا وهو اعتماد المرونة في التعامل مع الاخر على اساس الثقة المتبادلة وان يتفق الجميع على خدمة البلد والأرتقاء بأوضاعه في المجالات كافة. اذ ان ذلك يوفر الاساس لنجاح عملية التنمية الاقتصادية في البلد والتي تعد الدعامة الاساسية للأرتقاء بمؤشرات التنمية البشرية من خلال توافر امكانية تعزيز الانفاق في مجالات التعليم والصحة والتصدي للفقر.  ومن أهم مؤشرات الاستقرار السياسي هو التداول السلمي للسلطة حيث تستجيب الحكومة للضغوط والاحتياجات المتباينة للجماهير ولا وجود للعنف السياسي و تَمتّع أبنية النظام ومؤسساته بالشرعية والقبول والرضا العام عن النظام الحاكم من جانب المواطنين. وسيادة القانون والالتزام بالقواعد الدستورية، وإعلاء قيم العدالة الاجتماعية كمبادئ حاكمة لسياسة الدولة في مختلف المجالات، وتجانس الثقافة السياسية للنخبة والجماهير، وقوة النظام السياسي وقدرته على حماية المجتمع وسيادة الدولة.  فالاستقرار السياسي أحد أهم المقومات الرئيسية للتنمية المستدامة، فبدون استقرار لا يمكن ان تتحقق التنمية وذلك لان الأمن والاستقرار هما المحركان الاساسين للتنمية وهنا تتضح العلاقة الجدلية بين الاستقرار وتحقيق التنمية.

 والامن يَحد من هجرة رؤوس الاموال المحلية ويحفزها على زيادة استثماراتها عندما تشعر فعلاً ان الدولة حريصة وقادرة على استتباب الامن. فبهذه الاحكام القضائية يزيد شعور المواطن فخراً وأمناً بان دولته قادرة على استدامة الامن والرفاهية الاجتماعية لجميع المواطنين مما يزيد من سعادتهم ويحقق لهم استقراراً نفسياً مستداماً.أن للإرهاب الدولي بصفته أوضح صور انعدام الأمن الاقتصادي آثار سلبية متعددة تتجاوز الحدود الدولية حيث تمتد آثاره لتتجاوز الدولة المستهدفة بالإرهاب إلى دول أخرى كثيرة، مما ينعكس على الكثير من المتغيرات الاقتصادية الرئيسة مثل: التضخم، البطالة، الاستثمار، سعر الصرف، الأسواق المالية، الميزانية العامة، التأمين، السياحة. أن آثار الإرهاب المتمثل في أحداث الحادي عشر من سبتمبر على اقتصادات الدول الأخرى امتزجت ببعض الآثار الإيجابية على بعض الدول والتي هي بطبيعة الحال آثار قصيرة الأجل بحكم تحركات رؤوس الأموال السريعة تجاه الأماكن الآمنة بخروجها من الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية. في حالات الاستقرار السياسي والاقتصادي ينشط الطلب نتيجة لزيادة الإنفاق الاستهلاكي، وينتج عن ذلك ارتفاع في المستوى العام للأسعار يكون أحياناً في النطاق المقبول اقتصادياً، فيكون لهذا الارتفاع آثار إيجابية على تحفيز الاستثمار وزيادة التوظيف، وقد يكون التضخم كبيراً بحيث تنتج عنه آثار سلبية في الاقتصاد والمجتمع، ولكن في حالات انعدام الأمن أو زيادة المخاوف فإن الطلب يتضائل ويترتب على ذلك ركود في الأسواق وكساد للمنتجات، ولذا فإن معدلات التضخم تبعاً للوضع السياسي الدولي وانتشار خطر الإرهاب، قد انخفضت في جميع دول العالم تقريباً، وتفاوت الوضع بالنسبة للمجموعات الدولية المختلفة تبعاً للتوقعات الاقتصادية والسياسية والأمنية، ففي حين يتوقع ارتفاع معدلات التضخم في الدول الرئيسة المتقدمة وفي الدول النامية، فإنه يتوقع انخفاضه في دول الاتحاد الأوروبي.                              

التهديدات الإرهابية من شأنها زعزعة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي لدول المنطقة، من خلال الهجمات التفجيرية الكبرى التي يتم تنفيذها، أو من خلال استهداف مؤسسات الدولة ورموزها بل حتى السياح الذين يتوافدون على دول المنطقة يتم استهدافهم، حيث يتم اختطافهم ومساومة الدول التي يحملون جنسيتها بفدية كبيرة مقابل اطلاق سراحهم. الامر الذي ينعكس على حركة السياحة في المنطقة، وبالتالي تراجع عائداتها على خزينة الدولة. بالإضافة الى تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية في المنطقة بسبب عدم الاستقرار. أما المحصلة النهائية لهذه التهديدات فتتمثل في إعاقة عملية الانفتاح السياسي لدول المنطقة وإحداث انتكاسة بالجهود التنموية على الصعيدين الاجتماعي و الاقتصادي. ومنذ الاحداث الارهابية في11 سبتمبر 2001 وظاهرة الارهاب تتطلب تعاون اقليمي ودولي مكثف على جميع المستويات.                     

أنَّ نشاط وخطورة الارهاب في المنطقة العربية، بالإضافة الى ارتباطها مع مختلف أنواع الجريمة المنظمة التي تنتشر فيها لتمويل أنشطتها مما يزيد الامر خطورة ويزيدها قوة في منطقة شاسعة ومفتوحة على بعضها، الامر الذي يتطلب تظافر جهود دول المنطقة. نظراً للوضع الدولي غير الآمن، ولخوف الكثير من أرباب الأموال من تجميد أموالهم وتحسبًاً للأ خطار التي يمكن أن تترتب عليها قضايا كتلك التي رفعت بخصوص تعويضات أحداث الحادي عشر من سبتمبر من تجميد أو مصادرة للأموال.                

وانواع عدم الاستقرار تتحدد حسب أنواع الأنظمة الموجودة في المجتمع البشري، فهناك نظام سياسي، نظام اقتصادي، نظام اجتماعي وحتى نظام قيمي – فكري. فاذا أخذنا  بنظر الاعتبار النظام الاقتصادي نجد أن هذا النظام مكون من مجموعة مترابطة من الوحدات التي تؤدي عملاً اقتصادياً كأن يكون في صورة صناعة سلعة أو تقديم خدمة أو تجارة سلع غذائية ويحكم العلاقة بين هذه الوحدات مجموعة من القوانين التي تنظمها سياسة تسعى إلى تحقيق منافع المرتبطين بهذا النظام الاقتصادي سواءً كانوا منتجين أو مستهلكين، وبالتالي فأن عدم الاستقرار الاقتصادي هو حدوث خلل في سير عمل هذا النظام بشكل متسق ومقبول وبما يؤدي إلى تقلبات مستمرة في حجم الأنتاج ومقدار الدخل ومستوى الأسعار، بحيث أن أطوار الدورة الاقتصادية من (ركود، كساد، أنتعاش ومن ثم تضخم) تعبّر عن اختلال في الحياة الاقتصادية ينشأ عنها مصاعب ونتائج سلبية تنعكس على المرتبطين بهذا النظام الاقتصادي.            

ولتحقيق التنمية المستدامة بمفهومها ومنهجها الشمولي لابد من وجود إرادة سياسية للدول وكذلك استعداد لدى المجتمعات والأفراد لتحقيقها، فالتنمية المستدامة عملية مجتمعية يجب أن تساهم فيها كل الفئات والقطاعات والجماعات بشكل متناسق، ولا يجوز اعتمادها على فئة قليلة، ومورد واحد. فبدون المشاركة والحريات الأساسية لا يمكن تصوّر قبول المجتمع بالالتزام الوافي بأهداف التنمية وبأعبائها والتضحيات المطلوبة في سبيلها، أو تصوّر تمتعه بمكاسب التنمية ومنجزاتها إلى المدى المقبول، كما لا يمكن تصوّر قيام حالة من تكافؤ الفرص الحقيقي وتوّفر إمكانية الحراك الاجتماعي والتوزيع العادل للثروة والدخل. فلابد أن تقوم كل فئة من فئات المجتمع بدورها لتحقق التنمية المستدامة. فبعض الدول تمتلك  مقومات التنمية كالثروات الطبيعية والبشرية تفوق ما يملكه غيرها، لكن فقدان الاستقرار السياسي والأمني، وصراع الاحزاب، والتنافر بين الحكومة والمواطن والفساد والاستئثار بالسلطة وعدم وجود رجال دولة حقيقيين وغيرها من العوامل التي تحول دون بناء دولة مستقرة.                             

ان مفهوم عدم الاستقرار هو مفهوم نسبي ولا يتحدد وفق مؤشر واحد أو مجموعة مؤشرات فهو يوجد إذا ما توفر إي مؤشر من المؤشرات المؤدية إلى عدم الاستقرار الذي يأخذ إشكالاً ، كعدم الاستقرار السياسي وعدم الاستقرار الاقتصادي وعدم الاستقرار الاجتماعي ,الذي يقود في الكثير من الباحثين في مجال العلوم السياسية لأعطاء تعريفات مختلفة لمفهوم عدم  الاستقرار وبدلالات متعددة ومنهم من ربط إحداث الماضي بالحاضر ، فالدكتور محمد عابد الجابري يعرّفه بدلالة القدرة وبأنه عدم قدرة الحاكم أو الحكام في كل دولة من الدول العربية على المحافظة على الوحدة والانسجام داخل قبيلته وعدم تمكنه من المحافظة على ولاء القبائل الأخرى المتحالفة معه أو الخاضعة له من جهة ثانية ، من خلال تأكيده على إن الاستقرار في الوطن العربي تحكمه القبيلة أو العائلة بالدرجة الأولى وهو ينتزع إلى الولاء العصبوي فالملك أو الرئيس يخضع لعصبية قبلية وان ضعف القبيلة نتيجة الاختلاف بالرأي داخلها سيضعفها ويضعف الحاكم الذي ينتمي إليها ، فإذا ما فقد ولاء القبائل الأخرى أو الخاضعة له أو المتحالفة معه سيؤدي ذلك إلى سقوط نظامه على المدى البعيد أو القريب ، إي عدم الاستقرار السياسي وفي نهاية المطاف إلى عدم  الاستقرار المجتمعي.