ظل حق اختيار رئيس للوزراء في عراق اليوم حكراً على قلة تدعي تمثيل الاكثرية. غير ان مليونية { صلاة الجمعة } التي دعا اليها السيد الصدر، وسبقتها الاغلبية المقاطعة للانتخابات، قد اثبتتا بطلان هذا الادعاء. مع انه قد صنع اغلالاً طوقت اعناق شعبنا خلف ذريعة سميت بـ " حقوق المكونات " وبها تكرس ظلم اغلبية شعبنا الصابر المتلهف الباحث عن مخرج نحو حل لازمة الحكم المستعصية وتوفير حياة كريمة لشعبنا، لكنه امسى اسيراً لارادة تقترب من دكتاتورية مبطنة ، رأسها في الخارج وذيلها في الداخل. تسعى به الى الماضي، متمسكة بنهجها الكارثي. الذي عبرت عنه مؤخراً بخطوات اجرائية { اختيار رئيس الوزراء } لم تنطوعلى مقومات الاكتمال، مما يبشربتكريس غمة قاهرة بحق اوسع الجماهير المتطلعة لحياة كريمة وحرية صميمة.
اختارالاطار التنسيقي مؤخراً السيد " محمد شياع السوداني " لرئاسة الوزراء بعد تسعة شهور من معاناة مخاض عسير حول تشكيل الحكومة، وكان ذلك قد جسد حالة ولادة قيصرية فائتة لاوانها الدستوري، كما انها جاءت فاقدة لعوامل ومقتضيات عيشها سالمة، ان اختيار السيد " السوداني " قد مثل انتقاء الرجل المناسب ولكن لمهة قد قيّد شأنها لجهة الاختيار حصراً. الامر الذي ستحيّد كفاءة الرجل مما سيحوله، مع الاحترام له ، الى مجرد منفذ اذا ما ظل يتلقى الاوامر والتوجيهات الابوية من الاوساط التي اختارته. التي نوه حولها بعض رموزها علناً، مثل ما ورد في تصريحات السيد المالكي والسيد العامري حول الرعاية الابوية للرئيس الجديد.
ان المتابعين صارت تقض مضاجعهم حيرة وتساؤل ساخنان بمستوى حرارة البلد اللاهبة عن الكيفية التي سيتصرف بها هذا الرجل المختار والذي ادى مهامه الرسمية المتعددة سابقاً، بعيداً عن الفساد المالي والاداري والمحسوبية ولم يتلوث بوساخة المحاصصة، مع ما يقتضيه تنفيذ هذه مهمة الجديدة التي يختلف التصدي لها عن طبيعة ادائه السابق. لكونه كان منفذاً لنسق الاوامر الرسمية التي تتطلبها الوظيفة الحكومية. بيد ان مهمته الحالية لها متطلباتها التي ليست على تلك الشاكلة السابقة.
ومما لاريب فيه ستبقى مهمته اليوم تختلف الى حد بعيد عن نمط الوظيفة الادارية. ولابد من القول ان مسؤولية رئيس الوزراء منوط بها وينبغي عليها ارضاء العراقيين بتوفير سبل عيشهم الكريم.وضمان العدالة الاجتماعية وسيادة القانون الذي من اولوياته مكافحة الفساد وردع المفسدين وانفلات المسلحين. هذا ما تختص بتنفيذ الزامياً، بمعنى الاستجابة لما يتطلع اليه الشعب العراقي من اقصى كردستان المنتظرة الى اقصى جنوب البلاد المتلهفة للتغيير. وتجدر الاشارة هنا الى ان جوهرها لن يتحقق او يمر دون مواجهة ساخنة مع النظام والمنهج الفاشل الذي مازالت الاوساط التي اختارت الرئيس لتشكيل الحكومة متمسكة به الى حد التناحر الدموي.
ولكن تم اختيار الرئيس ولم يرفد ببرنامج وزاري من قبل{ الاطار التنسيقي } الذي يدعي الابوية للحكومة، ولا السيد " محمد شياع السوداني " قد ذكر شيئاً عن برنامجه.. وهنا تبرز اشكالية تتعلق بقبوله او عدمه من قبل اطراف العملية السياسية الاخرين . اذ انهم يسعون لوجود برنامج حكومي، مستوعباً لتحقيق مصالح من يمثلونهم وهي كثر. سيما وان طريق وصول رئيس الوزراء المختار الى سدة الحكم تتخلله عقبات لا يلمس من تعقيدات بعضها بانها ستساعد على تسليك الطريق امامه. وفي مقدمتها الاستحقاقات الدستورية المتمثلة بانتخاب رئيس الجمهورية الذي يتطلب 220 صوت برلماني والذي يحتمل ان يبرز { الثلث المعطل } هذا وارد اذا لم تقتنع بعض الاطراف ببرنامج الرئيس المختار... لنا حديث لاحق على ضوء التطورات في الايام القادمة.