رغم ما احدثته و تحدثه انتفاضة شباب تشرين المتواصلة، التي بدأ بها شباب و شابات المحافظات (الشيعية) لتعمّ البلاد بكل مكوناتها من اقصاها الى اقصاها . . الانتفاضة التي صعّدت و كشفت عمق الوعي و التلاحم الوطني العراقي بكل مكوناته و قومياته و اديانه و طوائفه . . رغم مواجهتها بأنواع الطرق الديماغوجية و العنفية و الاموال الفلكية و انواع الرصاص و قنابل الغاز و الكواتم، و محاولات شراء الذمم، لمحاولة ايقافها و الغاء ما احدثت . .

بينما يتمسّك التشرينيون بمطالبهم و يختصروها بالمطالب الستة لإحداث التغيير و لإنجاح الهدف من الانتخابات المبكرة : معاقبة قتلة المتظاهرين، منع السلاح المنفلت و الكواتم، منع ترشيح الاحزاب ذات الاجنحة المسلحة، الغاء المحاصصة، شلّ و كشف المال السياسي و معاقبة فاعليه، كشف حيتان الفساد.

الاّ ان شيئاً من المطالب لم يتحقق الاّ بلمسات خجولة قامت بها حكومة الكاظمي وسط صخب اعلامي، بل و يطرح اعلاميون و نواب و سياسيون على الفضائيات و علناً بأن تلك الجرائم اخذت بالازدياد التي منها: اغراء و شراء مرشحين ترشحوا على اساس انهم تشرينيون، يشكلون 30% من الجدد، صرف 500 مليار دينار للعشائر و للاعلام و للمرشحين في الكوت مثالاً، استخدام دوائر الدولة و آلياتها و اموالها، و لم توزّع بعد ملايين من الهويات البايومترية و جرى بيع ملايين من الهويات الالكترونية، على حد طرح السيد د. المسعودي و العديدين غيره، الى ماقبل اسبوعين . .  

في وقت تحسب الكتل الحاكمة من الآن و قبل الإنتخابات! و تحدد عدد الاصوات التي ستحصل عليها و تحدد بان رئاسة الوزراء ستكون من نصيبها و الاّ فان الانتخابات ستكون مزوّرة، دون حساب منطقي لما أحدثته تشرين و دون حساب ما احدثه الخراب بسبب حكم المحاصصة الطائفي و الاثني طيلة ثمانية عشر عاماً، في مواقف اوسع الاوساط الشعبية المحرومة من كل المكونات . .  فيما يشهد المشهد الانتخابي ترشيحاتٍ و دخولاً واسعاً للاحزاب ذات الاجنحة المسلحة، الذي لا يسجّل الاّ خروجاً فاضحاً على الدستور و يحمل دلالات خطيرة على مايمكن ان يحصل، في وقت يصرّح فيه السيد الفياض بأن الحشد الشعبي الرسمي هو الذي يحمي الدستور . . بتقدير مراقبين مستقلين.

من جهة اخرى و وفق العديد من الاخصائيين و السياسيين فان تكوين تشرين لاتحدّه حدود أحزاب أو منظمات و انما كوّن تيّاراً شعبياً اصيلاً شاركت به و ايّدته الملايين من الفئات الاجتماعية الاكثر حرماناً بشاباتها و شبابها و عوائلها و مفكريها و بدعم مئات النقابات و منظمات المجتمع المدني و حصل على اعلان المرجعية العليا للسيد السيستاني عن دعمها له. .

تشرين التي شكّلت اكبر انتفاضة شعبية في تأريخ العراق منذ الاعلان عن قيام دولته، و قاومت انواع لامحدودة من العنف الشرس بوضح النهارات و عانى نشطائها و نشيطاتها من الاغتيالات و الملاحقات و تدمير المنازل . . و غيرها من اساليب القمع الوحشي المستمرة التي لاتتوقف.

الأمر الذي ادى الى اتباع تجمعاتها اساليب سلمية متنوعة نحو الانتخابات، من اعلان عدد من حراكاتها عن مشاركتها في الانتخابات رغم قانونها المجحف و اعلان مرشحيها، و ترشيح عدد لنفسه فيها، الى مقاطعة عدد كبير من تجمعاتها للانتخابات و الى استعداد عدد آخر الى اعلان العصيان المدني في الانتخابات، و الى انواع متعددة من المواقف السلبية اللامبالية بها لأنها لن تؤديّ الاّ الى اعادة تدوير ذات الكتل و قوانينها الحاكمة، وفق مواقف معلنة لممثليها على مواقع التواصل و على الفضائيات و غيرها.

في توجّه متنوع الى الانتخابات يعكس تركيبها و كأنه هجوم سلمي متنوع للتشرينيين يهدف الى محاولة استحداث اية وسيلة ممكنة لإجراء التغيير الدستوري نحو قيام دولة مؤسسات حقيقية اتحادية، تنهي المحاصصة الطائفية و الاثنية و تعتمد الهوية الوطنية، خاصة بعد فشل تسويق الطائفية كدعايات انتخابية بتأثير ضرباتها. توجه متنوع و ليس حزبي او موحد اصم يتناسب مع الحجم الكبير للتيار التشريني و مع تنوّع مكوناته الوطنية، لتحقيق تلك الاهداف المشتركة التي يرفعها و يناضل من اجلها جميع التشرينيين الحقيقيين وفق تنوّع و عيهم و معاناتهم و استعداداتهم . . (يتبع)

عرض مقالات: