ظنّ كثير من الناس بأنه رفيع المستوى عندما تبوّأ منصبًا رفيعا، أو امتلك اموالاً، والشخصية العامة والاعلامية والسياسية، ومن يسمون أنفسهم قادة ونخباً وأكاديميين، لأنهم يظنّون أنهم يتجاوزون الروتين دون المرور بتعقيداته، بل يتجاوزون القانون دون عقبات، والمال دون معاناة.

تأتي رفعة المستوى من السمو، وعلى الاخلاق والتواضع وكل السمات الحميدة، ومن يحصل على منصب حكومي رفيع، يحظى باحترام الناس لكثرة ما يتحدث عن إخلاصه وتفانيه، وما يظنونه بقوله إنه منهمك ليلاً نهاراً في العمل لخدمة الناس، على حساب عائلته وعلاقاته الاجتماعية، ويقال إن المناصب تسرق الرجال، وكل هذا الاحترام لتفاخر مقربيه به، أو اعتبار شطارته هي من أوصلته الى هذا المستوى.

ينطبق الحال مع اصحاب الأموال وبالذات من انتقل من الفقر الى الغنى بسرعة الصاروخ، والشخصيات السياسية والأكاديمية، وعند حضور أولئك الى مجلس عام أو خاص، فيجلسون في المقدمة، وعندما تصيبه مشكلة فتجد الناس تتسابق لخدمته أكثر من المحتاج الحقيقي، ومنهم من يتصنع شخصية تناسب شخصيته، بمشيته وطريقة سلامه وضحكته وسعاله وتناوله الغذاء.

يشعر رفيع المستوى أنه شخص مميز، وكل من حوله عليهم التعامل بما يرضيه، فلا أحد يرفع صوته فوق صوته، ولا يُقاطع حديثه، ولا يسبق خطواته شخص، بل لا يوقظه من النوم إذا نام، وان احترقت ما في مسؤولياته، خارق للعادة وفوق المستحيل، منهم من يظن أنه لا يأكل مثلنا ،وآخرون يقولون أنه يأكل الخبز والشاي، ومع ذلك هو مخلص في عمله، وان عمله يساوي جهود عشرات العاملين، لذلك منهم من يلبس بدلة عمل ويكنس الشارع، وفي كل رفعة يد ينظف منطقة، وإن وقف على تبليط الشارع، فسوف يخلد التاريخ ذلك الشارع، وإن جاء بمحولة كهرباء أيام الانتخابات، فتلك تكفي لسد حاجة منطقة كاملة، وبعضهم يقول إنها تعطي كهرباء بدون طاقة تشغيلية؟!

 إن الصورة التي اعطيت عن رفيع المستوى، تحمله مسؤولية كبيرة وأعطيت على أثرها الامتيازات، وصاحب المال عليه حق للفقراء، وعليه استرجاع الذاكرة الى رغيف خبر كان من أمنياته، وكذلك الشخصيات العامة والاجتماعية والنخب والأكاديميون، وأن لا يضعوا حواجز بينهم وبين المجتمع، وهم الآن في القمة والسقوط منها يعني الهاوية.

مالم يكن رفيع المستوى؛ بالمستوى الذي تراه الناس ويتمنونه، فإنه فارغ المحتوى، وكم منهم من يحظى باحترام كبير، وفي لحظة يسقط من نظر المجتمع بخطأ بسيط، فكيف إذا كان منغمساً بالفساد، وممارسات لا تنم عن الأخلاق والمسؤولية، وكم رفيع مستوى في السجون، ولكن أكثرهم ما يزال يمارس عمليات الفساد والنهب وتخريب قيم المجتمع، تحت عنوان

 (رفيع المستوى)؟!

 

عرض مقالات: