الدين افيون الشعوب...هذا ما قاله  السيد ماركس و لستُ مغرمةً جداً بأفكاره إلا إن الفضول دفعني لمغازله هذه النظرية والتي وصفتنا كشعوب مخدَرة تصبح وتمسي تحت مظلة الكلمات الرنانة والتي ماانفك أصحابها من إرعابنا بان الله وجِد فقط ليعذبنا وان الحياة الآخرة  ليست إلا نارٌ وجحيم وسعير يسبقهما برزخٌ يطهرك من ذنوبك  وغيرها من عناصر الإرهاب الفكري والتي حشوت بها رؤوسنا منذ عقود والى ألان ولم يتطرق احدهم إلى ذكر الجنة ونعيمها وما أعده الله للمؤمنين النبلاء أصحاب المواقف المشرفة  والمعذبين في الأرض إلا ما ندر.

 والمصيبة انه لم تطرأ تغييرات أو تطورات على هذه النظرية وتجد الكثير من الناس يتصور إن الله عزّ وجلّ سخّر الملائكة ليعاقبوا الخلق دون الإشارة إلى المكافئات المغرية التي تنتظر الطيبين، حتى والديك لو أرادوا منعك من فعل شيء لا يتناسب مع أفكارهم يرمون الكرة في ملعب الخالق (إذا لم تفعل هذا فأن الله سيحاسبك وان قلت هذا فسوف يلقيك الله في قعر جهنم)!!

 وجهنم بالنسبة لنا هي عبارة عن تنور كبير يرمي به الملائكة كل من يعصي أوامر كبار السن من الأهل والأقرباء والجيران والمعلمين وكأنهم خلقوا بلا خطيئة حتى أصبح لدى الكثير منا فوبيا من التنور المنزلي للأسف فتجارة التخويف من الله هي الأكثر رواجا ولو شئتَ التأكد فما عليك سوى أن تتنقل بين المحطات الفضائية لترى وتسمع ما يقال عن عدم طاعة ولاة الأمر حتى وان كانوا من فئة "يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم”. فقد سئُل أحد الحكماء أيام الغزو المغولي.. هل الحاكم العادل الكافر أفضل أم الحاكم الظالم المسلم؟

 فقال "الحاكم العادل الكافر خير من الحاكم الظالم المسلم فلنا عدله وعليه كفره" واعتبر الكثير إجابته مجاملة للقائد المغولي.

فما يهمنا لو كان ولاتنا مسلمين أم لا إذا كانت شعوبهم مرتاحة تمارس طقوسها الدينية والفكرية والثقافية دون خوف أو مراقبة كما في الدول الأوربية وما يهمنا من نوعية دين الحاكم إذا كانت لقمة الرعية متوفرة وأبدانهم مستورة وحريتهم مكفولة فإذا حكمني مسلم لن يدخلني الجنة وإذا حكمني ملحد لن يخرجني منها ولكن إذا حكمني من يوفر لي ولأولادي العمل والحرية والكرامة سأقف له إجلالا واحتراما ويبقى دخولي الجنة من عدمه رهينة لإيماني وأفعالي.

ابتسام ابراهيم : شاعرة , كاتبة صحفية ومترجمة - بغداد

عرض مقالات: