ولد الدكتور انغار سولتي، في 14 نيسان 1979، وهو كاتب وعالم اجتماع ألماني. عمل كمساعد باحث في جامعة يورك الكندية. وتشمل اهتماماته البحثية الاقتصاد السياسي العالمي، وعلم الاجتماع السياسي، والنظرية السياسية، وعلم الجمال. ومنذ حزيران 2016 يعمل استشاريا لسياسة السلام والأمن في معهد التحليل الاجتماعي في مؤسسة روزا لوكسمبورغ، التابعة لحزب اليسار الألماني. له العديد من المؤلفات والبحوث في مجالات اهتماماته المختلفة.

1 - مقدمة: ثلاث صور وروزا لوكسمبورغ كأمل في "طريق ثالث"، يتجاوز اشتراكية الدولة والديموقراطية والاجتماعية

كانت روزا لوكسمبورغ، المولودة في مدينة زاموش البولندية الصغيرة، يوم 5 آذار 1871 ثورية اشتراكية، دافعت عن أعمال ماركس، وقدمت في الوقت نفسه مساهمة أصيلة في النظرية الماركسية، من ناحية فيما يتعلق بتحليل العولمة الرأسمالية، ومن ناحية أخرى ما يرتبط بسياسات الثورة.

واليوم يجب تحرير روزا لوكسمبورغ من الصور المبتذلة التي تجعل من الصعب تقييم حياتها وأفكارها وعملها. ثمة ثلاث صور مهيمنة.

الصورة الأولى الأكثر سطحية هي صورة النسوية البرجوازية اليسارية: تقف روزا لوكسمبورغ في سلسلة الرموز التاريخية وسلسلة اسلاف تحرر المرأة ضد سيطرة الرجل. امرأة ذكية للغاية وواثقة من نفسها، حررت نفسها من قيود النظام الأبوي، ودرست في القرن التاسع عشر، وحصلت على درجة الدكتوراه في الاقتصاد؛ واحدة من مجموعة من النساء الأكثر جرأة - كلارا زيتكين، لويز كاوتسكي، وماتيلد جاكوب - والتي كانت ستجتاز كل اختبار من اختبارات بيكدل Knobloch, Heinz 1997)) [اختبار بيكدل نسبة لفنانة الكارتونية الامريكية اليسون بيكدل، يُستخدم الاختبار كمؤشر قوي للحضور الفعال للسيدات في الأعمال الإبداعية الخيالية -المترجم]؛ امرأة خارج التاريخ العظيم الذي صنعه الرجال تقريباً بالكامل، قائدة في أقوى حزب ديمقراطي اجتماعي في العالم، كان لها تأثير كبير على مصير العالم في العديد من البلدان: ألمانيا وبولندا وروسيا. امرأة مانحة لقوة التمكين وصاحبة اقوال لا تنسى مثل: "الحرية هي دائما حرية أولئك الذين يفكرون بشكل مختلف".

تأتي الصورة المشوهة الثانية المرسومة لروزا لوكسمبورغ من قبل الشيوعية الأوروبية والديمقراطية الاجتماعية اليسارية في السبعينيات، وتهيمن اليوم على الدوائر التي تعتبر نفسها "مناهضة للستالينية"، وتميز نفسها بشكل جذري عن اشتراكية الدولة التاريخية: روزا لوكسمبورغ التي كانت صديقة حقيقية للإنسان، وصاحبة قدرة كبيرة على التعاطف معه، تبدو هنا اشتراكية جيدة، وديمقراطية اجتماعية يسارية وصاحبة موقف أساسي مضاد للرأسمالية، والمعادية الإنسانية للحرب، التي تحب الازهار بحميمية تماما مثل الإنسان، التي كتبت من السجن رسائل حب تفتت القلوب، والتي على الرغم من رفضها الأساسي للرأسمالية، لم يكن لديها أي تفهم  للينين وثورة أكتوبر والبلشفية، وهو ما يمكن قراءته في نقدها "حول الثورة الروسية" Luxemburg, Rosa 1918a)) الصورة المشوهة الثالثة أتت من الماركسية – اللينينية التي انبثقت من هذه الثورة، عندما تحولت الماركسية الى عقيدة جامدة للدولة. لقد أصبحت تهمة "اللوكسمبورغية" شديدة الثقل. في الماركسية – اللينينية بدت روزا لوكسمبورغ نصف فوضوية ورومانسية ثورية. عند تناوله لوكسمبورغ تحدث زينوفييف عن "التصوف العفوي" (Frölich, Paul 1973) وبعض الإيماءات الجنسية حولت نظرية لوكسمبورغ في الثورة إلى "مادية هستيرية".

كان أودو فينكل على حق عندما كتب، أواخر السبعينيات، بمناسبة إعادة إصدار عدة مقالات لكارل راديك، عن روزا لوكسمبورغ: "بالكاد يوجد اشتراكي ثوري في تاريخ الاشتراكية اسيء فهمه وتوظيفه" (فنكل 1979 :4) وفقا لكلاوديو بوزولي، فإن روزا لوكسمبورغ "قُتلت مرتين (...)“، من قبل "الثورة المضادة والديمقراطية الاجتماعية أولاً، و[بواسطة] الستالينية لاحقًا Pozzoli, Claudio 1974:13) ).

رفضت الديمقراطية الاجتماعية روزا لوكسمبورغ لأسباب ليست اقلها دورها في "ثورة نوفمبر" 1918/ 1919. وبالقدر نفسه كانت روزا لوكسمبورغ غير مرغوب فيها من قبل اشتراكية الدولة (البلدان الاشتراكية السابقة- المترجم). أصبحت روزا لوكسمبورغ في أواخر الستينات و"ازمة الماركسية" في السبعينات أملا لليسار. لقد وعدت بتجديد الفكر الاشتراكي، وفي الوقت نفسه بمسار شيوعي أوروبي، جعل نفسه مستقلاً عن الاتحاد السوفيتي كقوة قائدة للأحزاب الشيوعية في الغرب. بعيداً عن الأوهام الإصلاحية للديمقراطية الاجتماعية، ولكن أيضاً خارج البلشفية واشتراكية الدولة، جرائمها التاريخية وأخطاؤها وعيوبها، والتي أدت أيضاً إلى هزيمتها وانهيارها في 1989/1991، ارتبط اسم روزا لوكسمبورغ بأمل ثالث: الطريق الديمقراطي للاشتراكية، إلى الاشتراكية الديمقراطية، وخصوصا بعد عام 1989.

2 - وظيفة لوكسمبورغ المزدوجة التي تبدو متناقضة

يؤدي الجهد النظري لروزا لوكسمبورغ ظاهريا، وظيفة مزدوجة متناقضة. بعد وفاة فريدريك انجلس في عام 1895، كانت روزا لوكسمبورغ - إلى جانب لينين - من ناحية المدافع الأكثر حدّة في المضمون واللغة عن الإرث النظري والعملي الثوري الماركسي ضد تحريفية إدوارد برنشتاين وكونراد شميدت وآخرين. كما يعكس ذلك كتابها "إصلاح اجتماعي أم ثورة" (Luxemburg, Rosa 1899). ومن ناحية أخرى، مثل عدد آخر قليل جدًا، ساهمت في تجديد وتجسيد تاريخي لفكر ماركس، الذي يجب دائماً تحديثه تاريخياً، وفي مزيد من التطوير لعمل ماركس غير المكتمل.

ان الملموسية التاريخية ترتبط بتأثير ميل القوانين التي وصفها ماركس، ودافعت عنها روزا لوكسمبورغ ضد التحريفية في الواقع التاريخي الملموس للعصر. ان التجديد والتطوير يرتبط بدوره بشكل رئيسي بعقدتين كبيرتين: (ا.) نظرية التغيير العملي للمجتمع (البرجوازي - الرأسمالي) وتكتيك واستراتيجية الثورة. و(2.) التحليل المنهجي للرأسمالية - الملتزمة بطبيعتها بالعولمة - كإطار هيكلي للعمل الثوري لتجاوزها.

وهكذا، من ناحية، طورت لوكسمبورغ في عدد من الكتابات السياسية ـ الى جانب "اصلاح اجتماعي ام ثورة"، و"الإضراب الجماهيري، الحزب، النقابات" (1906) و"مناقشة الإضراب الجماهيري مع كارل كاوتسكي وآخرين في نويه تسايت" (Grunenberg, Antonia 1970) ـ أسساً لتعامل ماركسي، الحزب ونظرية الثورة، ونقدها للبرلمانية. وضعت أيضا الأسس لنظرية ماركسية حول السياسة والدولة. كما خطط لها ماركس ولكن لم يتم تطويرها، وكما تم تطويرها لاحقًا بشكل أكثر منهجية من قبل غرامشي ورالف ميليباند ونيكوس بولانتزاس. ومن ناحية أخرى، فإن نظرية لوكسمبورغ حول الإمبريالية، التي وضعت في عملها الرئيسي "تراكم رأس المال: مساهمة في التفسير الاقتصادي للإمبريالية"، الذي صدر عشية الحرب العالمية الأولى عام 1913، يوضح لماذا لا يمكن التفكير بالرأسمالية بدون الإمبريالية والاستعمار والحرب (Luxemburg, Rosa 1913a). تكمن أهمية كتاب لوكسمبورغ "تراكم رأس المال" في فهمنا للرأسمالية العالمية والسياسة الإمبريالية اليوم في موقع آخر، وفي سياق نظريات الإمبريالية المتنافسة في عصرها - "الموجة الأولى" من نظرية الإمبريالية - تمت مناقشتها وربطها بسؤال حول ما إذا كانت التغيرات في الرأسمالية العالمية اليوم - بعد الموجتين الثانية والثالثة - لا تتطلب موجة رابعة من نظرية الإمبريالية (Solty, Ingar 2021). ولهذا السبب، يهتم هذا البحث حصرياً بمساهمة لوكسمبورغ في النظرية الماركسية للعمل والحزب والثورة وأهميتها للتكتيك والاستراتيجية الاشتراكية اليوم.

3 – الثورية الاشتراكية روزا لوكسمبورغ

على عكس الكليشيهات الشائعة، كانت روزا لوكسمبورغ ثورية متحمسة، بطريقة عملية ومنسقة للغاية. نعم، لقد أرادت أن تعرف بلغة فاوست غوته، "ما يربط العالم معاً في أعماق كيانه"، ولكن ليس من أجل المعرفة الجمالية، أو لتثبت انها على حق أو لتحقق مجدا وظيفيا او موقعا أكاديميا، لكن لتستطيع تغيير العالم الذي يزعجها فيه ألم الاستغلال والاضطهاد وتدمير الطبيعة. عاشت روزا لوكسمبورغ الوحدة الماركسية في النظرية والممارسة. ولأنها كانت تحب الناس كثيراً، كان يغضبها المتاجرون بالبشر بلا حدود. لم يعط تفكير لوكسمبورغ لنفسه مظهر "حيادية القيمة" الوهمي. كانت لوكسمبورغ مصطفة مع المستغَلين والمضطهَدين، ووضعت تفكيرها في خدمة الحركة العمالية، ليس كأستاذة جامعية، ولكن كرائدة في حزب عمالي اشتراكي، وفي جناحه اليساري، وكمحاضرة في مدرسته الحزبية. قال المفكر الماركسي المعاصر ليو بانيتش مراراً وتكراراً: "لو أن لوكسمبورغ ولينين كانا أستاذين جامعيين، ربما ما كان لثورة أكتوبر ان تحدث".

تميزت الثورية لوكسمبورغ بالممارسة العملية والثبات: لقد جسدت "الروح النضالية المتجددة والإرادة الحازمة والتضحية اللامحدودة بالنفس من أجل مُثُل الاشتراكية". لقد دفعت ثمن إدانتها ودعواتها لإنهاء جرائم القتل المروعة في الحرب العالمية الأولى، هذه "الكارثة الكبرى" في القرن العشرين، بسنوات من السجن، وفي النهاية بحياتها. وفقا لتحليلها يجب أن يكون تغيير العالم في كل الأحوال جذرياً، أي بشكل أساسي وصولا إلى جذور المشاكل: لوكسمبورغ لم ترغب في إصلاح الرأسمالية، ولم تؤمن بإمكانية إصلاحها، لقد أرادت إلغاء الرأسمالية من حيث المبدأ ومن خلال استبدالها بنظام ملكية واقتصاد اشتراكي. لقد فهمت لوكسمبورغ الشيوعية، بمرحلتها الأولى الاشتراكية، على أنها تحقيق الحلم القديم للبشرية، ذلك "الحلم العميق بمجتمع يخلقه أناس أحرار ومتساوون" Luxemburg, Rosa 1909:572)). وصفت لوكسمبورغ مجتمع المستقبل الاشتراكي على النحو الاتي: "في الاقتصاد الاشتراكي، يسقط رجل الأعمال بسوطه. العمال هنا أحرار ومتساوون يعملون لرفاهيتهم ومصلحتهم (...)" (Luxemburg, Rosa (1918c:433.

بالملموس، بدأت فكرة روزا لوكسمبورغ عن الاشتراكية كنظام اقتصادي بديل للرأسمالية، مع جعل طابع الشركات الكبيرة اجتماعيا: "إذا كان ينبغي ان يكون هدف الإنتاج ضمان حياة كريمة للجميع، وتزويد الجميع بالوافر من الطعام والملبس ووسائل العيش الثقافية الأخرى، إذًا يجب ان يكون العمل منتجا أكثر بكثير مما هو عليه اليوم. يجب أن تدر الحقول كميات هائلة من المحاصيل، ويجب استخدام أعلى التقنيات في المصانع، ويجب استغلال مناجم الفحم والمعادن الأخرى بأقصى طاقتها الإنتاجية، وما إلى ذلك. ويترتب على ذلك أولا التوسع في الطابع الاجتماعي للمؤسسات الصناعية والزراعية الكبيرة. نحن لا نحتاج ولا نريد أن نسلب الفلاحين والحرفين الصغار، الذين يكافحون بعملهم في قطعة أرضهم أو في ورشهم وممتلكاتهم الصغيرة. في الوقت المناسب سيأتون إلينا طواعية ويرون ويتعلمون مزايا الاشتراكية على الملكية الخاصة ( .(Luxemburg, Rosa 1918c:432

بمجرد أن تتحقق الاشتراكية، سيتكون عندئذ، حسب لوكسمبورغ، "شكل اقتصادي"، "وهو في الوقت نفسه، ومن بدايته شكل عالمي. وبطبيعته وفي حد ذاته نظام منسجم، لأنه لا يعتمد على التراكم، بل على تلبية الاحتياجات الحيوية للإنسانية العاملة من خلال تطوير جميع قوى الأرض المنتجة". (Luxemburg, Rosa 1913:411).

لم تعتقد لوكسمبورغ، بما كان يطرحه الجناح اليميني في الحزب الديمقراطي الاجتماعي الملتف حول إدوارد برنشتاين، أن المرء يمكن أن "يتزحلق إلى الاشتراكية" من خلال إصلاحات تدريجية في البرلمان. ولامتلاكها وعيا تاريخيا، فقد آمنت بالإمكانية التاريخية وضرورة الثورة. في بعض الأحيان تتسلل إليها فكرة الحتمية. وهذا لا يعني أن لوكسمبورغ كانت تعارض الإصلاحات في حد ذاتها. كانت الإصلاحات ضرورية وصحيحة وهامة بالنسبة إلى لوكسمبورغ، ولكن فقط بالقدر الذي تحسن فيه ظروف النضال من أجل الإطاحة الثورية بالرأسمالية، وتحول ميزان القوى بين الطبقة العاملة والبرجوازية لصالح الأولى. لم تنتظر روزا لوكسمبورغ الانفجار العظيم، لكن الإصلاحات يجب أن تقاس بمدى تهيئتها ظروف الانفجار العظيم. نعتت لوكسمبورغ هذا "بالسياسة الواقعية الثورية". كانت قادرة على التفكير في "هدف اليوم" و"الهدف النهائي"، والتمييز بين الاثنين، وفي النضال من أجل هدف اليوم، لا تغفل الهدف النهائي الاشتراكية والشيوعية. كتبت لوكسمبورغ: "إن أفضل الإصلاحات الديمقراطية" هي (...) فقط مراحل صغيرة في مسيرة البروليتاريا الكبرى نحو الاستيلاء على السلطة السياسية، لتحقيق الاشتراكية" (Luxemburg, Rosa 1910a:303).

 في مواجهة برنشتاين والجناح اليميني للحزب، كتبت روزا لوكسمبورغ: "هذه النظرية برمتها لا ترقى عملياً إلى أي شيء سوى النصيحة للتخلي عن التغيرات الاجتماعية، والهدف النهائي للديمقراطية الاجتماعية، وتحويل الإصلاح الاجتماعي من وسيلة الصراع للطبقي الى غاية. لقد صاغ برنشتاين نفسه وجهات نظره على نحو أكثر دقة وحدة عندما كتب: "الهدف النهائي، مهما كان، لا يعني شيئاً بالنسبة لي والحركة هي كل شيء" (Luxemburg, Rosa 1899:370).

 4 - مساهمة روزا لوكسمبورغ الاصيلة في النظرية الماركسية - عمل الحزب والثورة

تنتمي القدرة للإرادة أيضا، بكلمات أخرى "فن السياسة" ينتمي للإرادة أيضا، كما اشرت ذلك فريغا هاوغ في كتابها عن روزا لوكسمبورغ (Haug, Frigga 2007). فكيف فكرت روزا لوكسمبورغ في الطريق إلى الاشتراكية؟ آمنت لوكسمبورغ بالانتفاضة الثورية، طاقة الجماهير في الفترات الثورية. لكن لوكسمبورغ لم تكن فوضوية، ولم تؤمن بانتفاضة جماهيرية عفوية بلا قيادة، كما أنها لم تؤمن بالانتقال المباشر إلى الشيوعية/ الفوضى كمجتمع بلا دولة.

ولم تكن لوكسمبورغ نقابية أيضاً. كانت مقتنعة بأن التغلب على الرأسمالية لن يكون ممكنا بدون السيطرة على سلطة الدولة. وبهذا المعنى، كانت لوكسمبورغ ديمقراطية اجتماعية كلاسيكية ما قبل الحرب العالمية الأولى. وتحرك فكرها بين البرلمان والطبقة والحركة النقابية والحزب، بين ميادين العمل والمصنع والبرلمان والشارع، وبين الإضراب (في المصنع) والبرلمان كمنصة للصراع الطبقي والشارع كمشهد للانتفاضات الثورية – وباللعب المشترك مع البرلمان - تمرير الاقتصاد إلى الصراع السياسي. في إطار هذا الحراك الفكري وفي صفوف الجناح اليساري لحزبها، وقفت لوكسمبورغ بثبات عبر مساهمة أصلية في الحزب الماركسي، الدولة ونظرية الثورة. هذه المساهمة بالتحديد هي التي تجعلها "نقيضا نقديا للينين وكاو تسكي" (Pozzoli, Claudio 1974:12) "بديلا ثالثا حيويا" بين الإصلاحية والبلشفية، بين الاشتراكية الديموقراطية واشتراكية الدولة، كما سماها كاتب سيرتها جي بي نيتل (مقتبس من المصدر السابق).

وان مثل هذا البديل كان ضروريا. يدل على ذلك تصلب وأخطاء اشتراكية الدولة التاريخية، التي ـ مع كل الإنجازات التي لا يمكن إنكارها، الى جانب الجرائم التي ارتكبت باسم الاشتراكية ـ أدت في النهاية إلى انهيارها وهزيمتها من ناحية. ومن ناحية أخرى، الفشل التاريخي للديمقراطية الاجتماعية في منع الحرب العالمية الإمبريالية عام 1914، من تنفيذ الثورة الاجتماعية في 1918/ 1919 بما في ذلك الإجراءات الاجتماعية التي أرادتها الجماهير الشعبية، وكذلك في منع صعود الفاشية في الإضراب العام عام 1933. سوياً، مع النقابات التي كانت تهيمن عليها (على غرار احباط انقلاب كاب عام 1920)، فشل تاريخي أدى، بعد الفاشية وفي ظل ظروف الحرب الباردة، إلى تحويل الحزب الطبقي القديم (المقصود الحزب الديمقراطي الاجتماعي – المترجم) مع اقرار برنامج غودسبيرغ لعام 1959 إلى "حزب شعبي"، أصبح بعد عام 1989 "حزب كوتا"، ومجرد جهاز تكنوقراط لرأسمالية الليبرالية الجديدة (Walter, Franz 2009).

فما هي مساهمة لوكسمبورغ الأصلية في السياسة اليسارية القائمة على أسس طبقية وبرؤية مناهضة للرأسمالية؟ لم تسقط هذه المساهمة من السماء، لكنها كانت قائمة على تجربة تاريخية استثنائية، اتيحت بشكل خاص لروزا لوكسمبورغ، العارفة بعمق في اشتراكية أوروبا الشرقية: تجربة الثورة الروسية عام 1905. لقد أدركت لوكسمبورغ بناءً على تجربة الثورة الروسية عام 1905، أهمية العفوية الثورية فيها كانت هناك إضرابات جماهيرية ثورية وتحركات جماهيرية، تطورت بشكل مستقل إلى حد كبير عن عمل الديمقراطية الاجتماعية الروسية (حزب العمال الاشتراكي الروسي – المترجم) في هذا الفعل الجماهيري العفوي، اكتشفت لوكسمبورغ "طريقة جديدة للنضال" والتي ـ في نظرها ـ "لا ترتبط بالثورات البرجوازية القديمة ولا بالنضالات البرلمانية السابقة للبروليتاريا المعاصرة". وبهذه الطريقة "يُربط النضال" من أجل الديمقراطية مع "النضال ضد رأس المال" (Luxemburg, Rosa 1906a:8).

فيما يتعلق بالترابط بين الطبقة، الحركة والحزب، انفصلت لوكسمبورغ بعد 1905 عن افتراض "الهوية بين الطبقة العاملة والحزب العمالي، وحدث انقلاب حاسم في نظريتها، أصبحت عندها الجماهير زعيمة للحركة، الحزب منفذا، وأداة للعمل الجماهيري الواعي" (Pozzoli, Claudio 1974:15).

 عندما يبدأ حجر مرة بالتدحرج، حسب لوكسمبورغ، "لا يمكن اعادته الى حالة السكون" (Luxemburg, Rosa 1906b:152). تتمثل مهمة الحزب في تعزيز دحرجة الحجر والاستعداد للحظة التي يبدأ فيها بالتدحرج، من أجل السباحة في الثورة. كتبت لوكسمبورغ: "ليس من منطلق" الميل للرومانسية الثورية، "بل على اساس الضرورة التاريخية المريرة"، يجب أن تكون الأحزاب الاشتراكية دائماً مستعدة لـ "الصدامات العنيفة". "وإذا قمنا بإحداث ثورة في العقول من خلال النشاط البرلماني مثل أي نشاط آخر، فسيحدث هذا بحيث، في حالة الطوارئ، تنزل الثورة أخيراً من العقول إلى القبضات" (Luxemburg, Rosa 1902:235). وكما سبق القول، لم تكن لوكسمبورغ فوضوية ولا نقابية. كانت مقتنعة بالحاجة إلى تنظيم وحزب، وأن الهدف يجب أن يكون الاستيلاء على السلطة. لقد شددّت بوضوح: "بدون تنظيم، لا يمكن للطبقة العاملة أن تكون قادرة على العمل لفترة طويلة". ان "الروح النضالية المتجددة والإرادة الثابتة والتضحية بالنفس بلا حدود من أجل مُثُل الاشتراكية، هي تلك الصفات التي بدونها يكون أجمل جهاز تنظيمي، خردة لا قيمة لها وقيدا ثقيلا على اقدام الجماهير البروليتارية" (Luxemburg, Rosa 1917:257). 

باختصار: من تجربة روسيا عام 1905، طورت لوكسمبورغ نقدها لـ "البرلمانية المجردة" (Luxemburg, Rosa (1910b:361). عندما حدثت الثورة الاجتماعية في ألمانيا في 1918/19 وأنهت الحرب العالمية الأولى، كانت لوكسمبورغ مقتنعة تماماً بأن انتصار الثورة الاجتماعية في 1918/19 سيعتمد على منظمة قوية تربط المزاج الثوري. وبمناسبة تأسيس الحزب الشيوعي في المانيا في 1 كانون الثاني 1919، كتبت لوكسمبورغ: سوف يتطلب الأمر "درجة مختلفة تماماً من النضج السياسي والتأهيل والمثابرة عما كان كافياً في المرحلة الأولى. إنها الآن مسألة استبدال المزاج الثوري في كل مكان بالقناعة الثورية التي لا تقهر واستبدال العفوية بالمنهجية. من المهم تحويل نظام مجالس السوفيتات والعمال من ارتجال الساعة إلى الدرع الحديدي الذي يؤمن للبروليتاريا كل السلطة العامة في المجتمع" (Luxemburg, Rosa 1919a:514).

 كان هذا الرأي والموقف حاسماً أيضاً لحقيقة أن لوكسمبورغ لعبت في الإضراب العام في الفترة من 5 إلى 12 كانون الثاني/ 1919 دورا مترويا وكابحا لرفيق دربها، كارل ليبخنت، لأنها افترضت أنه بعد أربعة أيام كاملة فقط من تأسيس حزب ثوري، لم يترسخ بعد، واضراب عام اقتصر إلى حد كبير على برلين، لم تحن بعد لحظة الإضراب الثوري. لقد فكرت روزا لوكسمبورغ بان هزيمة الاضراب العام هي "هزيمة للطاقة الثورية المقتحمة ونضج غير كاف للوضع"، و"نتيجة للضعف ولوضع غير مكتمل" (Luxemburg, Rosa 1919b:536). بالطبع، هذا لم يغير حقيقة، على الرغم من أن لوكسمبورغ، وكارل ليبخنت لم يلعبا أي دور تقريباً في انتفاضة عمال برلين، دفاعاً عن ثورتهم، فقد قُتلت على الرغم من ذلك من قبل قوى الثورة المضادة.

 سياسيا، كانت روزا لوكسمبورغ تدعو الى ركوب الصعاب واقتحام الأمواج العاتية، فقد كتبت:

لا يمكن ادارة صراع بهذا الحجم بالوسائل التافهة والسياسات الخجولة، ونحن لسنا مسؤولون حالياً عن التحضير "لأي إضراب جماهيري، بل إعداد منظمتنا لكي تكون ملائمة للنضالات السياسية الكبرى، وليس "تربية الطبقة العاملة على الإضراب الجماهيري، بل تربية الديموقراطية الاجتماعية على الهجوم السياسي" (Luxemburg, Rosa 1913 b:257). عكست لوكسمبورغ العلاقة بين الحزب والحركة، بين القيادة والجماهير، على الأقل، إلى علاقة جدلية بلا أعلى أو أسفل. تنظيم الحزب شرط ضروري في النضال من أجل الاشتراكية، لكن العمل الجماهيري هو وحده الذي يجعل هذا النضال كافياً.

لقد انتقدت لوكسمبورغ حزبها لأن الحركة الاشتراكية ركزت كثيرا على البرلمان وتخلت عن موقفها الثوري، الذي طرحه ماركس وانجلس تحت تأثير "عصر الثورة" بين 1789 - 1848 (Hobsbawm, Eric 1996)، وعندما ذكر رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي اوغست بيبل في البرلمان بكومونة باريس 1871، باعتبارها نموذجا لـ"دولة الشعب"، والذي كان يتفق مع الاستراتيجية التي تبناها الحزب في برنامج ايرفورت 1891، تسبب ذلك في رعب المحافظين والليبراليين.

لقد كانت روزا لوكسمبورغ مقتنعة عشية الحرب العالمية الأولى، بالنسبة لألمانيا والبلدان الرأسمالية المتقدمة: "إننا نعيش في زمن لا يمكن فيه الحصول على مكاسب للبروليتاريا على أرضية البرلمان" (Luxemburg, Rosa 1913c:263 ff).

يعود اعتماد البرلمانية من قبل الديمقراطيين الاجتماعيين، الذي كان من الناحية التاريخية بلا شك مفهوما، الى ثلاثة أسباب: (1) الخوف من تجدد حظر نشاط الحزب كما حدث أثناء "القوانين الاشتراكية" (1878-1890)، (2) الصعود الذي بدا لا يمكن إيقافه للحزب الديمقراطي الاجتماعي من الانتخابات إلى اخرى، (3) أيضا التوجه الذي تبناه انجلس، بصفته مفكراً مشاركاً طيلة حياته وممثلا للماركسية،  بعد وفاة ماركس، فقد أنتج توجهات لمسار برلماني نحو الاشتراكية، وخاصة في "وصيته". قارن: (Solty, Ingar 2020b).

من خلال مراقبتها لاعتماد الحزب للبرلمانية والبيروقراطية وشبه احتواء الدولة للحزب، والتي أدت الى اندماج الحزب الديمقراطي الاجتماعي منذ عام 1910، بالنظام السياسي، ومهد الطريق لاعتماد "سياسة سلام القلعة" (الوفاق الطبقي – المترجم) بعد عام 1914، طورت روزا لوكسمبورغ ثلاثة موضوعات في نقد البرلمانية: أولاً، "الاشتراكية البرلمانية" تجعل الطبقة العاملة سلبية، ولا تتغلب بشكل أساسي على نموذج حكم النخبة البرجوازي الليبرالي المناهض للديمقراطية. شعرت لوكسمبورغ بميل لتحويل الحزب الديمقراطي الاجتماعي من حزب ثوري صغير إلى حزب انتخابي للطبقة العاملة الواسعة، بواسطة سيطرة الدولة (الدولانية). كتب كلاوديو بوزولي، بالاستناد الى روزا لوكسمبورغ، أن "الأشكال التقليدية لتنظيم الحركة العمالية تعيد إنتاج استبداد المصانع وسياق التعاون السائد في الشركات الرأسمالية: التعاون باعتباره كفاءة مفروضة. يتواصل المرء من خلال مستوى في التسلسل الهرمي، ورابط اتصال بالمنظمة. يتواجد المرء بشكل جماعي، وجود القيادة فقط" (Pozzoli, Claudio 1974:16).

وباعتبارها من دعاة المساواة الكاملة، وديمقراطية متحمسة، أخذت مفاهيم التحرر، التحرير الذاتي، والحكم الذاتي للطبقة العاملة بجدية. كان تفكير لوكسمبورغ موجهاً ضد الدولانية بشكليها: ضد الاتجاه الملحوظ في الديموقراطية الاجتماعية قبل الحرب العالمية الأولى، ولاحقًا في عملها "حول الثورة الروسية"، في اشتراكية الدولة الوليدة. لم تعجبها فكرة "كل شيء للعمال، لكن لا شيء منه بواسطة العمال".

ثانياً، كانت لوكسمبورغ مقتنعة بأن برلمنة الاشتراكية (اعتماد النضال البرلماني فقط - المترجم) يؤثر في نزع الجذرية وفي عدم التمكين، لأن قوة الاشتراكية في جهاز الدولة ستكون غير فعالة بدون السلطة المنظمة للطبقة العاملة الواعية خارج البرلمان. وبقدر ما يكون رأس المال منظما وقويا هيكليا (أكثر من اللازم)، يجب على الحزب تطوير هذه القوة وتفضيلها؛ ففي حالة حدوث الأسوأ، سيكون سريعا بلا حماية ويمكن أن يصبح الحزب بلا حماية، خاصة في حالة تجدد القمع والحظر الحزبي. وهكذا توقعت روزا لوكسمبورغ مصير الحزب الديمقراطي الاجتماعي وجزئياً مصير الحزب الشيوعي في المانيا، ومقاومتهما بعد حظر الحزبين من قبل النازيين في عام 1933 في حالة الحزب الديمقراطي الاجتماعي تلاشت مقاومته بسرعة، وفي حالة الحزب الشيوعي، تم تدميره بسرعة نسبياً، مؤقتاً على الأقل، بواسطة اضطهاد الدولة وقتل المقاومة العمالية الشيوعية.

ثالثًا، ترى لوكسمبورغ أن البرلمانية قلبت العلاقة بين محرك وقيادة الثورة، والجماهير والطبقة والحزب، رأسا على عقب. عارضت لوكسمبورغ "حكمة الفرن المنزلي لدار الحضانة البرلمانية"، والتي بموجبها لا يمكن تحقيق شيء إلا بالأغلبية. "الديالكتيك الحقيقي للثورة يقلب هذه الحكمة البرلمانية الخلدية (نسبة الى حيوان الخلد – المترجم) رأساً على عقب: الطريق لا يمر من خلال الأغلبية إلى التكتيكات الثورية، ولكن من خلال التكتيكات الثورية للأغلبية. والحزب الذي يعرف كيف يقود فقط، أي أن يقول كيف يسير خلال العاصفة إلى الأمام، سيكسب أتباعاً". واستشهدت صراحة بتجربة البلاشفة كمثل ساطع: وبشعار"كل السلطة في أيدي البروليتاريا والفلاحون! "جعلوا حزبهم" بين عشية وضحاها سيد مطلق للوضع" (Luxemburg, Rosa 1918a:341).

كانت لوكسمبورغ تدرك بوضوح تام أن العنف كان وسيظل دائماً وسيلة الحكام لتأمين سلطنهم الطبقية. وكانت مقتنعة، في حال حصول الحزب الثوري على الأغلبية البرلمانية، ستلجأ البرجوازية الى العنف لمنعه.

5 – بصيرة روزا لوكسمبورغ

 أدركت لوكسمبورغ أن الثورات التي تنشأ في الأزمات الاجتماعية يصاحبها مؤثرات سريعة الفعل في الوعي الجماهيري، مصحوبة باللاعقلانية، مثل نظريات المؤامرة من جميع الأنواع والوعي الغريب. وبصفتها مادية تاريخية، كانت لوكسمبورغ على دراية بظواهر مثل "الخوف العظيم" التي رافقت الثورة الفرنسية في بداياتها (قارن: Solty, Ingar, Schäfer Velten 2020). لكنها تساءلت: من الأكثر عرضة للخطأ في الممارسة، النخبة الحزبية أم الجماهير؟ وكانت موضوعة لوكسمبورغ: ليس من النادر أن تكون قيادة الحزب!

قبل الحرب العالمية الأولى بعام واحد، وبالتالي قبل الفشل التاريخي الأكبر لقيادة الحزب الديمقراطي الاجتماعي، كتبت روزا لوكسمبورغ في حزيران 1913: "حتى في ثورة 1848، وحتى أيضا في كومونة باريس ارتكبت أخطاء وحماقات، ألا يرتكب قادتنا، في كثير من الأحيان ما يكفي من الحماقات؟ لا يوفر انتشار الديموقراطية الاجتماعية سوى ضمان ضئيل للأخطاء السياسية والتاريخية بقدر ما يضمن نجاح وانتصار قضية العمال في كل مرحلة من مراحل النضال. يجب علينا أن نتعلم مجددا من التاريخ كل يوم، تماماً كما كان يجب دوما على جميع الفئات الصاعدة والمناضلة" Luxemburg, Rosa1913b:252)). 

الثورة لا تصنع من قبل مجموعة صغيرة من الأشخاص يعتمدون سياسة صحيحة، والسياسة الثورية لا تقوم على حفنة من النشطاء السياسيين المستنيرين، الذين يعكسون بلغة صحيحة وعيا صحيحا، بل الثورة التي تلقي بالجماهير كما هي، تشوهها الرأسمالية، وتضللها الآراء البرجوازية وتطبعها أحيانا آراء عنصرية أو متحيزة جنسيا، في العمل السياسي هي بطبيعة الحال مشروع جامح. كتبت روزا لوكسمبورغ: "لا يجب على المرء أن يقود الجماهير العمالية إلى صراع سياسي كبير من المفترض أن يصنع جزءا من التاريخ، مثل مروض حيوانات يستعرض وحوشا برية، خلف قضبان حديدية، وفي يديه المسدسات والقضبان الواقية. إن عنف الجماهير غير المنظمة أقل خطورة بكثير بالنسبة لنا في النضالات الكبرى من عدم ثبات القادة" (المصدر السابق: 255 والصفحات التالية).

تاريخيا، ينبغي ان تكون روزا لوكسمبورغ وبصيرتها تاريخيا على حق. في عام 1907، في مؤتمر شتوتغارت للأممية الثانية، أقسمت الأحزاب الاشتراكية الأوروبية على منع الحرب العالمية، التي كانت متوقعة منذ أزمة بولانغر عام 1888 (جنرال فرنسي من أنصار الملكية- المترجم) عند اندلاعها، بواسطة الإضرابات الجماهيرية. حينها كتب لوكسمبورغ، لينين، ومارتوف سوية: "في حال التهديد باندلاع حرب ما، فإن الطبقات العاملة وممثليها البرلمانيين في البلدان المشاركة ملزمون، بدعم الأنشطة الشاملة للمكتب الأممي، ببذل كل ما في وسعهم لمنع اندلاع الحرب باستخدام الوسائل التي تبدو أكثر فعالية. والتي تتغير بشكل طبيعي مع تفاقم الوضع السياسي العام". وتابعوا مستندين الى الديالكتيك العام للحرب والثورة، وواضعين تجربة كومونة باريس 1871 نصب أعينهم: "في حال اندلاع الحرب، فمن واجب العمل على انهائها بسرعة، والسعي بكل قوتنا لاستغلال الأزمة الاقتصادية والسياسية التي أحدثتها الحرب لتحفيز الشعب وبالتالي تسريع عملية إزاحة حكم الطبقة الرأسمالية" (مقتبس في: Grunenberg, Antonia (1970:18. بعد سبع سنوات، صوت زعماء الديمقراطيين الاجتماعيين بالإجماع تقريباً (باستثناء كارل ليبخنت - المترجم) لصالح قروض الحرب، ما مكن عمال ألمانيا وفرنسا من ذبح بعضهم البعض مليون مرة. لقد كانت الأحزاب والقيادات الحزبية هي التي سمحت بالحرب ودعمتها مع النقابات العمالية من خلال "سياسة قلعة السلام". وكانت الجماهير المنهكة من الحرب هي التي أنهت الحرب بثورات الجوع في عام 1916، وإضراباتهم في شركات صناعة الأسلحة في عام 1917 وانتفاضة البحارة والجنود في فيلهلمسهافن و كيل في تشرين الثاني 1918. وبالتالي قامت "ثورة نوفمبر" الألمانية. وفي الوقت نفسه، كانت قيادات الحزب هي التي شكلت حكومة انتقالية برئاسة زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي فريدريش إيبرت، ولم تقُد الثورة التي انتظروها عقوداً، والمدعومة من الجماهير، بل تآمروا ضدها عبر اتفاق إيبرت - غرونر مع العسكريين وكذلك مع الرأسمال، ثم أغرقوها بالدماء خلال الإضرابات العامة في كانون الثاني - اذار 1919، مستخدمين مرتزقة الفيلق الحر اليميني المتطرف (Jörn Schütrumpf, Ingar Solty and Uwe Sonnenberg 2018). 

وعلى عكس النخب في الدولة والمجتمع وأيضاً في حزبها، وضعت لوكسمبورغ، بصفتها ديمقراطية ومساواتية بالمعنى الأكثر تأكيدا، ثقتها في الناس العاديين: "في الرجال والنساء العاملين"، كتبت كريستل نيوسوس: "المظلومون، المستغلون في جميع أنحاء العالم، علقت آمالها على عامة الناس كما هم وكيف يوحدوا قواهم ويدافعوا عن أنفسهم. لكن نوادي الرجال، والمؤسسات، والجهاز الحزبي، والبرلمانات، وخزانة وإحصائي الديمقراطيين الاجتماعيين، وقوانين التشريعات، والأنظمة الداخلية للنقابات، كل هذه الأمور لم تكن بالنسبة لها مريحة" (Neusüß, Christel (1985).

تميزت روزا لوكسمبورغ، التي لم تكن إنسانيتها غريبة عما هو بشري، بالتسامح الحيوي غير المحدد أيديولوجيا، وربما تنصح اليسار اليوم بالتدخل بثقة في حركات جماهيرية غير محددة سياسياً (في البداية) مثل "شتاء السلام" أو حتى "احتجاجات النظافة" لدفعها إلى توجهات اشتراكية. كتبت: "ليس هناك أكثر طبيعية مما يحدث في أوقات الثورة، الاثارة والمشاعر السياسية التي تعبر عن نفسها بأعلى الاشكال. ربما لا تكون الرؤوس المحمرة حماسا هي الأكثر انتاجا للتربية السياسية للشعب، لكنها أكثر انتاجا من رفيق الحزب المخضرم، ذي الجفون نصف المغلقة في مساء المحاسبة، وهو ينام بسعادة على التقرير الإنجازي لسكرتير منظمته الحزبية (Luxemburg, Rosa 1918b). تتمثل مهمة الحزب الثوري في النضال من أجل الاشتراكية في "توجيه إرادة الجماهير التي تقتحم السماء إلى المسارات [الصحيحة]" (المرجع نفسه)، و"نحن نحاول"، كما كتبت لوكسمبورغ، أن نعطي الجماهير "تفهما واضحا لوضعها ولأهدافها، ولكن نترك لهم كل حماسهم واندفاعهم واقتحامهم من أجل المهام الشاقة التي ينبغي عليهم انجازها. نحن نؤكدها بالعبارة القائلة بأن الأشياء العظيمة لا يمكن تحقيقها إلا بحماس (المرجع السابق 427 والصفحات اللاحقة)

6 - لوكسمبورغ والطريق إلى الديمقراطية الاشتراكية

في نهاية المطاف، كانت لوكسمبورغ تثق بالجماهير أكثر من الجهاز الحزبي. في مواجهة ازدواجية الدولانية في الحركة العمالية - ضد كاوتسكية الديمقراطية الاجتماعية وضد اتجاهات في البلشفية أيضًا، اعتمدت لوكسمبورغ على التنشيط بدلاً من السلبية، على حكم الذات بدلاً من حكم الغرباء أو تفويض الإرادة السياسية للبرلمانيين المنتخبين. لقد اتخذت هذا الموقف لأنها، كما قلنا، حافظت على موقف أساسي ديمقراطي شامل وأرادت استبدال حكم النخبة البرجوازية الليبرالية بمجتمع ديمقراطي من الاقتصاد إلى أصغر جزئيات المجتمع، وهو أمر لن يكون ممكناً إلا بطرق ثورية. إن قناعتها الأساسية بالديمقراطية كانت أكثر من مجرد حب للناس والثقة بالجماهير؛ بالنسبة لروزا لوكسمبورغ، كان هذا الموقف شرطا أساسيا لنجاح الثورة الاشتراكية نفسها: أولاً، أدركت لوكسمبورغ أن الثورة، كما ذكرنا سابقا، لن تكون ممكنة بدون عمل جماهيري منظم. ثانياً، كانت مقتنعة بأن العمل الجماهيري ضروري حتى نتمكن أصلا من تشكيل مجتمع اشتراكي. وكانت لوكسمبورغ على يقين من أن الثورة ستخلق الانسان الاشتراكي: الواثق من نفسه، التضامني والنموذجي أيضا، مسكون بحلم، بالجماعية التي تنظم الحياة الجيدة للجميع. اعتمدت روزا لوكسمبورغ فكرة ماركس بأن الثورة تخلق ثواراً. ان كل من مارس يوما عملا نقابيا او سياسيا، يعلم ان هذه الممارسة غيرت انسان: الناس الذين كانوا من قبل متخوفين يتعلمون التحدث في الأماكن العامة، ويتعلمون تحويل أفكارهم إلى نصوص، والأهم من ذلك يعرفون، في وقت قصير جدا، قدرا لا يصدق عن أنفسهم والمجتمع الذي يعيشون فيه. عندما يرتبطون أكثر بزملائهم ويضربون سوية من أجل مصالحهم، عندما تهاجمهم او تعبر عن مساندتهم فجأة الصحف والمثقفون، الذين لم يعرفوا أسماءهم من قبل، عندما تكون الدولة في شكل شرطة أو هيئة تشريعية عنيدة، وهي التي يجب ان تمثل مصالح الناس، تدخل حياتهم بشكل ملموس وتتجاهل وتكافح مصالحهم المبررة، عندما تقوم المجموعات الاجتماعية، التي لم يعرفوا وجودها من قبل أو يرتبطون بها، بدعمهم أو مواجهتهم، عندما يكون أناس لم يدركوا أي أوجه شبه سابقة معهم، وبدون أن تكون لهم منفعة مباشرة، يقفون إلى جانبهم ويناضلون معهم، عندها يتعلمون في غضون أسابيع قليلة، أكثر من طلاب العلوم السياسية أو علم الاجتماع أو الاقتصاد في سنوات وعقود من المعرفة حول واقع المجتمع. في الوقت نفسه، يتعلم هؤلاء الناس أيضاً اية قوة تكمن في العمل الجماعي: "بمفردك يمكنهم أن يجعلوك واحدا"، لكن لا أحد يوقف جماهير ناقدة، "كل العجلات تقف ساكنة عندما تريد ذلك ذراعك القوية". النقابية الأمريكية موذر جونز حاججت ذات مرة، أنه يجب على العمال "الإضراب كل عامين على الأقل حتى يتمكنوا من معرفة قوتهم".

اعتمدت روزا لوكسمبورغ على الفعل الطبقي الواعي، الذي يخلق الوعي باعتباره الفاعل الذي يصنع الثورة، وكذلك الفاعل الذي ينجز الاشتراكية كوعاء لحياة ديمقراطية: كتبت: "يجب على عامل الاقتصاد الاشتراكي أن يُظهر أنه قادر على العمل بنشاط وانتظام، والحفاظ على الانضباط وبذل قصارى جهده، حتى بدون سوط الجوع، ودون أن يقف الرأسمالي ومراقبه خلف ظهره. وهذا يشمل الانضباط الذاتي الداخلي، والنضج الروحي، والجدية الأخلاقية، والشعور بالكرامة والمسؤولية، والانبعاث الداخلي الكامل للبروليتاري. بواسطة أناس كسالى، متهورين، أنانيين، طائشين وغير مبالين، لا يمكن تحقيق الاشتراكية. يحتاج المجتمع الاشتراكي إلى أناس، كل في موقعه مليء بالحماسة والرغبة من أجل الصالح العام، مليء بالتضحية والتعاطف مع من حوله، مليء بالشجاعة والمثابرة على مواجهة الأصعب، لكننا لا نحتاج الانتظار قروناً أو عقوداً حتى يكبر هذا الجيل. الآن، وفي النضال، في الثورة، تتعلم الجماهير البروليتارية المثالية الضرورية، وتكتسب النضج الفكري في وقت مبكر. من خلال كسب مناضلين كفوئين للثورة اليوم، نخلق عمالا اشتراكيين مستقبليين بالكيفية التي يكونون فيها أساسا لنظام جديد". (Luxemburg, Rosa 1918c) .

وكان هناك، سبب ثالث حاسم للغاية جعل روزا لوكسمبورغ ترى أن العمل الجماهيري محوري جدا للاشتراكية. بالنسبة لها، كان تجاوز التضاد بين القيادة والقاعدة، بين النخبة والجماهير، شرطاً أساسياً ليس لنجاح الثورة الاشتراكية، بل لتمتلك مستقبلا كمجتمع اشتراكي. آمنت لوكسمبورغ بحكم الجماهير لنفسها، وبقدرتها على توجيه نفسها ومصيرها، ليس فقط لأن الناس، من حيث المبدأ، يجب أن يحكموا أنفسهم، بل أيضاً لأن استمرار وتعميق تطور المجتمع واستمرار الاشتراكية يعتمد على ذلك. بالنسبة لها، كان العمل والإضراب الجماهيري شرطا أساسيا لتحقيق هدف لينين المتمثل في أن "الطباخة" يمكنها فعلاً إدارة الدولة. كتبت روزا لوكسمبورغ في نقدها لأداء لينين في ثورة أكتوبر "إن السلبي، عمليات الهدم يمكن فرضها بالمراسيم لكن البناء، وما هو الإيجابي فلا يمكن فرضه. ارض بكر، آلاف المشاكل. التجربة فقط قادرة على تصحيح وفتح طرق جديدة. الحياة غير المقيدة والتي تفور في آلاف الأشكال والمبادرات الجديدة، يمكنها فقط أن تخرج إلى النور قوة جديدة خلاقة تصحح بنفسها كل المحاولات الخاطئة".

"إن الحياة العامة في البلدان ذات الحرية المحدودة هي مصابة بالفقر، بائسة، جامدة، مجدبة، لان استبعاد الديمقراطية فيها يقطع المصادر الحية لكل الغنى والتقدم الروحي. كما هو الحال هناك سياسيا، وكذلك أيضا اقتصاديا واجتماعيا. يجب أن يشارك فيها كل الشعب. وإلا فإن الاشتراكية سيجري فرضها من وراء المكاتب الخضراء لدزينة من المثقفين" (Luxemburg, Rosa 1918a).

بالنسبة إلى لوكسمبورغ، كانت الاشتراكية مماثلة لإضفاء الطابع الديمقراطي على جميع مجالات الحياة: "إنها المهمة التاريخية للبروليتاريا، عندما يتم الاستيلاء على السلطة، بناء ديمقراطية اشتراكية بدلاً من الديمقراطية البرجوازية، وليس إلغاء كل ديمقراطية. إن الديمقراطية الاشتراكية لا تبدأ فقط في الأرض الموعودة عندما يتم بناء أساس الاقتصاد الاشتراكي. انها تبدأ عندما يستولي الحزب الاشتراكي على السلطة. وهي ليست سوى دكتاتورية البروليتاريا" (المرجع السابق: 363).

بالتأكيد من المسلم به أن هذه الديكتاتورية، التي وصفتها لوكسمبورغ بأنها "آخر هدف ضروري تاريخياً" (Luxemburg, Rosa 1906b:153)، ظلت بدءاً من ماركس صيغة فارغة. تماماً كما كانت روزا لوكسمبورغ تدرك أن البرجوازية لن تتخلى أبداً عن حكمها عن طريق الانتخابات وتحقيق أغلبية برلمانية اشتراكية، ولكنها ستجد في الحكم الاستبدادي، في الفاشية، مهربا لها للحفاظ على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج باعتبارها الدعامة المركزية لسلطتها، كان واضحا أيضاً أن الثورة لا يمكنها اختيار الظروف التي تندلع في ظلها والتي تكون في العادة غير مواتية، بل ان الثورة المضادة للبرجوازية تساهم أيضاً بشكل كبير في تشويه وجه الثورة و"دكتاتورية البروليتاريا"، أي أن الأغلبية العظمى للشغيلة على الأقلية البرجوازية، يمكن أن تتحول إلى ديكتاتورية حقيقية. وحتى الصورة التي يرسمها العديد من أتباع لوكسمبورغ وما يسمى بـ "طريق لوكسمبورغ-غرامشي" (طريق ثالث) بعيدا عن لينين باعتباره ثورياً طليعياً استبدادياً لا تتوافق مع شخص لينين الحقيقي. وبينما انتقدت لوكسمبورغ لينين لحل مجلس الدوما، وضع آماله أخيرا في نظام المجلس باعتباره الشكل الأكثر ديمقراطية للنظام السياسي مع مشاركة جماهيرية مباشرة أكثر فأكثر. (قارن:  Solty, Ingar 2020a).

يرتبط تطور ثورة أكتوبر بالمسألة التاريخية الحقيقية للثورة، والتي هي في النهاية جدلية: تعتمد درجة العنف الثوري على درجة العنف المضاد للثورة التي تستخدمها الطبقة الحاكمة من أجل الحفاظ على النظام الاقتصادي التقليدي ونظام الملكية الذي لم تعد تريده الجماهير، والذي يخدم القلة فقط على حساب الكثيرين. بالنسبة إلى لوكسمبورغ، كان العنف الثوري "الملاذ الأخير أيضا للطبقة العاملة"، وكان لا غنى عنه "كوسيلة دفاعية" للمنجزات البرلمانية في الصراع الطبقي و"وسيلة لا يمكن تعويضها للهجوم حيث كان الميدان القانوني للصراع الطبقي لم يتم الاستيلاء عليه بعد" (Luxemburg, Rosa 1902).

على أية حال، فإن ديالكتيك الثورة يظل مشكلة لم تحل. ولم تكن روزا لوكسمبورغ تفكر بشكل مختلف، فهي رغم انتقاداتها رحبت بثورة أكتوبر بسعادة ورافقتها بتضامن. ومثلما ربط بعض اليساريين اليوم فشل اليونان بين كانون الثاني وتموز 2015 بالعوامل الخارجية، وبالتحديد بضعف تضامن واستعداد اليسار في الدول الرأسمالية الأساسية مع اليسار اليوناني الحاكم، فإن لوكسمبورغ حمّلت أيضا ضعف الدعم من الحركة العمالية في الغرب، مسؤولية مشتركة عن مشاكل ثوار أكتوبر (Luxemburg, Rosa (1918a:364. 

لم تكن لوكسمبورغ تعلم نظريا فقط أن الثورة ستنتج ثورة مضادة، لا تتراجع عن ممارسة القتل الجماعي. لقد دفعت حياتها ثمنا للثورة التي عملت من اجلها طيلة حياتها. لقد واجهت روزا لوكسمبورغ حملة عدوانية من قبل اعداء الثورة، أصبحوا لاحقا من كبار النازيين، الذين تم تمويلهم من "صندوق معادة البلشفية لرجال الأعمال الألمان"، ومن البنك الألماني (لا يزال حتى الان من اكبر مؤسسات القطاع الخاص المالية في أوروبا - المترجم)، شركة سيمنز، اتحاد الرايخ للصناعات الألمانية وغيرهما. وقبيل موتها المؤكد كتبت من مخبأها السري مقالتها الأخيرة "النظام يسود في برلين"، والذي نشر قبل يوم واحد من تصفيتها في جريدة الحزب الشيوعي في ألمانيا "روتن فانه" (الراية الحمراء)، والتي انهتها بـ"النظام يسود في برلين! ايها الذيول المملون ان "نظامكم" مبني على الرمال. ان الثورة ستصل غدا بسرعة الى ذروتها، ولرعبكم ستعزف الابواق [...] كنت وما زلت وسأكون".

المراجع:

Ackermann, Anton (2005): Der deutsche Weg zum Sozialismus, Das Neue Berlin, Berlin.

Basso, Lelio (1969): Rosa Luxemburgs Dialektik der Revolution, Europäische Verlagsanstalt, Frankfurt/M.

Dath, Dietmar (2010): Rosa Luxemburg: Leben Werk Wirkung, Suhrkamp, Berlin.

Deppe, Frank u.a., Der neue Imperialismus, Distel, Heilbronn 2004.

Deppe, Frank, Salomon, David, Solty, Ingar, Imperialismus, Papy Rossa, Köln 2011.

Frölich, Paul (1973): Rosa Luxemburg – Gedanke und Tat, 4.A., Europäische Verlagsanstalt, Frankfurt/M.

Gietinger, Klaus (2018): Eine Leiche im Landwehrkanal, 2.A., Nautilius, Berlin 2018

Grunenberg, Antonia (1970): Die Massenstreikdebatte: Beiträge von Parvus, Rosa Luxemburg, Karl Kautsky und Anton Pannekoek, Europäische Verlagsanstalt, Frankfurt/M. 1970.

Haffner, Sebastian (2008): Die deutsche Revolution 1918/19, Anaconda, Köln

Haug, Frigga (2007): Rosa Luxemburg und die Kunst der Politik, Argument, Hamburg.

Hobsbawm, Eric (1996): The Age of Revolution, 1789-1848, Vintage, New York.

Jones, Mark (2017): Am Anfang war Gewalt: Die deutsche Revolution 1918/19 und der Beginn der Weimarer Republik, Propyläen, Berlin.

Knobloch, Heinz (1997): Meine liebste Mathilde: Die beste Freundin der Rosa Luxemburg, Fischer, Frankfurt/M.

Luxemburg, Rosa (1899): „Sozialreform oder Revolution?“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd. 1/1, Dietz, Berlin 1982, 369-445.

Luxemburg, Rosa (1902): „Und zum dritten Male das belgische Experiment“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd. 1/2, Dietz, Berlin 1983, 229-248.

Luxemburg, Rosa (1906a): „Die russische Revolution“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.2, Dietz, Berlin 1986, 5-10.

Luxemburg, Rosa (1906b): Massenstreik, Partei und Gewerkschaften“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.2, Dietz, Berlin 1986, 91-170.

Luxemburg, Rosa (1909): „Der 1. Mai und der Klassenkampf“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd. 7/1, Dietz, Berlin 2017, 572-575.

Luxemburg, Rosa (1910a): „Zeit der Aussaat“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.2, Dietz, Berlin 1986, 300-304.

Luxemburg, Rosa (1910b): „Ermattung oder Kampf?“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.2, Dietz, Berlin 1986, 344-377.

Luxemburg, Rosa (1913a): Die Akkumulation des Kapitals: Ein Beitrag zur ökonomischen Erklärung des Imperialismus, identisch mit dies., Gesammelte Werke, Bd.5, Dietz, Berlin 1985.

Luxemburg, Rosa (1913b): „Taktische Fragen“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.3, Dietz, Berlin 1984, 246-258.

Luxemburg, Rosa (1913c): „Der politische Massenstreik“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.3, 259-266.

Luxemburg, Rosa (1914a): „Ein Schritt vorwärts“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.3, Dietz, Berlin 1984, 467-470.

Luxemburg, Rosa (1914b): „Die verkehrteste Taktik“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.3, Dietz, Berlin 1984, 473-475

Luxemburg, Rosa (1914c): „Der Friede, der Dreibund und wir“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.3, Dietz, Berlin 1984, 476-479.

Luxemburg, Rosa (1917): „Russische Probleme“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.4, Dietz, Berlin 1990, 255-257.

Luxemburg, Rosa (1918a): „Zur russischen Revolution“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.4, 5.A., Dietz, Berlin 1990, 332-365.

Luxemburg, Rosa (1918b): „Die ‚unreife‘ Masse“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.4, Dietz, Berlin 1990, 427-430.

Luxemburg, Rosa (1918c): „Die Sozialisierung der Gesellschaft“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.4, 5.A., Dietz, Berlin 1990, 431-434.

Luxemburg, Rosa (1918d): „Die Wahlen zur Nationalversammlung“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.4, Dietz, Berlin 1990, 472-474.

Luxemburg, Rosa (1919a): „Der erste Parteitag“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.4, 5.A., Dietz, Berlin 1990, 512-515.

Luxemburg, Rosa (1919b): „Die Ordnung herrscht in Berlin“, in: dies., Gesammelte Werke, Bd.4, 5.A., Dietz, Berlin 1990, 531-536.

Neusüß, Christel (1985): Die Kopfgeburten der Arbeiterbewegung oder Die Genossin Luxemburg bringt alles durcheinander, Rasch und Röhring, Hamburg/Zürich.

Panitch, Leo, Gindin, Sam (2012): The Making of Global Capitalism: The Political Economy of the American Empire, Verso, London/New York.

Pozzoli, Claudio (1974): Rosa Luxemburg oder Die Bestimmung des Sozialismus, Suhrkamp, Frankfurt/M.

Radek, Karl (1921): „Rosa Luxemburg – Karl Liebknecht – Leo Jogiches“, in: Winkel, Udo, Hg. (1979): Karl Radek: Drei Aufsätze, Beiträge zur Geschichte des Sozialismus und der sozialen Bewegunge in Süddeutschland (Eigenverlag), Stuttgart 1979, 45-88.

Jörn Schütrumpf, Ingar Solty and Uwe Sonnenberg, „Wer weitergeht, wird erschossen! Warum die soziale Revolution 1918/19 scheiterte“, in Luxemburg: Gesellschaftsanalyse und linke Praxis, 10:3 (Winter 2018), pp.8-15

Solty, Ingar (2018): „Fünfzehn Tage, die die Welt erschütterten“, in: Luxemburg: Gesellschaftsanalyse und linke Praxis, 10. Jg. (2018), Nr. 3, 148-157.

Solty, Ingar (2020a): #Lenin150: Theoretiker und Praktiker der Revolution, Online-Publikation, Rosa-Luxemburg-Stiftung, Link: www.rosalux.de/fileadmin/rls_uploads/pdfs/sonst_publikationen/4-20_Onl-Publ_Lenin150.pdf (letzter Zugriff: 26.2.2021)

Solty, Ingar (2020b): „Kein Marxismus ohne Friedrich Engels“, in: Z. Zeitschrift Marxistische Erneuerung,

Solty, Ingar (2020c): „Kreativ aus Angst: Zum 100. Todestag von Max Weber“, in: junge Welt, 13.6.2020, 12-13.

Solty, Ingar (2021): „Brauchen wir eine vierte Welle der Imperialismustheorie?“, in: Thomas Sablowski u.a., Hg., Auf den Schultern von Karl Marx, Westfälisches Dampfboot Verlag, Münster 2021, ####.

Solty, Ingar, Schäfer Velten (2020): „Das verwilderte Denken“, in: D.F. Bertz, Hg. (2020): Die Welt nach Corona, Bertz + Fischer, Berlin, 314-324.

Thompson, E.P. (1966): The Making of the English Working Class, Vintage, New York.

Vester, Michael (1972): Die Entstehung des Proletariats als Lernprozeß, Europäische Verlagsanstalt, Frankfurt/M.

Walter, Franz (2009): Die SPD: Biographie einer Partei, Rowohlt, Reinbek bei Hamburg.

Winkel, Udo, Hg., Karl Radek: Drei Aufsätze – Rosa Luxemburg, Karl Liebknecht, Leo Jogiches, Beiträge zur Geschichte des Sozialismus und der sozialen Bewegunge in Süddeutschland (Eigenverlag), Stuttgart 1979.

* الترجمة لنص مختصر من بحثه المنشور في موقع مؤسسة روزا لوكسمبورغ، في أوائل اذار 2021 ، في اطار الاحتفال بالذكرى الـ 150 لميلاد روزا لوكسمبورغ. خصّ به الباحث (انغار سولتي) مجلة (الثقافة الجديدة). نشرت في عدد المجلة المزدوج 422 – 423 /2021

عرض مقالات: