اختلف الانسحاب المفاجئ عن كافة التوقعات حول دور هذا  التيار صاحب الرصيد الانتخابي الكبير. بل وخالف حتى تصريحات قائده  التي اطلقها بالامس القريب، حيث كانت تؤكد على ان التيار سوف يخوض الانتخابات وسيحصل على مئة مقعد وليس هذا فحسب، انما بشّر بمجيء رئيس وزراء " صدري " ان هذا ما استدعى طرح تساءلات باحثة عن اجابات سياسية منتظرة. وقبلها لابد من قراءة معطيات هذا الانسحاب حسب رأينا المتواضع، انه قد اضاف دون شك الى القوى الممتنعة عن  المشاركة، والمطالبة بانتخابات نزيهة وعادلة، وزناً لدعم توفير شروطها القانونية اللازمة. ولكن ليس مفهوماً ان يمر ذكر الاسباب بعناوين عامة دون النزول بعمق يحاكي دوافع هذا الموقف. وهي عديدة وصاخبة، كونها تصب في مجرى التجاوزات على الديمقراطية وحقوق المواطنين في الاختيار، والخشية من مجريات ابتلاع الدولة، القائم على قدم وساق.

ان الاكتفاء بمجرد الاشارة الى { ثمة فساد وتدمير للعراق } فحسب. سيكون ارجح تفسير له. بانه نوع من التحفظ غير المقنع، بل والمجاملة في اقل تقدير، اذ ان المواطنين لم يتعودوا عليها من التيار الصدري ذات النمط المباشر. الامر الذي سيضعف الوزن السياسي واثره على هذه الخطوة التي قلبت الطاولة في المخاض الانتخابي.. واذا ما استمرت يكتنفها الغموض.. تلبدة بعدم الافصاح عن من هم شيوخ الفاسدين والمدمرين للعراق، الذين لم يبق أحد يجهلهم. و عندما لن يُذكرون بالاسم والمسمى، دون ريب سيكون له ايقاع وتأثير لن يسهم في خلق قناعة لدى اوساط واسعة، التي ما زالت تعتبر الفاسدين زعماء لها، وتذهب صاغرة لانتخابهم من جديد. وقد تكرر ذلك مرة تلو الاخرى في اكثر من عملية انتخابية. وربما يفسر هذا المرور بعناوينه عامة، على انه من قبيل ابقاء الركن الرابع من مربع المعركة غير مقفل لاحتمال التراجع عن طريقه. وفقاً لقواعد الاشتباك.

ان ما اشرنا اليه هو الذي دفع الاوساط التي اغضبها الانسحاب، الى التداعي ولملمة بعضها للضغط على الصدريين للتراجع، وكان من المفترض ان تُقطع الطريق على محاولات هذه الاوساط، وذلك بطرح الشروط المطلوبة العادلة للمشاركة في الانتخابات. على غرار ما قامت به القوى المدنية والتشرينية عندما سوقت قرارها بمقاطعة الانتخابات.. وفي خضم هذا  الصراع حول اجراء الانتخابات او عدمه، تبرز الشروط العادلة والقانونية، خير متصد لمواجهة الضغوط . وهي لاشك انها ستشكل عملية دفاعية عن العدالة، والمطالبة بالتقيّد بقانون الانتخابات بصرف النظر عن علله الكامنة، والزام مفوضية الانتخابات باداء واجباتها بكل امانة وحرص. وذلك بصيانتها من الخرقات المنفلتة، التي توالت عليه من كل حدب وصوب. كما نراها اليوم للاسف غارقة في حالة غض الطرف عن هذه التجاوزات التي كانت قد انتجت الازمة القائمة.

كما يجدر التاًكيد على صواب الرأي الداعي الى ضرورة تكاتف القوى الممتنعة عن المشاركة في العملية الانتخابية، التي يجري تمشيتها بلا  قدم. وليكن   الشعار { ستتم المشاركة  اذا ما توفرت  الشروط القانونية المشروعة تحت خيمة قانون انتخابي عادل، ومفوضية مستقلة هيئة وهيكلاً. بعيدة عن المحاصصة، وتوفير ظرف امن  يضمن حق المواطن بأداء انتخابي رحب الاختيار، ومصان من شرور المزورين، وتاثيرالمال الفاسد، والسلاح المنفلت، ومحاسبة قتلة المتظاهرين واغتيال النشطاء.}    

عرض مقالات: