إذا جارينا "فوكوياما" الكاتب الاكثر مبيعاً، ومؤلف "نهاية التاريخ والانسان الاخير"، في كتابه الاخير "اصول النظام السياسي"، وإذا اجتهدنا وتصرفنا في بناءاته.. فان نجاح النظم المعاصرة يتطلب توفير ثلاث مرتكزات رئيسية.. "الدولة المتماسكة".. و"النمو الاقتصادي".. و"التعبئة الاجتماعية".. مرتكزات ستوفر القاعدة الحاملة والمتينة لعمل الشروط الاخرى وهي.. "الديمقراطية" و"سيادة القانون".. و"الشرعية".. و"احترام الحقوق" و"العامل الدولي".. فتتكامل العناصر الـثمانية لتشكل "النظام" بدوافعه وحقوقه المنسابة ذاتياً.
تعد تلك الخارطة الفوكيامية  مصداقا للتجربة السياسية السويدية،  حيث يوعز إعادة منح الثقة البرلمانية لرئيس الوزراء ستيفان لوفين اليوم (بعد ان تم سحبها منه قبل أسبوعين ) بان النظام السياسي السويدي  يسير  كالماكنة الصناعية،  وقوته تكمن في قدرته على التكيف  وإصلاح ذاته، فضلا عن  أن تركيبته  تقوض  حظوظ التيارات المتطرفة، وتشجع على الاعتدال،  لاسيما عبر اناطة المهمة برئيس البرلمان لتولي مهام التكليف وليس رئيس الدولة كما هو سائد في الأغلبية الساحقة للنظم البرلمانية، والفوز بنيل الثقة يعد ممكنا حتى ضمن الاغلبية السلبية،  وهي تجربة فريدة، هدفها المضي دون تعطيل الحياة السياسية بالجمود المتمثل بالأغلبية المطلقة، وقد أفضت هذه الخصائص على معالجة أزمة غير مسبوقة بتاريخ النظام السياسي السويدي وهي إسقاط الحكومة واعادة تشكيلها في غضون اسبوعين تقريبا.
يمكن اعتبار  فوز لوفين استفتاءً شعبيا وبرلمانيا أكثر من كونه تحركا حزبويا قضى ببقاء التوجه  المعتدل،  وضربة أو موت للأحزاب الشعبوية قبل ولادتها الحقيقية في السويد  .
ويمكن عد ذلك الفوز النصر الثاني للتيار الليبرالي في العالم الغربي بعد فوز بايدن.
من المؤمل أن يعود لوفين بقوة وثقة أكبر معززا بشرعية برلمانية معتبرة،  لمتابعة برنامجه الحكومي، واحراج المعارضة،  وبذلك سيكون رئيس الوزراء ذو المدة الأطول بتاريخ السويد بإكمال ثلاثة ولايات متعاقبة

عرض مقالات: