انطلقت في يوم 25 ايار الحالي قوى التغييرالمدنية الديمقراطية عموماً والتشرينية على وجه التعيّن. عائدة الى ساحاتها التي سجلت فيها اروع صفحة نضالية ضد العسف والفقر والفساد والتبعية المذلة.. وقدمت مستوى من التضحيات ما لم تقدمه سابقاتها من شهداء وجرحى. راسمة اعجازاً في البطولة والتضحية وهي اليوم تجدد الاستمرار على ذات الزخم الثوري الذي قل نظيره في ايامنا الراهنة، ولابد من الاشارة بان هذا المجد الكفاحي ليس ابن ساعته انما هو نسل من التراث النضالي الذي اجترحته القوى الديمقراطية المدنية {اباء واجداد الشباب التشريني.} وعبر تاريخهم المشرف لمقارعة الانظمة الدكتاتورية.
لعبت جملة من العوامل القاهرة وفي مقدمتها مرض " كورونا " في الحد من تواصل انتفاضة تشرين 2019 التي لو استمرت بعنفوانها الذي انطلقت به لكان قد حققت التغيير المطلوب. لان الثمن الذي قدم كان له " حوبة " كما يقال. وبما ان الاسباب التي فجرت الانتفاضة مازالت قائمة فهي باقية ايضاً. وان انطلاقها مجدداً يعني الاستمرار لحين تحقيق اهدافها، او وقت حصول ازالة اسبابها. اليوم يتجدد ايصال رسالة الغلابة الذين يقبعون تحت وطأة ذات السباب، الى كل من ساهم وما زال مصراً على الاستمرار بممارسة الظلم وعنتريات السلاح المعد سلفاً لحماية الفساد، بان سير الزمن ليس بصالحهم وعليهم الاتعاظ بمصير من سبقهم.
ان اعادة المشهد. المأساوي باستخدام الرصاص الحي المباشر وسقوط شهداء جدد وكأن شيئاً لم يكن. فاذا كان الجزار "عبد المهدي" يتعذر بوجود " طرف ثالث " مبرراً تماهيه مع القمع، فان السيد الكاظمي لم يخرج عن ذات المنهج التعسفي والمخادع فيدعي ايضاً " انه ولي الدم " ولكنه لا يقدم على محاسبة القتلة وثم يزيد على ذلك فيؤكد في وقت اخر بانه يعرف القتلة ومن وراءهم، ويحاول اعادة معزوفته المشروخة، عندما تحصل اية جريمة بحق المنتفضين يوجه بفتح تحقيق او تشكيل لجان، التي اصبحت مسخرة تتندر بها الناس، وكأنه يريد القول بان هذه هي قدرته. بحدود كشف القتلة ويترك المحاسبة للتاريخ.. وبذلك يرسم لشخصه صورة " خيال مآتة " ليس الا. دون ان يعلم او انه يعلم ويريد ان يوحي بان الحكم ليس بيده انما هنالك رئيس وزراء للدولة العميقة هو الذي صاحب القرار. اذن ذلك افضل مبرر للاستقالة وتبرئة الذمة من دم الشهداء..ان تفجر الانتفاضة من جديد يضع الطغمة الحاكمة وفي مقدمتها رئيس الوزراء في امتحان عسير بـ " درس الوطنية "، وعلى الهواء.
لقد اسقطت المواجهات الدموية مع المنتفضين في ساحة التحرير يوم 25 ايار الحالي، وبذات الاساليب القاتلة السابقة "ورقة التوت " التي تستر بها الذي يدعي ان مهمته تمهيداً لانتخابات مبكرة وامنة. ولكنه من خلال قتل المنتفضين وسقوط شهداء جدد يعلن شاء ام ابى بان الطريق نحو الانتخابات مغلق بالسلاح المرخص للقتل .. واذا كان المتظاهر يقتل فماذا سيحصل للمرشح اوللناخب الذاهب الى التغيير؟. بعد هذا بماذا سيدعي او سيخادع رئيس الوزراء الذي تبين انه مفرّغ من السلطات الامنية التي لم تنفذ توجيهاته قطعاً. فهل سيترك ذلك للتاريخ ايضاً، او لدورته الثانية التي يناور لنيلها بسلوكه المهادن هذا ؟؟.. وكما ادعى رئيس سابق له بان دعوة { المرجعية } له بالضرب بيد من حديد على الفاسدين، سينفذها في دورة الثانية اذا ما تم التجديد له بمعنى ورقة لعب محروقة !! .
ويعتبر استمرار الانتفاضة الفرصة الذهبية النادرة، التي تشكل جيش المدفعية السياسي اذا جاز القول المساند لاي حزب او جبهة او قائد نزيه ومناضل ليمكنه من عبور خط الشروع، ومواجهة التحديات التي تعترض طريق مهمته النبيلة لاصلاح ما افسده الفاسدون. وهي اليوم تطرح اهم خلاصاتها كونها رسالة شعب امام الجميع، وهي فرصة الامتحان الاخيرة حتى الى الذين تلكؤوا او ارادوا ان يمشوا بقدم واحدة .