استقبلت الطبقة العاملة العراقية وكافة قوى شعبنا الديمقراطية الاول من ايار عيد العمال العالمي في هذا العام ضمن مناخ سياسي متأزم معتم الافاق، مما يعكس حاله على صورة التعاطي مع هذه المناسبة العالمية، فلا يلمس اي استعداد رسمي ومناسب لاحيائه كعيد يستحق الاحتفال، وبمناسبته يفترض ان يقديم المزيد من رفع للمستوى الحياتي لهذه الطبقة العاملة المعطاء، وياتي هذا التطلع على اساس كون العراق يعيش في "حياة ديمقراطية "، يكفل فيها دستور البلاد كافة الحقوق والحريات لمختلف الفئات الاجتماعية والطبقية العراقية، تتميز فيما بينها الطبقة العاملة، التي تعد هي الاوسع والاكثر عطاءً من غيرها. من حيث انتاج الخيرات المادية باعتبارها تشكل العمود الفقري لقوى الانتاج، كما انها تتحمل الاعباء والمصاعب الاكبرالتي يعاني منها البلد عموماً.
وفي هذا المنحى لابد من الاشارة الى ان اغلب افراد القوات المسلحة والتي يقع على عاتقها توفير الامن والامان للبلد، هم من ابناء هذه الطبقة، هذا المؤشر الذي تضاعف في العهد الجديد بفعل البطالة الواسعة التي دفعت ابناء الفقراء والعمال الى الانخراط في هذا السلك لغرض مواجهة اعباء المعيشة المتردية، ومحاربة الدفاع عن الوطن، كما ان الطبقة العاملة هي التي تمسك بعتلات عجلة الاقتصاد بصورة مباشرة.. واذا ما توقف ايقاعها ستتعطل ليس عجلة الاقتصاد فحسب، وانما دواليب الحياة في مختلف المجالات.
ولابد ان نذكّر الطبقة الحاكمة بان الاصوات التي حصلت عليها وبموجبها ارتقت سدة الحكم، هي في الاعم الاغلب اصوات من الطبقات الكادحة. وعليه يتساءل العمال اليوم عن الذين فازوا باصواتهم ويفترض ان يكونوا منصفين واوفياء معهم، وذلك باعطائهم حقوقهم الدستورية في اقل تقدير، اذا لم يقدموا لهم مكافأت على تحملهم الاعباء الاضافية القاسية من انعدام الخدمات وضعف الامان الذي حصد ابنائهم في تفجيرات مواقف " المسطر " وغيرها وما يخلفه ذلك من اليتم لابنائهم والترمل لزوجاتهم والثكل لامهاتهم وتشتت اسرهم، التي يعد افرادها بالملايين، فلمن المشتكى يا ترى ؟.
لم يبق للعمال اي مرجع لكي يدافع عن حقوقهم سوى اتحادهم النقابي العام التاريخي، وهنا يتجلى امامهم الظلم الطبقي والسياسي القسري، وكذلك جحود الحكام الذين صعدوا على اكتاف العمال، حيث تجلى ذلك بقرار الحكومة القاضي بالغاء الاتحاد العام لنقابات العمال الشرعي والاستحواذ على مقراته ، واعتباره غير شرعي دون اي وجه حق قانوني يذكر، لا لشيء سوى لكونه يتمتع بالاستقلالية عن الاتجاهات السياسية والحزبية ولم يتبع لاحزاب السلطة.
وتتلاحق التساؤلات عن شراسة الضمير الدكتاتوري المتعجرف الذي يملأ صدورالاوساط المتنفذة. ففي الوقت الذي عجزت فيه عن ترميم بيتها الداخلي بسبب نزعة الهيمنة الطاغية للسيطرة على الوزارات الامنية والصراع حولها للاستحواذ على مزيد من النفوذ والمال الحرام، راحت الجهات المتنفذة ذاتها تمد هيمنتها على اتحاد العمال لتضعه تحت ابطها، بغية تحويله الى ذراع ضارب في صراعاتها مع خصومها. ان مواقف الحكومة ازاء اتحاد النقابات لايمكن ان يكون وراءها هدف نبيل. انما تجسد دليلاً قاطعاً على نزعة دكتاتورية مقيتة من شأنها ان تضيف تبريراً للمظاهرات الاحتجاجية وتؤكد عدم ديمقراطية هذه الحكومة المتسلطة، التي باتت تقف على تلة الخلافات الساخنة وفي مهب رياح التغيير.
ان المتنفذين في الحكومة قد عجزوا لحد الان عن تعين او فرض اتحاد لنقابات العمال تابعاً لهم، دون ان يدركوا بان ذلك من شأن الطبقة العاملة العراقية ذات التاريخ النضالي المجيد، الذي يمتد عقوداً من الزمن السياسي العراقي. والذي سجلت خلاله المآثر الوطنية والنضالية الطبقية المشهودة. عبر اضراباتها الباسلة. ابتداً باضراب عمال تصليح السفن في المينا عام 1929 الذي قاده رواد الحركة الشيوعية وكان ابرزهم العامل حسن عياش وبتوجيه الشهيد الخالد يوسف سلمان يوسف " فهد " موسس الحزب الشيوعي العراقي.. وكذلك اضراب عمال السكك عام 1949 الذي كان قادته من العمال الشيوعيون الراحلون. علي شكر، وعباس سميج و زاهد محمد وغيرهم. وقبله اضراب عمال النفط في عام 1946 في " كاوربغي" واضراب عمال السجائر وعمال الزيوت وغيرها التي سجلها التاريخ بحروف من نور.