تضيق يوماً بعد آخر المسافة التي تفصلنا عن موعد اجراء الانتخابات وجرياً مع تقلص الزمن المتبقي من عمر الدورة البرلمانية الحالية التي جاءت على إثر انتخابات 2018 والمطعون بنزاهتها اصلاً، كنتيجة منطقية للتزوير الذي كان فوق العادة، فخرجت " الزبدة المرة "، وكانت خلاصتها الفشل المدمر.
بات اليوم موعد الانتخابات لا يتناسب ما حدد له حالياً مع تسميتها بـ " المبكرة "، للأسف. اذ لم يفصل موعدها في العاشر من اكتوبر القادم عن موعدها الاعتيادي سوى ستة أشهر. ومع ذلك ما زال لم ينفك البعض يلوح بمده الى انتهاء الدورة الحالية.. بمعنى ان قيامها سيتم في الربع الاول من عام 2022 اي سينتفي وصفها بـ " المبكرة "، وإذا ما تمت المحاكات مع معطيات الساحة السياسية نجد الميل يثقل الكفة التي ترجح ان تكون متأخرة أو أن لا تكون قطعاً.
هذه اللوحة السياسية عند التمعن بتقلب صفحاتها سوف لن تجدها تبشر بفهم او بأمل يفضي نحو غد ديمقراطي.. بل تدفع للتكهن بحصول عدة احتمالات مختلفة.. سلفها أسوأ من خلفها. وفي حيثيات هذا المناخ الملبد، يغدو ما يجري من حراك ومساع انتخابية في الساحة السياسية العراقية مقيّداً تحت جنح قوى اللادولة والمحاصصة الآفة التي أكلت الأخضر واليابس.. مع ان الترشيحات للمستقلين وممثلي 33 تحالفاً قد فتحت، وسوف تغلق في مطلع شهرمايو القادم . حسب تصريحات الناطقة باسم مفوضية الانتخابات السيدة " جمانة الغلاي " التي اكدت ان 926 مرشحاً قد سجلوا منهم477 مرشحاً مستقلاً، و416 مرشحاً تابعون للاحزاب يضاف لهم عدد من مرشحي الأقليات ايضاً.
وكان الأمل المرتجى بثوار تشرين ومن تماهى معهم من القوى الديمقراطية أن يبادروا بتشكيل {بلاتفورم} مدني ديمقراطي واسع يستوعب شتات الاوساط الديمقراطية المتناثرة. لاسيما التي كانت وراء حراك الشارع المنتفض منذ عام 2011 . غيران المعطيات لا تبشر بشيء من هذا القبيل.. فماذا نسميه اذن..؟ . خصوصاً وان الساحة فرشت عليها أجنحة القوى المتنفذة المالكة للمال السياسي وللسلاح المطلق العنان في ظل أقسى ظروف اقتصادية واجتماعية وصحية يمر بها البلد.
حيال هذا الواقع المرير فان أي مراقب سياسي صاحب رأي واقعي سوف لن يتولاه الحرج عندما يوصف حالة القوى المدنية بالتخلف عن ركب الحراك الانتخابي، وتبعاً له التحالفي ايضاً. ويمكن وصفه اذا ما انصفنا معه ان نسميه في اقل تقدير. بالهرولة خلف القطار المتسارع. وأن الأمر لا يخفى على صاحب رؤية قادحة {مفتح بلبن العراق} ان يشاهد هذا التشتت غير المسبوق في عالم القوى المدنية الديمقراطية، علماً انها في حالة محاصرة وتعاني من اختناق أصعب من ضيق النفس المميت الذي ياتي عن مرض " كورونا " لكنها لم تتململ للأسف الشديد.
هنا لابد من الاستدراك لكي ننوه عن العوامل الفاعلة التي تنطلق من حوض بحر اعداء الديمقراطية، وبوجههم الاخر انصار اللادولة، الذين يتحركون بقوة معززة خارجياً ومسنودة اقليمياً، بغية تشديد استمرار نفوذهم واستباحتهم لكل القوانين والقيّم والاعراف.. فهل تعتبر محاولات التحالف ، هذا ان وجدت ، من قبل قوى التغيير، تتناسب مع سير الزمن والانحطاط المتسارع نحو هلاك البلد؟. او بالاحرى هل يتقاطع ويتصدى أو يكافح اسراب الجراد السياسي التي باتت من الجوارح المتكالبة؟