تخوض الولايات المتحدة الامريكية وإيران مفاوضات صعبة من أجل عودة حصان الاتفاق النووي الى حضيرته التي تركتها أمريكا في عهد ترامب الذي أوجع إيران بحزمة من العقوبات التي اثقلت كاهل الشعب الايراني وجعلته يتقلب على نار الفاقة والعوز.

لا شك أن معاناة الشعب الايراني وتحجيم عملية التصدير والاستيراد الايراني تؤثر على العراق بشكل مباشر بسبب العلاقات الاقتصادية المتشعبة بين البلدين الجارين.

والأنكى من ذلك تقليص الفوائد التي بالإمكان جنيها من استيراد الكهرباء من إيران والاستفادة من السياحة الدينية والزيارات المليونية التي تغدق على العراق ملايين الدولارات وتساهم في توفير فرص عمل لآلاف العاطلين عن العمل الذين تتاح لهم امكانية القيام بالأعمال المرتبطة بالسياحة مثل الفندقة والمطاعم والمقاهي وغير ذلك.

الاستيراد والتصدير بين العراق وإيران

يعتمد العراق في سلته الغذائية على الاستيراد من الدول الجارة بسبب انهيار البنية الزراعية الموروثة من عهد الطاغية صدام وحروبه التي أتـت على الاخضر واليابس، وهجرة الفلاحين لاراضيهم الزراعية والانتقال الى المدن للعيش على هامش الحياة والاعتماد على ما تجود به الحكومة من هبات - رواتب، تقاعد، مخصصات ...الخ - وفي أحسن الاحوال الخدمة في الجيش والشرطة والامن بعد أن أصبحت رواتبها مجزية بعد سقوط الطاغية وخلاص البلاد من قبضة الحكم البوليسي البغيض.

         كما انحسرت الصناعات التي كانت في بدايات انتشارها تتشكل من معامل بسيطة ، ومشاغل لصناعات البناء والطرق والجسور والهياكل الحديد وغير ذلك من صناعات اولية تحاول ترسيخ اقدامها في عالم الصناعة الوطنية في العراق ولكنها دُمرت خلال سنوات الحصار والحرب على الخصوص خلال السنوات العشر الاخيرة من نظام الطاغية صدام فاصبح العراق بلا صناعة ولا زراعة ، لذلك لجأ الى الاستيراد ، استيراد مواد البناء والمنتجات الصناعية في جميع الحقول من صناعة البلاستيك الى الحديد والالمنيوم والادوية والمواد الانشائية ...الخ وتقفز ايران هنا أيضا الى الواجهة في كونها السوق الاوفر حظا في تزويد العراق بما يحتاج لقرب مصادر الانتاج وسهولة النقل بين البلدين وطول الحدود المشتركة بين العراق وايران .

الوضع السياسي والارهاب

تمتاز بلدان الشرق الاوسط بممراتها الحيوية التي تربط بين قارتي آسيا واوربا، وتتحكم ممرات مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس بالشريان الحيوي للنقل وتصدير البضائع ومسار ناقلات النفط.

يطل العراق بثغر مشترك مع إيران على الخليج الذي يعد أخطر مـمر في المنطقة تجري من خلاله الاف الناقلات كل عام محملة بالنفط والبضائع المختلفة الى اوربا ودول العالم.

ولكي يؤمن العراق مسار تجارته النفطية وتصديرها، واستيراد ما يحتاج من بضائع، يجب عليه العمل المشترك امنيا وسياسيا مع إيران ودول الخليج الاخرى بحرص كبير على أمن المنطقة والتعاون مع إيران تعاونا جادا ومثمرا.

كما ان استمرار الهجمات الارهابية على مناطق العراق الغربية والشمالية واحتلال داعش لعدة مدن عراقية قبل سنوات قليلة ما زالت تمثل تهديدا خطيرا لأمن العراق يجعل الحاجة الى مساندة إيران امرا لا بد منه لضعف امكانات العراق العسكرية واللوجستية في محاربة الارهاب الذي يكشر عن أنيابه باستمرار على العراق وما أن تهدأ الهجمات تحت ضربات القوات العسكرية حتى تنفجر في منطقة اخرى لتعيد مسلسل احتلال مدن العراق وتهدد كيانه الهش.

لذلك يحتاج العراق الى التعاون الكبير مع إيران للحفاظ على أمنه وسلامة اراضيه.

الخلاصة

إن انهاء المقاطعة الامريكية لإيران والعودة الى الاتفاق النووي الذي وقعت عليه إيران وامريكا في الاتفاق المعروف (دول 5 +1) يعيد حالة السلام الى المنطقة ويستفيد منها العراق استفادة كبيرة، لهذا يجب على العراق دعم وتشجيع العودة الى الاتفاق بأسرع وقت كي يضمن حصوله على مكان تحت الشمس.

عرض مقالات: