لا يخفي على أحد ما تمر بها البلاد من أزمات مستعصية منذ 17 عاما وليومنا هذا بسبب المحاصصة الطائفية والقومية  والتي أدت بالبلاد إلى ما نحن عليه من كوارث على كافة الصًعد سياسية واجتماعية واقتصادية وصحية حيث لا خدمات ولا وصول بل ابعاد الكفاءات النزيهة عن  ادارة ومعالجة تلك المشاكل التي تعصف بالبلاد نحو الهاوية، ومن هنا كانت التظاهرات التي انطلقت منذ 2011 شباط واستمرت ليومنا هذا من أجل استرجاع الوطن من سيطرة الفاسدين، حيث اعترفت كل الكتل السياسية والمسيطرة  خاصة على امور الدولة بوجود فساد مستشر في كل مؤسسات الدولة وفشلها بادارة الدولة.

  وقد انطلقت الاصوات المخلصة في العراق في تبني فكرة عقد مؤتمر وطني يجمع كل الأحزاب السياسية خارج وداخل العملية السياسية ومنظمات المجتمع المدني للوصول إلى حلول للازمات التي تعصف بالبلاد إلى ما لا يُحمد عقباه. وقد قبلت بعض القوى تلك الفكرة شفاهاً لكنها في داخلها ترفض ذلك لأن في ذلك تعريتهم ووضع حد لفسادهم. هذه الدعوة لمؤتمر وطني تبناه الحزب الشيوعي العراقي وارسل المذكرات بهذا الخصوص إلى رئيس الجمهورية وقت ذاك جلال الطالباني لكن الأمر لم يتحرك بسبب عرقلته من قبل الفاسدين، ثم توالت المبادرات منها الجلوس إلى طاولة مستديرة واخرى إلى المصالحة الوطنية  والتي لم تفض إلى حل واخيراً إلى دعوة رئيس الوزراء السيد الكاظمي إلى الحوار يضم الجميع من مع وضد الحكومة للوصول إلى حلول تنقذ البلاد من الهاوية لكن سرعان ما وصلت الاجوبة على الدعوة برفضها ضمنيا بسبب تواجد(قوات امريكية) ولا حوار بوجود قوات أجنبية، كما يقولون وهم من أتوا معها، بالرغم من طلب الحكومة العراقية لهذه القوات بسبب استعادة فلول داعش الاجرامية تحركاتها وقيامها ببعض العمليات العسكرية مما ادى إلى سقوط الشهداء من القوات المسلحة والمدنيين الابرياء. وكتل اخرى رفضت الفكرة اصلاً إذا اشتركت في الحوار فلول (البعث) بعد بث مقابلة هافتة وهابطة لرغد صدام واعتبرت تلك المقابلة، تبريراً، هي رجوع البعث والذي قال عنه اياد علاوي ان لا وجود، حسب علمه، لاي تنظيم بعثي في العراق. واعتقد أن كل ما يدور حول ذلك هو جانب من محاولة تعطيل الانتخابات المبكرة وسحبها للحين انتهاء الدورة الحالية واتت مسألة معقدة اخرى وهي قانون المحكمة الاتحادية وما يدور حول ذلك في محاولة من القوى المسيطرة على السلطة لاقحام الدين في الامر القضائي والذي ينافي ماورد في الدستور لا بل هو تكريس جديد للمحاصصة الطائفية اضافة إلى عدم اقرار الموازنة العامة مما عطّل كل المشاريع المتفق عليها...

كيف يُراد لاقتراح الحوار لكل القوى في العراق ولا يًستثنى أحد منه ان يتحقق في حين أن هناك السلاح المنفلت والقتل والخطف مستمر من قبل مجاميع معروفة، حسب تصريحات أكثر من محلل ومسؤول، دون تدخل الدولة في اظهارها او الاعلان فصاحة عنها؟ كيف تسترك مجاميع مسلحة اشتركت في قتل أكثر من 800 شابة وشاب وجرح الآلاف من المتظاهرين السلميين؟ وحسب المحللين السياسيين أن تلك الأحزاب سوف لن تترك السلطة والتي تدُرّ لهم مليارات الدولارات موزعة بينهم من واردات النفط المهرّب والمنافذ الحدودية واستيراد المواد المنتهية الصلاحية او الممنوعة من دخولها للعراق مثل المخدرات والتي تدر اموالا طائلة لصالح مجاميع ومافيات مختلفة.

التظاهرات السلمية والتي تُجابه بالدُخانيات والرصاص الحي تصر على التغيير حيث أن الاصلاح أصبح من الماضي، وتغلي محافظات الوسط والجنوب بتظاهراتها ويسقط الشباب بسبب افعال قوات الشغب  والملثمين ، ومطالبهم التي لا تلين في ازاحة المحافظين الفاسدين وكشف ومعاقبة قتلة المتظاهرين.ان هذه التظاهرات خلقت جيلاً واعياً  لا ينجر إلى اعادة انتخاب الفاسدين مرة اخرى لسبب بسيط أنهم ، الساسة الفاسدون، خذلوا ناخبيهم خصوصاُ والشعب عموما فأصبحوا خارج المعادلة مهما استعملوا من نفوذ ووظفوا الأموال لخداع الناس مرة اخرى، كما يرى اكثر المحللين السياسيين  والذين يظهرون على الفضائيات يوميا.

عرض مقالات: