وضعنا العراقي، يطرح في أعماقنا أسئلة عديدة نلتمس أحيانا بعض أجوبتها، ولكن أكثرها يبقى بدون أجوبة واضحة ومفهومة، وشافية فتعيدنا إلى طرح أسئلة أخرى.
مثلا ان أحد النواب يقول في مقابلة معه أن التجربة السياسية الحالية غير قابلة للسقوط، ودليله أن انتخابات عام 2018 رغم ما شابها من تزوير وفساد وقلة اقبال تصل الى 20% من مجموع المصوتين، انتجت لنا برلمانا وحكومة، ثم حكومة ثانية.
ويرى الآخر من المسؤولين ان الوضع مستتب حتى وإن كانت هنالك خروقات يومية من قتل واغتيالات من قبل المليشيات المسلحة أو من داعش.
ويعلن البعض جهارا نهارا بأن الفساد والإهمال يزداد في مرافق الدولة، ويعزو السبب إلى تضارب المصالح وصلاحيات الجهات المسؤولة.
أما البرلمان فهو غارق في مشاكل تشريعاته، بسبب مناورات الكتل المهيمنة، وكلما يرتق فتق، يظهر فتق أخر ومنها إقرار ميزانية هذا العام، ومشكلة المضي على منوال ولاية الفقيه عبر ادخال فقهاء الدين بصلاحيات كاملة ضمن المحكمة العليا الاتحادية.
وتبشرنا وزارة التخطيط أن معدلات الفقر انخفضت الى 25% في البلاد، أي أن عدد الفقراء كما تقول المتحدث باسم الوزارة وصل إلى أقل من عشرة ملايين شخص!
أما عدد الذين يموتون جوعا أو الذين يبحثون بالمزابل عن لقمة تسد رمقهم يجري التغاضي عنهم، كما أن الحصة التموينية تتقلص مفرداتها وتتراجع يوما بعد يوم.
والحكومة تبدو مثل المرأة المغلوبة على أمرها، فصلاحيات الأمن اخذته المليشيات المارقة، وإقرار الموازنة بيد البرلمان أذ أصبحت مثل طير أسير في يد طفل. واعمالها ترتطم بجدار صلد من القوى المتنفذة، وهي لا تملك غير الوعود للشارع المنتفض الداعي للتغيير.
فمن هذه اللوحة السوداء تبرز الأسئلة، ولكننا نعي أن العملية السياسية تتجه الى طريق مسدود أكثر فأكثر، مالم تتحرر من الدولة العميقة وقوى اللادولة، وبالتأكيد هو صراع ضار، وهو يشبه الجبل الجليدي لا يظهر منه إلا القليل. وما على القوى المطالبة بدولة مدنية عادلة ذات توجه ديمقراطي سياسي واجتماعي، سوى توحيد صفوفها أمام غول الفساد والإرهاب والتعسف، وتعلن طلاقها الرسمي عنه.