مرة كنت في زيارة لبلد عربي، وقبل جلوسي في المقهى، اشتريت إحدى صحفه المحلية، وجدت في إحدى المقالات، خارطة لإحدى مدنه الضخمة، مقسمة إلى مناطق وبعضها مظلل بالسواد. فسحبني المقال لمطالعته، وتعجبت أن الكاتب يحذر من دخول هذه المناطق المظللة وخصوصا في الليل، فلا سلامة للإنسان فيها من عصابات مارقة تعيث بالأرض فاسدا. فحمدت ربي، لأني لم أذهب، فقد كنت راغبا في زيارة هذه المناطق.

نسيت الأمر، الى أن أعادني تصريح النائب جواد الموسوي وهو يحذر من الإنفلات الأمني في مدنية الصدر.

وأشار الى أن (مراكز الشرطة في مدينة الصدر ليست قادرة على منع الجريمة ولا تستطيع تنفيذ أي امر بإلقاء القبض وفق ابسط مادة قانونية وتتعرض للدكات العشائرية في بعض الأحيان).

ولفت الموسوي إلى (21 دورية نجدة من أصل 35 دورية في قاطع نجدة مدينة الصدر تعمل خارج المدينة وإثنان منها في باب منزل مدير النجدة العام)

وأضاف أن (75% من التقاطعات والمناطق المهمة في مدينة الصدر من دون كاميرات مراقبة والكثير منها متوقف أو عاطل عن العمل).

 وهذا يعني أن بغداد وربما المحافظات ستقسم الى مناطق آمنة وأخرى مظللة بالسواد.  وذلك بفضل السلاح المنفلت خارج نطاق السلطة.

فمدينة (الثورة) التي غير إلى (الصدر) هي والمناطق التابعة لها من العشوائيات  التي يسكنها حوالي نصف سكان بغداد، تعد كارثة حقيقية إن صعب حفظ الأمن فيها، كما أن مناطق أخرى في بغداد أو المحافظات هي الأخرى، تنتشر فيها عصابات السلاح المنفلت والجريمة المنظمة لتنفيذ الاغتيالات ليس في حق الفاسدين، كما يقول أصحابها، بل لاغتصاب حياة الناشطين من المدنيين وكذلك  المبدعين في المجالات المختلفة، ولن يكون أخرها الهجوم على مقر الحزب الشيوعي العراقي في النجف.     

 

ومعروف أيضا أن المواطنين هم الأخرون، يقسمون إلى مقربين إلى أحزاب سلطة ينعمون بخيرات النهب والسرقات وإلى مواطنين وهم الأكثرية، دونهم رغيف الخبز والخدمات وأدنى حد من العيش الإنساني.

وزير الصناعة ذكر أن حيتان الفساد تستورد بضائع ويجري تحوير بعضها ويتم طرحها كمنتجات مصنعة في العراق ويجري تسويقها. كما أن عصابات التهريب مستمرة في تهريب (السكراب)، مسببة الضرر لمصنع الحديد والصلب الذي يعمل على تدوير هذه المواد.

 والغريب أن فاسدي أمراء الطوائف، إذا أحيلوا إلى المحاكم فأنهم يحصلون، إذا لم يهربوا، على عقوبات مخففة وغرامات مضحكة لا تتناسب مع المليارات التي سرقوها، كما حصل مع المدان رئيس هيئة التقاعد.

أما الفقراء، فيوضع عليهم الحد، بحق أو بدونه لا لسبب، فقط، كونهم من المغضوب عليهم، من لدن محاكم تفتيش الخضراء. ومن طرائف الأمور، أن تفرض نقابة العمال في البصرة رسوما (خاوات) على عمال المسطر الذين يحصلون في أحسن الأحوال على عمل، بين يوم وأخر، وبأجور متدنية، وهم أكثر الفئات المهمشة فقرا!

 وجرى في الفترة الأخيرة هجوم غير متوقع على معاشات المتقاعدين، وذلك باستقطاعات تصل الى 200000الف دينار. وبعد أن اثارت الفضائيات الأمر، وفضحت السرقة، تنكرت الجهات المسؤولة وعزتها إلى أخطاء فنية. فمن هو المسؤول؟ لا أحد يعلم ما دام حكم (قرقوش) هو الحاكم.

أبيض أو اسود، -نحن البيادق- التي يريدون امراء الفساد اللعب بها كي يتحكموا بمصائرنا.  فمتى نكون اللاعبين ونجيد اللعبة، ونقول لهم (كش ملك)!

عرض مقالات: