تتساءل الناس وبخاصة الفقراء عن أي اجواء يراد فيها إجراء الانتخابات .؟ حقاً أن مناخ السياسة في العراق بمختلف اصوله وفصوله، ظل ملبداً باثقال عكرة. ليس من اليسير تفكيك مكنوناته، إلا أن المنتفضين المقيمين بالشوارع وقبالة ابواب " الخضراء " واخواتها من قلاع السلطة. القابضات على القرار السياسي، لم يتوانوا عن قرع أجراس التنبيه والتحذير.. حيث أعتصموا رافسين اسفلت الارصفة باقدام راسخة متحدية عسف دوريات جندرمة الحكم. التي تعبر عن المنهج البربري للطغمة المتسلطة الذي تمارسه ضد المطالبين بحقوقهم المسروقة، لكونها لا تعرف غير لغة القمع الذي تجلى انموذجه القبيح بما جرى لاصحاب الشهادات العليا..

             ما زالت نافذة الانتخابات تتعرض إلى ستائر معتمة. إلا أنه يلمس ثمة سعي شرس يجري لغلقها لأجل غير مسمى، لاشك أن مبعثه هم الذين يخشون ارادة الجماهير التي تعهدت على قلع الفاسدين.. إذا ما جرى تطبيق قانون انتخابي عادل وبنزاهة خالصة وضمان حرية الاقتراع، نحو عملية تشكيل برلمان جديد. ومع كل ما تقدم من اشارات فلم تكن وحدها لتشكل العامل المحبط. انما الفعل الاكثر تأثيراً من غيره في عدم استثمار الوسيلة الوحيدة المتاحة امام شعبنا للتغيير " عملية الاقتراع " هو تراخي قوى الحراك الجماهيري، وافتقارها للبلورة وللرصانة و لـ "رأس النفيضة " القائد. سواء كان حزباً ام جبهة او ما تقتضيه ارادة اوسع الجماهير صاحبة القضية.

            ان جماهير النهوض لتغيير الواقع المرير تشكل الاغلبية. ويمكن الاشارة إلى اقرب معيار لتأكيد ذلك هو80% من عدد الناخبين الذين لم يشاركوا بالتصويت. غير أنهم  للاسف الشديد، يبدون قليلي الحيلة والتدبير وغير متهيئين لخوض المزاحمة مع ديناصورات الفساد، وبخاصة اذا ما بقوا في وضعهم المبعثر الحالي. لكونهم فاقدين للثقة في بعضهم البعض، وكذلك لم تتوفر لدى بعضهم الحصانة من الانتهاك. ومن الاستدراج واغراءات القوى المتنفذة وبخاصة للاجنحة الضعيفة التي باتت فريسة سهلة. ويستهدفها ذلك على وجه التعيّن من قبل خصومها الذين يتأبطونة لها شراً. لقد شهدنا ما جرى متجلياً في هرولة البعض إلى صفقة المقايضة. التي عرّفت بمعادلة رفع خيام الاعتصام مقابل بعض الوظائف، ربما تكون وهمية وغير صادقة، التي قدمتها حكومة عبد المهدي وتماثلت معها حكومة الكاظمي ايضاً، التي لعبت على ذات الحبل الوسخ.

            هنالك ثمة فقاعات سياسية تطفح على سطح حركة التحالفات الانتخابية جديرة بالمعاينة. أبرزها البعض من الاحزاب التي تشكلت مؤخراً، حيث تبدو بأوزان هوائية. هذا وناهيك عن كون حقيقتها عبارة عن تشكيلات بديلة لمنظمات السلطة. او صُنعت لتؤدي دور المناوبة في الاداء عن سلفها الكيانات التي عجزت عن مواجهة الجماهير الغاضبة.  ولا يفوتنا ان نشير إلى مفارقات ايضاً، صار اغلبها يتمظهر باسم مدني وديمقراطي" للكشر " ويرفع شعار مكافحة الفساد، متناسياً فشلهم وفسادهم الذي يزكم الانوف.. !!

            لاينبغي بعد هذا المجرى الوحل الملوث، أن نخدع انفسنا ونعود إلى التعلق بأمل الانتخابات، التي يعوّل عليها كطوق نجاة من الطوفان المتوقع.. لكون سيول الكارثة جارفة ومتدفقة ومسندة اقليمياً. وهذا ما يراد له ان يبقى إلى ما لا نهاية. من قبل الكيانات المتنفذة الماسكة بزمام السلطة.. غير ان التعويل كل التعويل على قوى التغيير وحراك الشارع الذي هو الكفيل بازاحة الطغمة الباغية. اذا ما احسن الاداء السياسي والتمحور الصلب لقوى انتفاضة تشرين الطليعية واحزابها التاريخية ذات الباع الطويل بالعمل السياسي والنضال الوطني، حول برنامج التغيير المدني الديمقراطي ومن ثم  يمكن خوض الانتخابات.

عرض مقالات: