اعتباراً من أواخر فبراير، لن يُسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى المنشآت النووية الإيرانية إذا لم يتم تلبية مطالب إيران.

في بداية العام توقع كل طرف هجوما معاديا. ومع ذلك، لم تتخذ إيران إجراءات فعالة عندما شنت إسرائيل في الثالث عشر من كانون الثاني غارات جوية على الأراضي السورية في منطقة دير الزور وعلى الحدود بين سوريا والعراق. ونتيجة لذلك، قُتل أكثر من مائة شخص، جنود عراقيون وسوريون. وفي الحادي والعشرين من كانون الثاني، قصف سلاح الجو الإسرائيلي سوريا مرة أخرى، مبرراً هجماته بأنها "إجراءات وقائية" ضد إيران.

 

ثم أعلن مسؤولون إسرائيليون إنهم سيهاجمون إيران إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات أو خففتها، وطلبوا من واشنطن الإبلاغ في أقرب وقت ممكن عن الإجراءات التي توشك الإدارة الجديدة على اتخاذها ضد إيران.

في الحادي والثلاثين من كانون الثاني، قام وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس بزيارة مقر ما يسمى بالوحدات العميقة. لقد تم إنشاء هذه القوات الخاصة من قبل غانتس في عام 2012، عندما كان رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي. وتم تصميم الفيلق للقيام بعمليات خارج حدود إسرائيل، وعادة ما تكون سرية. وتأتي زيارة وزير الدفاع بعد أن أعلن القائد العام للقوات المسلحة أفيف كوخافي أنه أعطى الأمر بالبدء في إعداد خطة جديدة لضرب المنشآت النووية الإيرانية.

كما التقى بيني غانتس رئيس القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال كينيث ماكنزي، الذي وصل إلى إسرائيل. وقبل أيام قليلة من مغادرته الرئاسة، وقع دونالد ترامب على مرسوم نقل بموجبه إسرائيل إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية (كانت إسرائيل في السابق في منطقة مسؤولية القيادة الأوروبية).

وقد تسريت معلومات إلى الإعلام مفادها إن رئيس الموساد، يوسي كوهين، سيتوجه قريباً إلى واشنطن للقاء جو بايدن ونقل وجهات نظر إسرائيل بشأن "الاتفاق النووي" مع إيران، الذي تريد الإدارة الأمريكية الجديدة العودة إليه. كما تخشى إسرائيل من انجازات طهران في مجال تطوير الصواريخ ونشاط بعض فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني ودمشق.

يمكن أن يكون الحدث الأخير في الهند حجة إضافية لصالح ضرب إيران. ففي التاسع والعشرين من كانون الثاني وقع انفجار بالقرب من السفارة الإسرائيلية في نيودلهي. على الرغم من عدم إصابة أي شخص في الحادث ، إلاّ أنه تم تصنيفه كهجوم إرهابي، وانضم الموساد إلى التحقيق. وبدأت الشرطة الهندية، بناء على طلب السلطات الإسرائيلية، في اعتقال مواطنين إيرانيين. وأعلن التنظيم المحلي المتطرف "جيش الهند" مسؤوليته عن التفجير. وقيل في إسرائيل إلى أنه على علاقة بإيران. وينسب المسؤولون الإسرائيليون جميع الحوادث من هذا النوع تقريباً تلقائياً إلى إيران أو حزب الله.

لكن ما هو احتمال قيام إسرائيل بالهجوم على إيران؟

لدى إسرائيل بعض الخبرة في هذا الصدد. ففي عام 1981، هاجم الإسرائيليون العراق، وفي عام 2007 على سوريا. ونُفذت هذه الهجمات في إطار "عقيدة بيغن" التي تنص على ألا تسمح إسرائيل لدولة معادية بامتلاك أسلحة نووية.

من الناحية الفنية، يمكن لإسرائيل استخدام المجال الجوي للمملكة العربية السعودية للهجوم، والذي سمح مؤخراً لها بالقيام بذلك بموجب "اتفاق إبراهيم". وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للطائرات الإسرائيلية المرور عبر شمال العراق، حيث توجد قاعدة القوات الجوية الأمريكية في أربيل (كردستان العراق). وتتمتع حكومة الإقليم الكردية تاريخياً بعلاقات وثيقة مع إسرائيل. ودعمت تل أبيب الأكراد منذ انتفاضة مصطفى بارزاني عام 1961.

لكن الوضع السياسي في إسرائيل نفسه صعب. فمن المقرر إجراء انتخابات الكنيست في الخامس والعشرين من آذار القادم، ومن غير المرجح أن يتزامن اندلاع الأعمال العدائية مع حملة الانتخابات.

أما بالنسبة للإيرانيين، فإنهم يتوقعون عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني في إطار الاتفاقات التي تم التوصل إليها في عهد باراك أوباما، فضلاً عن إمكانية رفع العقوبات ضد إيران. في كانون الثاني، أعلنت جمهورية إيران الإسلامية رسمياً أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪. بالإضافة إلى ذلك، واعتباراً من نهاية شباط، لن يُسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى المنشآت النووية الإيرانية إذا لم يتم تلبية مطالب إيران.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* رئيس تحرير المركز التحليلي الروسي، والمدير العام لصندوق رصد وتوقع تطور المساحات الثقافية والإقليمية، ورئيس إدارة الحركة الدولية الأوراسية. مؤلف كتاب صوب الجيوبوليتيك" و"الحرب المحورية الشبكية، مقدمة للمفهوم" و "من الشريف إلى الإرهابي، المنهج الجيوسياسي للولايات المتحدة" و "النفسية الأثنية" و"الأساليب المحورية في إدارة الدولة" و" الوسائل الجديدة في خوض الحرب، وكيف تبني الولايات المتحدة إمبراطوريتها" و"إحياء عالم متعدد الأقطاب".

 

عرض مقالات: